Lelaki dan Wanita dalam Warisan Rakyat
الرجل والمرأة في التراث الشعبي
Genre-genre
مقدمة
الذاكرة الشعبية الجماعية الفولكلورية
الأسطورة في الأدب الشعبي
بلقيس ملكة سبأ العربية
حسن ونعيمة وشفيقة وزليخة لدى كل الشعوب
مسرح مندثر للنساء فقط
موال العشق الخصيب الأخضر
أمراض الحب والعشق
البالاد ... وأمراض العشق
التمثيل بالشخصيات التاريخية والأسطورية
Halaman tidak diketahui
ممارسات وأغاني الزواج والإنجاب
التابو وظواهر العرس العربي المختلط
نصوص أغاني الزواج والإنجاب
مقدمة
الذاكرة الشعبية الجماعية الفولكلورية
الأسطورة في الأدب الشعبي
بلقيس ملكة سبأ العربية
حسن ونعيمة وشفيقة وزليخة لدى كل الشعوب
مسرح مندثر للنساء فقط
موال العشق الخصيب الأخضر
Halaman tidak diketahui
أمراض الحب والعشق
البالاد ... وأمراض العشق
التمثيل بالشخصيات التاريخية والأسطورية
ممارسات وأغاني الزواج والإنجاب
التابو وظواهر العرس العربي المختلط
نصوص أغاني الزواج والإنجاب
الرجل والمرأة في التراث الشعبي
الرجل والمرأة في التراث الشعبي
تأليف
شوقي عبد الحكيم
Halaman tidak diketahui
مقدمة
هناك أكثر من تناول للنظر إلى الفولكلور أو تراثنا الشعبي العربي بما يشمله من مأثورات قد تكون أشعارا شعبية ... مواويل حمراء أو خضراء - دنيوية - أو أشعارا غنائية نمطية ذات ملمح جمعي تشارك فيها الجوقة والمغنيون الانفراديون، وهو الملمح الغالب لدى الشعوب وكيانات الجزيرة العربية شمالا وجنوبا، والمعروف بالشعر النبطي، بالإضافة للحكاية الشعبية وأنماطها، وتركة السير والملاحم التي تشكل وجدانا متوحدا لأمتنا من المحيط إلى الخليج، والذي قد يصل طول بعضها إلى عشرات الآلاف من الصفحات للهلالية، والزير سالم، والملوك التباعنة، وحمزة العرب، والأميرة ذات الهمة ... وهكذا.
وطبعا لا يقتصر أمر المأثورات الشعبية العربية على الأدبيات والفنون القولية والتعبيرية من رقص وموسيقى ومسرح مرتجل وإنشاد شعائري، بل هو يشمل الصناعات والحرف التقليدية من الإبرة حتى الصاروخ، ما بين معمار، وأزياء، وصدفيات، ومعادن، وسجاد يدوي، وزجاج، وسيراميك، وفخاريات ... إلخ.
وما يهمنا في تركة الأسلاف المتوارثة هذه، والتي لا تغفل أي ممارسة جمعية يومية حتى المطبخ وتاريخه من النيئ إلى المطبوخ، وما يهمنا هو الممارسات والسلوك اليومي تحت تأثير العادة والتوارث؛ أي: ما زال يواصل توالده الذاتي من أنماط وقنوات تراثنا العربي المتواتر منذ عصور ما قبل العلم والعقل، وأخطاره الجسيمة على بلداننا وكياناتنا العربية ... والذين يتعامون عن مدى الأخطار التي قد تقودنا، ويعرضنا لها تراث ما قبل العالم هذا، وهو التراث الذي لم تنكسر شوكته، بل لم يصبه ويعتره التغيير والتفهم الواقعي - كبناء من المتناقضات بالقدر الذي يسمح بحل أحجبته وطلاسمه، وبالقدر - حتى - المتوائم أو التقارب مع تغيير علاقات الإنتاج الذي اعترى عالمنا، ولعل أبسطها التحول البترولي الرأسمالي الذي لا يستقيم أبدا مع محاولات طبع الماضي على الحاضر، خلال سريان عمليات الخداع للحفاظ على ما يسمونه على أحسن الفروض دعاة الجبرية التاريخية والتراثية بروح التاريخ، والذي ليس في حقيقته سوى روح هؤلاء السادة أنفسهم، وإذا ما كانت الإنسانية التي نحن جزء من حركتها العامة خاضعة تماما لقانون تطورها العقلي، ولهذا حققت انتقالاتها من الفكر اللاهوتي - الطوطمي - إلى الفكر الميتافيزيقي الفلسفي، ثم من الفكر الميتافيزيقي إلى الفكر الوضعي؛ طمعا في تحقيق أقصى منفعة ممكنة.
وعلى هذا يصبح من المفيد إعادة تفهم واقعنا، والوقوف على حقيقة متناقضاتنا بنفس النهج الذي حققته المجتمعات الصناعية، وما فوق الصناعية، دون الإغراق في صدى الماضي والحاضر وسحره، وجاذبيته الخارقة ممثلا في الموروثات والممارسات والمقولات الفولكلورية والأساطير، أو بمعنى تأصيل الحاضر بخلفية الماضي حيث مولد الحضارات المصرية الفرعونية والمصرية العربية ... ولقد كانت العلاقة الحيائية الأولى من الرجل والمرأة هي صناعة الحياة نفسها وتطورها.
ومن هنا كانت نظرة التراث الشعبي إلى الحب والعشق والزواج والإنجاب ...
نظرة بسيطة وصادقة ومعبرة، وبعيدة عن التعقيدات الشكلية والمصطنعة ...
الذاكرة الشعبية الجماعية الفولكلورية
لا خلاف على أن الذاكرة الشعبية الجماعية هي ما حفظت لنا هذا التراث المتواتر منذ طفولة البشرية الأولى، وهو الفولكلور. وللذاكرة الشعبية - تحت تأثير العادة والتوارث - حضورها وإعجازها لمن خبر التعامل معها؛ ذلك أنها مخزون متواتر الحلقات، تحفظ أدق دقائق شعائر وممارسات الولادة والموت الأولى إلى أيامنا، بنفس درجة حفظها لما يصاحب التنفس والتثاؤب، وكل ما يتصل ويصاحب الانتقال من النيئ إلى المطبوخ بالنسبة لمطبخ البخار المصري، كذلك فهي ذاتها الذاكرة الشعبية أو الشفهية التي أسهمت في الكشف عن الكثير من تراث البشرية التاريخي أو الحفري الأركيولوجي، وما من مكتشف أثري - مثلا - لم يستهد ويستفد من مخزون الحكايات الشعبية، والحواديت وفابيولات الكنوز - المقابر - المدفونة، وعالم ما تحت الأرض، منذ د. فلاندوز بيتري الذي دأب على تأكيد أن هذه الخرافات التي كانت يجمعها ويستمع إليها من فلاحي الفيوم والدلتا قادته إلى اكتشاف كنوز من الآلاف المؤلفة من البرديات الأدبية والفولكلورية والتاريخية التي ينظر إليها اليوم بكل تقدير. والشيء نفسه أشار إليه ماريت، وماسبيرو، وكارتر مكتشف عصر توت عنخ أمون، وغيرهم من الرواد الأثريين الذين عملوا في حفائر ومكتشفات العالم العربي، خاصة بسوريا والعراق، أمثال: كلوديوس ريش، وسيد هنري لايارد، اللذين استفادا من ألف ليلة وليلة، والنصوص الشفهية لفلاحي العراق في مناطق أو مديريات الموصل، وجلجاميش، وتمرود، وبقية رحاب العراق.
فللذاكرة الشعبية الجماعية، أو الذاكرة الفولكلورية قدراتها وإعجازها الذي لمسته وأنا أواصل جمع شفاهيات منطقة الفيوم وبني سويف وبعض قرى المنيا والجيزة، جعلتني في النهاية أعتقد - إلى حد كبير - في الذاكرة الشعبية كعملية جدلية عقلية، تتكامل فيها عقول أجيال طولا وعرضا، أو زمانا ومكانا، وتكاد أن لا تفقد شيئا أو تفتقده من مخزونها الجمعي.
Halaman tidak diketahui
ومن هذا المدخل يمكن القول بأن لا شيء مفتقد، بل إن المفتقد - تاريخيا أو أركيولوجيا - يمكن استجلاؤه والتحقق منه عن طريق الذاكرة الشعبية، عن طريق دأب البحث في جمع المواد الفولكلورية، أو متنوعات وعينات وعبارات الأيتم، أو النمط الواحد أو العنصر، مهما كان موضوع البحث جانبا أو ضئيلا.
وإذا كان من الصعب علينا اليوم في أيامنا هذه تقبل حقيقة أن بلداننا العربية مصابة بأعلى معدلات للأمية على رقعة العالم أجمع، فلنا أن نتصور ما كانته أيام الجاهلية الأولى والثانية - 3 آلاف عام ق.م - ومن هنا كان الانتشار الشديد - لعادة أو شعيرة - للحفظ والتحفيظ، والاعتماد على الذاكرة، الذي لم يتوقف - تواتره - إلى اليوم في مناهجنا الكتاتيبية المتوارثة. ولا يقتصر الأمر على حفظ وتحفيظ النصوص الإنيزمية أو الدينية - رغم انتشار الترانزيستور - بل الشعر، وبقية الشعائر من قديم وحديث، فولكلوري وتقليدي، فحتى الأحاجي والفوازير والحذور لها مكانها ومخزونها داخل الذاكرة الشعبية، سواء في شفاهياتنا العربية أو السامية، وبالطبع عند مختلف الشعوب.
وتحفظ الذاكرة الشعبية مقوماتها الأولى المنحدرة من طفولتها الطوطمية والإنيزمية القديمة مثل: حزن زهر البنفسج، زهو الإله الممزق أدونيس الذي اغتالته حيتان البراري، مثل نهيق الحمار
1 - ستخ أوطيفون - الذي بسببه أصبح إلها شريرا متجبرا، ومثل رأس الحية الذي هو مكمن كل الخطايا إلى اليوم، وهو المفهوم المنحدر من أساطير الخلق الأولى - للعالم والإنسان - والمصاحب للطرد من الفردوس المفقود، والموحد بين الحية والمرأة والشيطان، ومثل ما يدور ويتواتر إلى اليوم، حول عيون القطط والخفافيش، وبطء السلحفاة البرية، وصدفة الجعران في الطبيعة، التي من خصائصها أن تبيض فيها جعارين جديدة، ومنها تنبت جعارين أو حياة جديدة، أي إن من الموت أو الجعران تنبت حياة،
2
ولعله أقدم تفسير عن الموت ومعاودة الحياة أو القيامة؛ كما تشير د. ماجريت موري.
وقد يكون هناك ثمة علاقة بين - ألوان - الطيور والحيوانات المشئومة، وبين الألوان الحزينة المشئومة بدورها، مثل الغراب - الأسود - النوحي، والسواد أو الحزن والليالي السوداء، وبالطبع تشمل هذه العلاقة بين ألواننا عن الفرح والآمال،
3
وهو الأبيض، وعلاقته أيضا بالحمامة النوحية، وبمعنى أصح الجلجاميشية، بعد أن أطلقها نوع أو كبير الآلهة البابلية أو نونبشتم حين عادت إليه في المساء، وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها.
ويبرز - طوطم - الحمامة ودلالتها عند الساميين بشكل ملفت جدا، فتسمية راحيل أو راشيل - أم النبي يوسف - هو كاهنة الحمام، ومنه تواتر إلى تسمية إسرائيل.
Halaman tidak diketahui
ومن اسم الحمام تسمت الملكات الربات الآشوريات: سميراميس، وسميرام، وسميرنا الليبية.
4
وقد لا ننسى الحمام في تراثنا العربي، وتحولات أبطال الخوارق والملاحم إلى حمام.
كما قد لا ننس حمامة الأيك، كطوطم وشعار إسلامي شامل ومغرق في القدم، وهو ما سنتعرض له في حينه.
وكما يقول الأستاذ تومبسون، فإن الأمر بالنسبة لذاكرة شعوبنا - السامية الشرقية - الفولكلورية، يمكن أن يطلعنا على الكثير من فيض النتائج الدقيقة، خاصة وأن رواة التراث وحفظته من حكواتية، ورواة سير ومداحين، وشعراء جوالين - تروبادوز - ما يزالون إلى اليوم يملأون حياتنا، وتزدحم بهم أسواقنا ومواليدنا، وتعج ذاكرتهم بالكثير، الذي يخالط التاريخ فيه الأساطير، والعكس صحيح.
وعلى سبيل المثال، فلنا أن نتصور أن عمر الانتقال إلى مرحلة الإعلام الإليكتروني - الراديو - لم يتعد حلقة واحدة أو نصف قرن، وقبلها كانت الغلبة للنص الشفاهي، وذيوعه عن طريق أدواته، وهم الحكواتية ورواة السير والملاحم، وفنانو الأفصال أو الفصول المضحكة، أو ما أطلق عليهم لويس عوض بمسرح الفلاحين.
5
ومن هنا ففي الإمكان التحقق من الكثير من تراثنا الحفري الفولكلوري، مثل افتراض العثور على مجموعات الحكايات المصرية التي ترجمت من البرديات التي عثر عليها في مصر د. فلاندرزبيتري، وغيره من الحفريين، وأعيد نشرها في الفرنسية عدة مرات، منذ أن نشرها للمرة الأولى ماسبيرو تحت اسم «حكايات شعبية فرعونية»، وظهر الكثير منها في الإنكليزية باسم «تسجيلات من الماضي»، كما نشر إيرمان مجلدين منها، كذلك أسهم في ترجمتها ودراستها علماء المصريات: جودوين، شاباس، أبيروس.
ولعل أكثر المغالين في قيمة هذه الحكايات المصرية هو إيرمان الذي أرجعها للأسرات المصرية الأولى،
6
Halaman tidak diketahui
بل هو أرجع بعضها إلى ما قبل التاريخ، رغم أن بيتري يأخذ عليه أن ترجمته لهذه الحكايات جاءت أدبية وصفية، مستخدما في إعادة صياغتها «الألف باء» الحديثة، سواء في الهيروغليفية أو الألمانية الحديثة، ومن هنا فقد تجنت ترجمة إيرمان المتحررة على الكثير من قيمتها الفولكلورية.
وسجل بيتري في الجزءين اللذين نشرهما عن حكاياتنا المصرية الفرعونية مجموعة ملاحظات بسيطة، منها إفاضة الحكايات المصرية، فالأعاجيب أو الملاعيب التي تذكرنا بملاعيب شيحا، وعلي الزيبق، وبعض سير آباء الكنيسة القبطية التي يعج بها تاريخها - الينكسار - والتي ما تزال تتبدى إلى اليوم أكثر وضوحا في حكايات الشطار، وهو ما أسماه بالينوفسكي بالفنتازيا المصرية.
كما سجل بيتري مدى خوف المصري القديم الدائم من أخطار البلاد الأجنبية خاصة الآسيويين، وأقربهم العرب والعبريون الساميون بالطبع من جانب، والليبيون والكوشيون النوبيون من الجانب الآخر.
كذلك تنبه بيتري إلى غياب وتدهور ملامح الشخصية المصرية في العصر المتأخر، بدءا من الدولة الوسطى؛ ولهذا يقول: «لهؤلاء الذين يتصورون أن هناك تشابها أو تماثلا يطبع كل مصر على أحقابها المختلفة، وهو ما لا تؤكده وتقطع به الحكايات المصرية، ذلك أن التغير من فترة أو عصر زمني لآخر يبدو جليا فيها.»
في حكايات السحرة والخوارق مثلا بدأت تكثر جدا، بدءا من الأسرة الثانية عشرة، وكذلك الإكثار من المعتقدات الغيبية والقدرية مثل: قصة الأمير القدري،
7
التي ترجع إلى الأسرة الثامنة عشرة، والتي يمكن القول بأنها ما تزال تعيش بحذافيرها على الشفاة محفوظة بكاملها في الذاكرة الجمعية الشعبية أو الفولكلورية.
الأسطورة في الأدب الشعبي
حتى أيامنا هذه وبعد المدى الكبير الذي قطعته العلوم الإنسانية والإثنية، ما يزال الخلط اللاعلمي ساريا بالنسبة للتعريفات البسيطة حتى لدى المثقفين والمتخصصين، حول التعريفات المحددة للملحمة والأسطورة، والقصص الشعرية الغنائية المعروفة بالبالادا.
وإذا ما قصرنا موضوعنا هنا عن الأسطورة، وكيف أنها قصة أو فابيولا أو مأثور، يحمل - بالطبع والضرورة - سمات العصور الأولى والقديمة، مفسرة معتقدات الناس بإزاء القوى العليا والسماوية: آلهتهم وأنصاف آلهتهم، أبطالهم وخوارقهم، وكذا معتقداتهم الدينية.
Halaman tidak diketahui
وكما يذكر سير ج. ل. جوم، فإن غرض الأسطورة هو التفسير، بالإضافة إلى الغايات التعليمية والاعتقادية، فالأسطورة تفسير لقضايا أو أصل وجوهر العلم، في عصور ما قبل العلم.
من ذلك أن تخبرنا الأساطير كيفية خلق الكون، والإنسان والحيوان، وكافة المخلوقات والمعالم الأرضية، من أنهار وجبال ووهاد، كذلك فإن العلاقة وثيقة بين الأساطير والخرافات والمأثورات الطوطمية من حيوانية ونباتية، بل وحشرات وزواحف من عناكب وديدان، أخصها الدودة - دودة العلق - التي صيغ منها الإنسان القديم (انظر أساطير خلق العالم والإنسان).
ومن ذلك أن تفسر لنا الأساطير السبب في القوى الخارقة للحيوانات البهيمية، من حيتان وأفراس نهر وعقبان وأفيال، وهو ما يغرق قنوات وروافد تراثنا العربي، كأن تفسر لنا السبب في أن الخفاش أعمى بإزاء ضوء النهار، لا يتواجد ويطير محلقا إلا ليلا،
1
كما تفسر زئير الرياح، والفيضانات، والرعود والبروق والزلازل. كذلك تفسر التلون الثلاثي لعيون القطط، وحافر الحصان وعلاقته بالماء وموارده، وكذا لخمسة وخميسة، والعين القاتلة، وكذا النفس الخالق.
كذا تفسر لنا الأساطير سكنى الأرباب والآلهة في - عليون - الأعالي عند قمم الجبال الشاهقة، وأشجار السنط والعملاقة «عندما تسمع صوت أقدام في رءوس أشجار البكاء، عندئذ احترس؛ لأنه إذ ذاك يخرج الرب أمامك.»
فليست كل القصص القديمة أساطير، فمن الضروري أن تتوافر للأسطورة عناصرها المتمثلة في عوالم الأرباب والآلهة، وكذا الخلفيات الدينية والسماوية.
فالأسطورة - كما لاحظ دارسوها المبكرون - ما هي سوى «تأليه للوقائع البشرية»، أما دارسو الأساطير المقارنة مثل فريزد فقد توصلوا إلى تفسيرات للظواهر الكونية، وكذا للتقويمات، من شمسية - السنة الميلادية - لقمرية - السنة الهجرية - أو القمرية، التي تنقص عن سالفتها - أو نظيرتها الشمسية، بأحد عشر يوما - نسيئة - مثلها مثل الأساطير الفرعونية المتصلة بأخلق، للآلهة أنفسهم، وهم الذين خلقت الآلهة، خمس منهم خارج الزمن (للاستزادة انظر: الأساطير المصرية، وأساطير الخلق الأولى - أو أوزيريس إله النماء المصري الممزق - ونوت - إله فرعونية).
ومعظم الفولكلوريين دائمو التشكك من مدى التداخلات والمزاوجات بين عناصر كل من الأسطورة والحكاية الشعبية، خاصة تلك الحكايات الطقوسية للمقدسين والمباركين، وأولياء الله، وما أكثرهم في تراثنا، بدءا: بالحكيم لقمان، والأقطاب الأربعة، ومنهم الخضر أبو العباس.
وبعض الحكايات الشعبية ما تزال تحمل سماتها الرئيسة، كبقايا - أو أشلاء - أساطير، وهو ما سبق أن لاحظه الأخوان جريم.
Halaman tidak diketahui
فالكثير من الأساطير اجتذبت وانتفعت بموتيفات وتضمينات الحكايات الشعبية البسيطة أو الساذجة، وبذا رفعتها إلى عوالمها الفوقية، فعندما أصبح الشطار والمكارون بشريين بدلا من كونهم في السابق مقدسين، وعندما أصبح البطل إنسانا بشريا بدلا من كونه إلها؛ أصبحت الأسطورة حكاية وأحدوثة وخارقة أكثر بساطة.
بلقيس ملكة سبأ العربية
تعد بلقيس من أوفر الملوك القحطانيين اليمنيين - أو العرب الجنوبيين - حظا بالنسبة لما تواتر حولها وتناثر من أساطير وحكايات، ما تزال تواصل سرياتها وتوالدها المتوالي في مأثورات شعوب الشرق الأدنى، بل والعالم أجمع.
خاصة ما يتصل بمعاصرتها واتصالها بالنبي الملك سليمان - 1015ق.م - حين انتقل وطار سليمان إليها بعد أن أمر الريح، فأقلت عرشه وكراسي وزرائه، وأجلس الإنس عن يمينه وشماله، وأجلس الجن من ورائهم، وأظلته الطير والخيل واقفة، والطباخون في التوابيت جلوس على أعمالهم، وأمر سليمان الريح بالمسير متجها إلى - ممالك - تدمر،
1
لكنه توقف في مكة؛ إذ إن ابن قيدار بن إسماعيل كان قد استجار به فنزل سليمان وأقره على مكة، وعاد فسار بعرضه حتى نزل بنجران على القلمس بن عمرو، وهو الملقب بأفعى نجران، وكان من بني عبد شمس بن وائل بن حمير بن سبأ، وهو عامل بلقيس على نجران والبحرين.
2
ويبدو أن الأفعى كانت الشعار أو الحيوان المقدس لذلك القلمس - الذي يقال إنه كان أحكم العرب.
كما كان النسر هو الطائر المقدس - الطوطم - لدى العرب البائدة، خاصة قبائل عاد.
وكذلك الهدهد، الذي تسمى به الملوك اليمنيون، ومنهم الهدهاد بن شرحبيل، والد بلقيس، وتسمت هي أيضا به، وما تزال تواتر فابيولات الهدهد وبلقيس؛ منها أن هدهدها لقي هدهد سليمان حين افتقد سليمان هدهده قبل زيارته لبلقيس، فتساءل الملك النبي الكاهن سليمان: ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين؟ لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتين بسلطان بلقيس.
Halaman tidak diketahui
فكان أن حدث أكثر من لقاء - طوطمي - بين الهدهدين، أقرب إلى التلصص، فسأل هدهد بلقيس هدهد سليمان - أو طموطمه - حين لاقاه: أخبرني ما هذا الذي أرى؟! ما رأيت ملكا أعجب من هذا الراكب الريح. وعاد هدهد سليمان فسأل نظيره اليمني حين أخبره من أرض سبأ عن ملكهم؟ فأجابه: ملكتنا امرأة لم يسر الناس مثلها في حسنها وفضلها وكثرة جنودها، والخير الذي أعطته في بلدها، وهي من ولد جمير، وأمها من الجن، وقومها يسجدون للشمس.
وبعد أن انتهى هدهد سليمان من تجسسه، عاد إلى سليمان بالخبر المعروف و
أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين .
وينسب للشاعر الجاهلي الأسطوري الكبير أمية بن أبي الصلت أن الهدهد كان سبب انقضاء ملك بلقيس في أشعاره الأسطورية أو أساطيره الشعرية، التي تتناول مواضيع خلق العالم، والجنة والنار، وخطيئة آدم، والطوفان، وخرافات ذي القرنين، وبلقيس (انظر: يعرب أبو العرب أمية بن أبي الصلت).
من قبله بلقيس كانت عمتي
حتى تقضى ملكها بالهدهد
ولا تنتهي مأثورات الهدهد الخرافية، ومنها حين امتحنته بلقيس، فأرسلت إليه بمائة وصيف ومائة وصيفة، ولدوا في شهر واحد في ليلة واحدة، ليفرق بينهم، محملين - طبعا - بالجواهر والخير والهدايا.
ثم كيف جاراها سليمان في أحبولاته ومحاذيره، فبعث بعفريته الذي أتى له بعرشها، وكان ذهبا صامتا، مرصعا بالدر والياقوت، عشرين في عشرين ذراعا، وتاجها كالعنقل، معلق إلى رهو المجلس بالسلاسل، ثم حين التقيا وراحت بلقيس تقول له الحذور أو الألغاز ليحلها، مثلما سألته: «أخبرني عن ماء لا هو في الأرض ولا هو في السماء.» فأجابها سليمان بأن ركب فرسه وأجراها طويلا، وحين عرقت شرب من عرقها وارتوى. وهو شائع جدا في التراث الشفاهي العربي، كما أن التراث الشفاهي ما يزال يحفظ لسليمان أنه أول من جاء بالمادة أو العجينة التي تزيل شعر النساء، وذلك عندما رأى أن جسد ملكة سبأ اليمنية بلقيس أحسن جسد، إلا أنه مغطى بالشعر، فلقد
3
اعتقد سليمان بأن بلقيس ما هي إلا العفريتة ليليت - انظر الليليت - وحواء الأولى، المنحدرة إلى البابليين من سابقيهم السومريين - اللاساميين - ووردت في التراث السومري للمرة الأولى في أحد نصوص ملحمة جلجاميش «جلجاميش وانكيدو والشجرة الصفراء»، والتي كان سكناها الخرائب والأماكن المهجورة، سواء في نصوصها الأم عند السومريين والبابليين، أو ذلك التراث المتواتر المعاش اليوم على رقعة بلداننا العربية.
Halaman tidak diketahui
وورد في العهد القديم أن جن سليمان هم الذين شيدوا مدينة «تامار» أو «تدمر»؛ أي التمر أو مدينة التمر، وهذه الحكايات وغيرها كانت شائعة بكثرة شديدة بين العرب الجاهليين حول أحداث وخرافات ومأثورات وأساطير سليمان وبلقيس ملكة سبأ.
ويرى البعض أن اسم بلقيس مشتق من تسمية إله القمر عند السبأيين الذي لقب في اليمن ب «المقة»، ومنه جاء اسم الملكة بلقيس، كما يذكر أن من اسمه تواترت تسمية مكة المكرمة.
ومما يؤكد هذا الرأي أن نقوش المسند حفظت أسماء مجموعة من المعابد خصصت لعبادة الآلهة القمرية «المقة»، من أشهرها هذا المعبد الذي زارته إحدى البعثات الحفرية الأمريكية، وهي بعثة «وندل فيلبس» وما تزال بقايا هذا المعبد قائمة، ويعرف لدى اليمنيين باسم حرم بلقيس أو «محرم بلقيس».
كما أن في مدينة صرواح عاصمة ممالك سبأ معبد آخر لآلهة القمر «المقة» يعد أكثر قدما، ذكر المؤرخ «هاليفي» أن به بقايا جدران شاهقة، عليها كتابات بالخط المسند، ويطلق على ما تبقى من خرائبه «عرش بلقيس».
4
وتروي بعض هذه الخرافات أنه بعد تزوج سليمان بلقيس، وأنجب منها «رحبعم» الذي خلفه بعده على ملك اليمن، ضاع من سليمان خاتم ملكه، أو أن الأقدار ابتلته فضاع ملكه، وكيف أن ساحرا كتب سحرا وجعله تحت ملك سليمان، وسحر به أصف بن برخيا - كاتبه الذي ما تزال الذاكرة الشعبية تحفظ اسمه - وكيف أن الشيطان تمثل في صورة سليمان، ودخل على نسائه، وكن يبلغن ثلثمائة زوجة، وسبعمائة جارية ومحظية. وعندما سأل الشيطان نساء سليمان عن أسراره الجنسية قلن له: «إنه يأتينا في المحيض،
5
وإذا طهرنا لم يقربنا.» فقال الشيطان: «أنكرت سليمان لما رأيت من عدله، وأظهره لما رأيت من جوره.» أي إن سليمان توحد به؛ أي الشيطان.
ورواج خرافات الجن والشياطين في ثنايا تاريخ هذه الحضارة الحميرية، والتي تداخلت في نسب ملوكهم مثل بلقيس، وذي القرنين، والملك ناشر النعم، بالإضافة إلى أن قبائل بكاملها، أرجعت إلى الجن، مثل بني ملك وبني يربوع، ومن المرجح أن تكون فكرة الجن في منشأها فكرة دخيلة، جاءت بها هذه الحضارة الحميرية المبكرة خلال حروبها وفتوحاتها، واتصالاتها الأسيوية المبكرة فيما يجاورها من حضارات، خاصة الآرية في الهند وفارس (انظر: فرس إيرانيين آريين).
حسن ونعيمة وشفيقة وزليخة لدى كل الشعوب
Halaman tidak diketahui
القصص الغنائية الشعرية التي لا يخلو منها تراث شعب من الشعوب مثل: حسن ونعيمة، وشفيقة ومتولي، وعزيزة ويونس، ويوسف وزليخة، وقيس وليلى، وخيزران، وسارة وهاجر؛ لها حيزها المرموق بالنسبة لدارس المأثورات والآداب الشعبية على رقعة العالم أجمع، وتعرف بالبالادا.
البلادا تسمية أطلقت على هذا النوع من الأغاني الفلولكورية الملحمية التي كانت منشأها أغاني تؤدى بمصاحبة الموسيقى، والرقص - مثل البلاتا الإيطالية.
فهي قصة شعرية مثلها مثل «عنتر وعبلة»، وعالية وأبو زيد الهلالي ، وسارة وهاجر، وحسن ونعيمة ... إلخ.
فهي أغنية ملحمية بأكثر منها ملحمة أقرب إلى الابتهالات البكائية والجنائزية، مثلها مثل أغاني الشهنامات الفارسية الإيرانية، وقصائد السيد الفرنسية، وبلاد نبلونجز الألمانية الإسكندنافية، والبليانات السوفيتية، والأغاني القصصية التي سبقت اكتمال ملحمة «كاليفالا» الفنلندية، وكذا أغاني رولان وبيولف، ثم بالاد سفند دايرنج الدينماركية التي تقارب قصتنا الملحمية سارة وهاجر، وإن كان كلاهما يشيع فيهما الحسن النسائي الذي هو الملمح الأكثر أصالة للجسد الفولكلوري العالمي بأكمله، من حيث الاحتفاء بمأثورات مثلث العائلة الخالد، الزوج والزوجة والابن وصراع الضرتين وطقوس الزواج والميلاد، واضطهادات زوجة الأب، التي تدفع بالأم إلى الخروج من قبرها، لتنقذ طفلها القدري المضطهد من براثن زوجة أبيه.
ويرجع ظهور هذا الشكل الأدبي الفولكلوري في التراث العالمي بعامة، فيما بعد القرن الخامس عشر، ولعبت حركات الإصلاح الديني في الغرب دورا دافعا في تنشيطه، والاستفادة من رواته ومنشديه المحترفين مثل النسوة البدبات منشدات البلينا السوفيتية، برغم أن بعض الكنائس في العصور الوسطى حاولت تحريم إنشاده، واضطهاد رواته وحفظته ومنشديه.
ولقد احتفت المدرسة الأسطورية بريادة أندرولانج بإرجاع هذه القصص الشعائرية الغنائية إلى عصور موغلة في القدم.
ولا شك في أن بعض نماذج هذه القصص الشعرية الملحمية عمره من عمر الشعائر والممارسات الوثنية الطوطمية الموغلة في القدم، طالما أنه مرتبط بتقويمات ومناسبات دنيوية يراد لها الحفظ والانتشار، ولو من جانب المؤسسات الدينية التي عادة ما تتحرك في خدمة المسار السلطوي، ولو للعائلات المنسبة أو التي تضفي صفات وهالات القدسية والتقديس على أنسابها بما يحفظ لها استمرارها، وتواصلها السلطوي الطبقي.
ومن هنا تجيء - مثلا - سارة وهاجر التي تؤرخ للأصول للعائلة السامية برمتها؛ للأب السلف إبراهيم الخليل، وابنه إسماعيل أبي العرب، وزوجاته الثلاث: العربية، والعبرية، والسريانية.
وبذا أصبح الخليل إبراهيم بمثابة الأب السلف لهذه الأقوام - حتى - المتعاصرة، فالبلاد قصة شعرية فولكلورية تروي أحداث ملحمية يراد لها الحفظ والاتصال، عادة ما تكون على درجة عالية من الأهمية والخطورة، وعلى المستويات البنوية من سياسية وشعائرية واجتماعية وتقويمية تنتهي بكاملها عند هدف أخير هو حفظ البنية الطبقية دون أي اعتبار لما طرأ على مجتمع أو مجتمعات - هذه السير والبالاد الملحمية من تغيرات في علاقات إنتاجية، والشروط أو المتطلبات التي يعيش فيها الناس - وعن طريقها وعبرها - يتحدد وعيهم.
فثقل ومثل هذه النصوص خاصة تلك التي يكون موضوعها الشعائر والمنتجات الروحية؛ لا يدخل في اعتباره مطلقا أن تطور الأفكار والمعتقدات يجيء مسايرا للتطور التاريخي.
Halaman tidak diketahui
وعلى كلا المستويين الفكري العقائدي والواقعي الدنيوي المادي ذلك أن مثل هذه الخرافات الغيبية ما هي - في أحسن الافتراضات - سوى انسلاب للعالم الدنيوي أو الأرضي المفتقر - بالضرورة - إلى الوعي بنفسه، وإلى أن العالم يجب تغييره لا مجرد تفسيره من جديد، فالفكر الغيبي هو إسقاط وهمي للعالم الأرضي اتساقا مع ثقل مثل هذه الموروثات الروحية المدعمة بسلطة العادة والتوارث، وكذا التفسيرات المغلوطة لكلا التراث والتاريخ مجللة أو محماة بما أسماه أرثوتيلو - بالاهيزم، من روحانيات يضفيها الإنسان على كل شيء، وبخاصة طبقا الطبيعة الموحشة الغامضة من حوله.
وعلى هذا فالبالاد في أحسن حالاتها قصة «أنساب» أو عائلة أو قبيلة، مع الأخذ في الاعتبار أن العصب أو الجسد الفولكلوري العربي بعامة قبائلي.
بالإضافة طبقا إلى أنها - كما ذكرنا - قصة أو أغنية شعرية عادة ما كانت تؤدى بمصاحبة الموسيقى والرقص.
مسرح مندثر للنساء فقط
ظاهرة ملحوظة في تراثنا لم تلق الاهتمام الكافي، وهي ظاهرة المسارح الشعبية مجهولة المؤلف؛ أي: الكوميديا آرتي. ومنها ما يختص بالرجال والنساء التي اندثرت مثل «مسرح الفصول المضحكة النسائي».
وكان يعرف بمسرح النساء أو فصول حجرات النوم النسائي، الذي تضطلع بتقديم غرة ليلة دخلة العروس - فرقة - آخر الليل للعروس، وأهلها من النساء، حيث لا يسمح للرجل - الذكر - حضور مشاهده التي عادة ما تكون مسخرة نسائية، هذا العرس الاحتفالي يستخرج الدفين من المواجع والتابوات ضد الرجل وتسلطه، هذا العرس الاحتفالي تبدأ الرواية فيه بتوجع شخصيتها الرئيسية لجمهورها: آه يا ننوسي، يا مطلع حسي.
وكالعادة تبادرها الفرفورة أو الداية والبلانة: ما بالك يا ستي؟
وتروح تتحسس أعضاءها المباشرة التناسلية وسط حمى الضحكات النسائية ، وما أجاهد في تذكرة من خبايا هذا المسرح فرقة زنوبة وعيوشة اللتان اعتدنا استقدامهما أيضا من المدينة، ست أو سبع نساء يحترفن التمثيل والغناء والسخرية من الرجل وخصاله و«ذيله النجس» إلى حد المهانة، داخل ماعد أو مقاعد - حريمية - معزولة عزلة حجرات النوم، يحرم دخولها على جنس الرجل الذكر، ويصعب التعرف على خبايا ذلك المسرح النسائي، وبضعة عينات من رواياته أو عروضه التي كانت تستلزم - مثل صنوه الذكري الرجالي - التحكم في الضوء وخفوته، والقدرة على التنكر والتقمص، وتغيير الهيئة، والاستعانة بملابس رجالية، وعمم كبيرة - كاريكاتورية - ومسابح وعصيان وعكاز وجلود الأرنب لصنع الذقون تمثلا بالرجل.
وأذكر أن اسكتشات ذلك المسرح وعروضه لم تكن وقفا على النيل من الرجل بعدما تناثرت منه بضعة مواضيع نسائية عن الحمل ومتطلبات كل أشهره التسعة؛ من أكل أنواع محددة من الأطعمة، وكذا المضاجعة، وأساليب الوحم، وإثقال الزوج بالمطالب، والتوحم ليس فقط على أشياء تؤكل ولو كانت في غير أوانها أو موسمها، وإلا انعكس الحرمان منها سلبا على الوليد خاصة الذكر، بل يصل الوحم إلى حد مطالبة الزوج بالأملاس والصيغة؛ من ذهب لفضة لأحجار كريمة، تعيد صفاء المزاج - كالعقيق - الذي يفك الضيق، والسليماني، وحجر الدم في حالة الفصد، ودم العادة الشهرية.
إنه مسرح غاب عني الكثير منه ومن أسراره الطقسية الموائمة لانفتاحه الإباحي على أقصى مصراعيه، في مواجهة تحطيم كل تابوات الحياء المفتعل المتوارث منذ عصور موغلة في التخلف والهمجية بقيا - شعائر - تقديس الجنس عند العرب الساميين بعامة.
Halaman tidak diketahui
إنه مسرح تتحدث رغباته الدفينة الضاربة عن نساء موعودات ... حيث لا فكاك ولا مهرب من ثقل القدر أو الوعد وتجبره في مجتمع جبري كمجتمعاتنا العربية.
ومن هنا وبالمقابل يتوحد الدهر أو القدر أو الوعد بمواجع - المبلى - أو المبتلى، أو المصاب بأمراض - سحرية لا علمية - مثلما يعرف ب «السودة»، أو لعلها السوداوية - عند بعض النساء الشبقات.
ولعل هذا المسرح الحريمي السحري هو ما دفعني - فيما بعد - إلى كتابة مسرحية المستخبي - شوقي عبد الحكيم - التي بدأت كتابتها فعلا في السجن ، وقدمت على مسرح الجيب المصري 63 مع شفيقة ومتولي، عن زوجة جمال يقهرها إلى حد النفي التام، حتى إذا ما حانت لحظة غدر جمله به عبر فضاء الحقول والأجران تجهز هي عليه متوحد بالجمل المنتقم الغادر، وتقودها جدلية فعلتها إلى حد إعادة السيطرة والتملك لابنها ووحيدها الذي تنتهي باغتياله، وفي حين تبدو أمام المجتمع والعالم الخارجي امرأة ثاكلة تعود فتنهش نفسها في وحدتها وأحلامها إلى مناطق اللانهاية.
ذلك على الرغم من توصلي - في ذات الفترة - إلى جمع كم لا بأس به من استكشات ومواضيع هذا المسرح من أشعار العديد والنواح والبكائيات التي تعد من أشق أنواع الفنون والآداب الشعبية بالنسبة لجامعي الفولكلور - انظر البكائيات الجنائزية - دراسة ونماذج، فمنشدات هذا النوع الأدبي البكائي من الندابات يتوحدن في الوجدان الشعبي الجمعي بالشؤم؛ لذا كن على الدوام عرضة لمطاردة الحكومات الريفية المحلية ورجال الدين، وكثيرا ما تعرض بعضهن للضرب والطرد من مساكنهن، وتحطيم دفوفهن وطاراتهن العنيفة الإيقاع.
ولعل هذا ما صاحب أيضا مطاردة واضطهاد الفائسات على بقايا طقوس تلك المسارح الجريمية من ممثلات وفنانات.
موال العشق الخصيب الأخضر
ولعل أول ما يميز مواويل وأغاني استكمال الدورة الثانية للحياة وشقها المتصل بالحب والتغني بالجنس والزواج وإنجاب الأطفال والإخصاب بعامة؛ هو إغراقها اللامحدود المتمثل في الموال الأخضر في الاحتفاء بالحياة وجانبها الحياتي - البيولوجي - المعاش.
ومن هنا يمكن الإشارة إلى الثنائية - بين الموالين الأحمر والأخضر - التي هي ملمح جوهري - مثله مثل الدهرية والسلفية والغيبية - لتراثنا العربي، والتي كما ذكرنا من المرجع أنها مؤثر - حضاري آري فارسي أو مجوسي.
فإذا كانت التوجهات والشكوى الجنائزية تصل إلى أقصى مداها من أمثلة مأثورية، وأنماط أصلية للموال الأحمر، وما يدور في مجانه ورقعته، فإن نقيضه الأخضر يصل بالتالي إلى أقصى مداه احتفاء بالحياة وشعائر تجميعها سواء بالزواج أو الإخصاب وإنجاب الأطفال.
ولكل مناسبة وظاهرة وحدث ونوع مواويله وأهازيجه وأغانيه، سواء أكان قائل المأثور من موال - أخضر - أو أغنية رجلا أم امرأة، شاب أم عجوز، وفي كل الحالات يرجح بالفعل كما يذكر الأثنوجرافي الفرنسي «فان جنب» تواجد إحدى حالات أو شعائر الانتقال الأقرب إلى أن تكون ليست جوهرية - كالموت والميلاد - بل هامشية من ذلك ما يصاحب أغاني وصلوات الشكر في الكنائس - كما يدخلها كراب - وطقوس انتقال الوليد من طور لما يعقبه مثل تخطيه العتبة، وحلق الشعر بدءا بشعر البطن والرأس والعانة والطهور.
Halaman tidak diketahui
وكذا الانتقالات المصاحبة للزواج من رغبة الشاب أو الشابة في الزواج اللجوء في هذا إلى الموال الأخضر والأغاني، وتضمينها إشارات يصعب كسر تابواتها ومحرماتها، والإفصاح عنها سواء أجاءت مباشرة أو متوارية.
وكذلك يمكن إدخال أغاني ومأثورات الحب والعشق ضمن دورة الانتقالات - الممهدة - لتجاوزه حالة والعبور لما بعدها سواء أكانت من العزوبية إلى الخطوبة التي تكتمل دورتها بالدخلة والزواج، أو من الزواج إلى «الخلف»، وإنجاب الأطفال ثم - توالى - دورة وشعائر مشية المصاحبة لانتقالات الوليد بدوره إلى طور الصبا.
ومن المفيد أن نبدأ تعرفنا على هذا الموال - الخصيب الأخضر - والاستطراد في تقديم النماذج المتنوعة المصاحبة لحالات عينية؛ من التعبير عن رغبات دفينة في الزواج، وأوصاف الحبيبة، وفي أحيان هجرها وهجاءها.
كما سيتضح من نماذجه التالية المستفيضة التي سنقدمها تمهيدا لإعادة التعرض بالدراسة لخصائصها الظاهرية من طوطمية وبقايا طقوس العرس المختلط، وأبنية قرابية قبلية، وتابوات ... وهكذا.
العروسة
ما طلعت فوق السطوح نزلت عيان
أبويا قالي أجيبلك الحكيم قلت الحكيم ربي
قالي أجيبلك الطبيب قلت الطبيب ربي
قالي أجيبلك العروسة يا ليل
قلتلو والله انشرح قلبي.
Halaman tidak diketahui
سيد
الحب بحر البلد وإيش جابو هنا قبله
قاعد على الطاحونة عامل الطاحونة سبله
كلام وأقولك عليه يا خال
واسمع معناتو مني
من زوق حبيبي عطيني نقوطه على ديلة.
براني
يا بو القميص الملس والغزل براني
ماشي تهز اليلك معجب وبراني
صدر الحليوه طرح والطرح براني
Halaman tidak diketahui
واديلي سنة حول يا جميل
وأنا حارس ولا زقتوش
وتهموني في محبتك والغزل براني.
غيب يا قمر
غيب يا أقمر محبولي أخير منك
وأزهى من الشمس وأجمل يا قمر منك
مليش جلد انظرك واعد بعيد عنك
يا حسن يوسف ياللي كل الدلال منك
من قبل ما بعرفك جاني الخبر عنك
انك ظريف المعاني وحلو في سؤالك
Halaman tidak diketahui
غني عن الناس ولا ليش غنا عنك.
سافر
في أمس جانا خبر بأن الحبيب سافر
في شهر يوليه يوافق أربعة صفر
على ضهر غليون والريس يقول سافر
أنا وجفت ما بي وقلت يا ريس الغليوم حل لي بيهم
زعق وقاللي قليل البخت من يومك
حبل الوداد انقطع مليكشي عشم سافر.
دموع المحبة
أبويا زرع لي فدان قصب رحت أشق عليه لقيت بنت
Halaman tidak diketahui
شيخ الغفر فيه
قلتلها ليه كده يا بنت كسرتي عود وخدتيني على
وركي
أنا لفيت السند والهند يا بنت ما لقيت دوا وركي
رحت لأبوها العزيز لفني في العباية وقعد يبكي
نزلت دموع المحبة خففت وركي. •••
عوضنا على الله في شفانا وتعبنا
واللي نحبه لاف للغير وتاعبنا
ياما جرينا وراه في كروم ونخيل وتاعبنا
وكتير من الناس يقول سيبه وارتاح
Halaman tidak diketahui
أنا قلت ازاي أسيبه أنا وارتاح
وهو ملا جسمي السليم اجراح
ما نمت وصحيت لقيت نجع الحبايب راح
ما راح شقانا على الأندال وتاعبنا.
عطوني بخت لقيته
أنا اللي توب الجفا لبسوني الدهر في اديه
قلبي انشوى وانكوى وطال الشوق في اديه
ووقفت محتار وعقلي اندار في اديه
أنا كنت مبسوط في حال الأصول يا عم
وكان لي الدلال على أهلي وجار بيتي
Halaman tidak diketahui