مر ليس ببعيد عنه ثعبان ضخم، انزلق نحو البحيرة، سحليتان تتخاصبان قرب رجله، قرد صغير تسلق الشجرة التي يجلس تحتها الآن، لكنه لا يلاحظ شيئا. ثم قفزتا في لحظة واحدة بحركة رياضية ومن على ساق مهوقني مرمري على الشاطئ، قفزتا في الماء، تطاير الماء في الهواء كأنه ذعر مفاجئ بهما، هكذا تحول سطح البحيرة من هدوء ساكن إلى أمواج دائرية كبيرة، رشاش ماء، ضجيج، ضرب أكف وأقدام، الفتاتان الجنيتان كانتا أمهر مما رأى من سباحين، مثل دلفينين مسحورين تلعبان في الماء بكرة ويبدو أنها ثمرة لشجرة ما، ثم غطستا في الماء معا.
ثم خرجتا معا، ثم غطستا، ثم خرجتا.
جلستا على رمل الشاطئ تستجمعان أنفاسهما قبل أن تشرعان في غناء بهيج، قبل أن تلتقطان بعض العصي الناشفة من تحت الأشجار، ترصانها على عودين كبيرين تمكنتا بعد جهد من جرهما إلى الماء، أبقتا نهايتهما على الرمال، ثم أخذت الفتاة المترجمة اثنتين من العصي، أخذت تطرق بهما على بقية العصي المرصوصة، على العودين الكبيرين المنطرحين على الرمل والماء.
في هذا الحين فقط أحس بخطورة المسألة حين سماعه لهذا الإيقاع المجنون، وقبل أن يفيق إذا بالفتاة البيضاء ترقص، في البدء كانت تتحرك في هدوء، تثني وسطها مع الإبقاء على الرجلين ثابتتين على الرمال، الاحتفاظ بالصدر ساكنا. في الحق بهذه الرقصة البسيطة المعقدة أثارت فيه غرائز أقل ما يمكن أن توصف به أنها غرائز جنسية ...
الدليل العملي على ذلك انتعاظ مفعاله بلذة مصحوبة بحرقان طفيف. قبل أن يفيق انتقلت الراقصة البيضاء إلى مرحلة أخرى، مرحلة أكثر عمقا ومأساة، حينما أخذت عنقها ناحية اليسار قليلا، اندلق شعرها الأشقر على نهدها الأيسر ذي الحلمة الكبيرة الصفراء في ذات اللحظة التي ارتعشت فيها قدمها اليمنى في انفعال، ترتكز على مقدمة أناملها محركة الجانب الأعلى من فخذها مع حركة إيقاعية للصدر كله، استمرت على هذا الحال ثواني معدودات، أو خيل إليه ذلك، ثم عادت، حركت الوسط فقط، فقط، ثم خلطت بين الحركات؛ الوسط، الفخذ، الصدر، وعلى حين غرة غيرت الفتاة المترجمة الإيقاع؛ أسرع، أخف، أرقص، أمتع، أصوف.
يا إلهي!
يا مالك الملك!
كان يمسك بيديه درويشان، يدوران به في مدار حلزوني عكس اتجاه دوران الأرض والقمر والشمس، عكس انطلاق المجرة كلها في فلكها غير المتناهي.
كانت جلابيبهم المتسعة الرقيعة الصفراء الحمراء البيضاء السوداء الخضراء تزأر وهي تعض الريح هنا وهناك، ومن السماء مباشرة حيث يصعد نشيد الدرويشين تسقط أناشيد هي عصارة أنوثة كل بنيات الدنيا، السابقات، الحاضرات، الآتيات بمشيئة الله.
يدور الجسد الشهي المنقوط من السماء.
Halaman tidak diketahui