Risalah-risalah Ikhwān aṣ-Ṣafā’ dan Sahabat-sahabat Kesetiaan
رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء
Genre-genre
فهذا شرح مساحة العرض والطول، فأما مساحة العمق فهو أن تضرب الطول في العرض فما اجتمع من ذلك فاضربه في العمق وما يجتمع فهو تكسير المجسم والحاجة إلى هذا العمل عند حفر الأنهار والآبار والحفائر والبريدات والمسنيات والأساسات للديار والبنيان، وما شاكل ذلك.
ثم اعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أنه قد تدخل الشبه في كل صناعة علمية على من يتعاطاها وليس من أهلها وكان ناقصا فيها أو ساهيا عنها، مثال ذلك ما ذكروا أن رجلا باع من رجل آخر قطعة أرض بألف درهم على أن طولها مائة ذراع وعرضها مائة ذراع، ثم قال له: خذ مني عوضا عنها قطعتين من أرض كل واحدة منهما طولها خمسون ذراعا وعرضها خمسون ذراعا، وتوهم أن ذلك حقه فتحا كما إلى قاض غير مهندس فقضى بمثل ذلك خطأ ثم تحاكما إلى حاكم من أهل الصناعة فحكم بأن ذلك نصف حقه، وهكذا أيضا ذكر أن رجلا استأجر رجلا على أن يحفر له بركة طولها أربع أذرع في عرض أربع أذرع في عمق أربع أذرع بثمانية دراهم، فحفر له ذراعين في ذراعين طولا وعرضا وعمقا، فطالبه بأربعة دراهم نصف الأجرة فتنازعا وتحاكما إلى مفت غير مهندس، فحكم بأن ذلك حقه ثم تحاكما إلى أهل الصناعة فحكموا له بدرهم واحد، وقيل لرجل يتعاطى الحساب ولم يكن من أهله: كم نسبة ألف ألف إلى ألف ألف ألف؟ فقال: ثلثان، فقال أهل الصناعة: إنه عشر عشر العشر، فعلى هذا المثال تدخل الشبهة على كل من يتعاطى صناعة وليس من أهلها ومن أجل هذا قيل: استعينوا على كل صنعة بأهلها.
(12) فصل في حاجة الإنسان إلى التعاون
اعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، بأن الإنسان الواحد لا يقدر أن يعيش وحده إلا عيشا نكدا؛ لأنه محتاج إلى طيب العيش من إحكام صنائع شتى ولا يمكن الإنسان الواحد أن يبلغها كلها؛ لأن العمر قصير والصنائع كثيرة، فمن أجل هذا اجتمع في كل مدينة أو قرية أناس كثيرون لمعاونة بعضهم بعضا، وقد أوجبت الحكمة الإلهية والعناية الربانية بأن يشتغل جماعة منهم بإحكام الصنائع وجماعة في التجارات وجماعة بإحكام البنيان وجماعة بتدبير السياسات وجماعة بإحكام العلوم وتعليمها وجماعة بالخدمة للجميع والسعي في حوائجهم؛ لأن مثلهم في ذلك كمثل إخوة من أب واحد في منزل واحد متعاونين في أمر معيشتهم كل منهم في وجه منها، فأما ما اصطلحوا عليه من الكيل والوزن والثمن والأجرة فإن ذلك حكمة وسياسة ليكون حثا لهم على الاجتهاد في أعمالهم وصنائعهم ومعاوناتهم حتى يستحق كل إنسان من الأجرة بحسب اجتهاده في العمل ونشاطه في الصنائع.
واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أنه ينبغي لك أن تتيقن بأنك لا تقدر أن تنجو وحدك مما وقعت فيه من محنة هذه الدنيا وآفاتها بالجناية التي كانت من أبينا آدم عليه السلام؛ لأنك محتاج في نجاتك وتخلصك من هذه الدنيا التي هي من عالم الكون والفساد ومن عذاب جهنم وجوار الشياطين وجنود إبليس أجمعين والصعود إلى عالم الأفلاك وسعة السماوات ومسكن العليين وجوار ملائكة الرحمن المقربين إلى معاونة إخوان لك نصحاء وأصدقاء لك فضلاء متبصرين بأمر الدين علماء بحقائق الأمور ليعرفوك طرائق الآخرة وكيفية الوصول إليها والنجاة من الورطة التي وقعنا فيها كلنا بجناية أبينا آدم عليه السلام فاعتبر بحديث الحمامة المطوقة المذكورة في كتاب «كليلة ودمنة» وكيف نجت من الشبكة لتعلم حقيقة ما قلنا.
واعلم أن الحكماء إذا ضربوا مثلا لأمور الدنيا فإنما غرضهم منه أمور الآخرة والإشارة إليها بضروب الأمثال بحسب ما تحتمل عقول الناس في كل مكان وزمان.
(13) فصل في الهندسة العقلية
وإذ قد ذكرنا طرفا من الهندسة الحسية شبه المدخل والمقدمات فنريد أن نذكر طرفا من الهندسة العقلية؛ إذ كانت هي أحد أغراض الحكماء الراسخين في العلوم الإلهية المرتاضين بالرياضات الفلسفية، وذلك أن غرضهم في تقديم الهندسة بعد علم العدد هو تخريج المتعلمين من المحسوسات إلى المعقولات وترقيتهم لتلاميذهم وأولادهم من الأمور الجسمانية إلى الأمور الروحانية.
فاعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن النظر في الهندسة الحسية يؤدي إلى الحذق في الصنائع العملية كلها، والنظر في الهندسة العقلية يؤدي إلى الحذق في الصنائع العلمية؛ لأن هذا العلم هو أحد الأبواب التي تؤدي إلى معرفة جوهر النفس التي هي جذر العلوم وعنصر الحكمة وأصل الصنائع العلمية والعملية جميعا؛ أعني معرفة جوهر النفس، فاعلم جميع ما قلنا.
فصل
Halaman tidak diketahui