فقال أبو خولة «إن خولة جارية بين يدي مولانا الأمير وما يرضاه لها لا مندوحة لها عنه وإنا وهي طوع إرادته».
الفصل الثالث والثمانون
تتمة الحديث
واستولى السكون على تلك الجلسة لحظة ثم التفت عمرو إلى عبد الله فقال «وقد كنت أظنكما اثنين جئتما معا إلى الفسطاط ولكنني لم أر سواك».
ولم يتم عمر كلامه حتى علت البغتة على وجه عبد الله ونظر إلى عمرو قائلا «وهذا هو الأمر الذي شغل بالي في أثناء حديث مولاي. إن رفيقي هو ابن عمي بل هو أخي وقد كلفت برعايته جئنا معا إلى هذه المدينة ولكنني يممت عين شمس وحدي وتركته في المسجد على أن استطلع المكان وأعود إليه فقبضوا علي ولم أعد أعرف شيئا عنه إلى الآن فهل عثر أحد من الشرطة عليه فقتلوه».
قال عمرو «لم أسمع عنه شيئا ولا أخبرني أحد بخبره والظاهر أنه نجا بنفسه لما سمع بما وقع لكم في ذلك الاجتماع».
فاطمأن بال عبد الله على سعيد ولكنه ظل مشتاقا لاستطلاع حقيقة حاله. فود لو أنه يسير حالا إلى الكوفة فيستطلع كل شيء ويتحقق ما وقع للإمام علي ولكنه خجل من إبداء رأيه وهو في مجلس عمرو فكيف يتظاهر برغبته في شؤون علي مع علمه بما بينهما من المنافسة. فرأى أن يجعل السبب في إسراعه البحث عن ابن عمه فقال «لقد أوضحت لمولاي ما أنا فيه من انشغال البال على ابن عمي هذا فهل يأذن لي الأمير بالانصراف إلى الكوفة استطلع حاله ثم أعود وأكون في خدمتك إلى الممات فقد أوليتني جميلا لا أنساه لك».
قال عمرو «ويكون ذلك بعد كتابة الكتاب. فإذا عقدنا لك على خولة وصرت من أصهارنا سر إلى حيث شئت».
وكان عمرو لفرط دهائه وحسن سياسته قد أدرك أن رجلا حرا صادقا مثل عبد الله لا يفرط فيه. لأنه إذا أخلص الخدمة كان نفعه عظيما. فلم ير لتقييد قلبه خيرا من أن يبادئه بالجميل وأن يزوجه بنت صاحبه وهو يحسب خولة على دعوته فإذا كانت هي زوجته حببت إليه الرجوع إلى حزب الأمويين لاسيما وهو لا يعلم بعد هل نجح ابن ملجم بمهمته في الكوفة أم لا. فلما اقترح على عبد الله كتابة الكتاب قبل السفر قبل عبد الله وأطاع فضرب عمرو أجلا لذلك أسبوعا وقال «فتقيم عندنا في أثناء ذلك ضيفا كريما فإذا آن الزمن عقدنا لك على خولة ثم تنصرف للبحث عن ابن عمك».
فوقف عبد الله ثم جثا بين يدي عمرو يهم بتقبيل يده وقال «لقد غمرتني بفضلك فما أنا مستطيع الشكر على نعمتك» والتمس الخروج فأذن له.
Halaman tidak diketahui