Rahman dan Syaitan
الرحمن والشيطان: الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية
Genre-genre
أن نوثقهم جميعا، ولكن مستيما رئيس الأرواح مثل أمام الرب وقال: أيها الإله الخالق اترك بعضا منهم معي ليستمعوا إلي ويفعلوا ما أمرهم به، لأنه إذا لم يبق لي منهم أحد لا أستطيع بسط سلطاني على أبناء البشر، لأن شر البشر عظيم وبني الإنسان منذورون للضلالة قبل أن يصدر حكمك بشأني. فأمر الرب أن يبقى عشر الأرواح الشريرة مع مستيما وأن ينزل التسعة أعشار الباقية إلى مكان الحساب، ثم أمر واحدا منا أن يعلم نوحا كل طرق الشفاء من شر الشياطين، لأنه يعرف أن البشر لن يسيروا ولن يجاهدوا في سبل الحق والخير. فامتثلنا للأمر، وقيدنا الأرواح الشريرة في مكان الحساب، وتركنا عشرهم تحت إمرة إبليس على الأرض، وعلمنا نوحا طرق الشفاء من أذاهم ومن غواياتهم، وعلاج ذلك بواسطة نباتات الأرض.» بعد ذلك يدخل الرب وإبليس في علاقة معقدة، فهو يقيده ليكف أذاه أحيانا ثم يطلقه ليتابع مهامه في أحيان أخرى. كما نجده يعهد إليه بأعمال كان قد نفذها بنفسه في النص التوراتي القانوني. ففي قصة موسى وفرعون نقرأ تنويع اليوبيليات على النص الرسمي كما يأتي: «ولقد انتصب الرئيس مستيما أمامك يا موسى وحاول تسليمك ليد فرعون، كما أنه ساعد سحرة مصر الذين مارسوا سحرهم أمامك، ولكن الرب ضربهم بقروح رديئة، ومنعناهم عن إتيان معجزة واحدة، ولكن الرئيس مستيما لم ينخذل بل استجمع قواه وأهاب بالمصريين أن يلاحقوك بكل جيوشهم وبكل عرباتهم وخيلهم وأهل مصر، ولكني حلت بين المصريين وإسرائيل وخلصنا إسرائيل من فرعون وشعبه. وفي الأيام الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر، كان الرئيس مستيما مقيدا ومحجوزا خلف أبناء إسرائيل لكيلا يلاحقهم ويوقع بهم. وفي اليوم الثامن عشر حللنا قيوده مع أتباعه لكي يساعد المصريين في ملاحقة إسرائيل فشدد عزيمة المصريين وقواهم، ثم قيدناهم مجددا ... إلخ.»
إذا قارنا هذه الفقرة أعلاه بمقابلها في سفر الخروج، وجدنا أن يهوه في اليوبيليات قد أحل إبليس محله في التشديد من عزيمة المصريين ودفعهم إلى مطاردة بني إسرائيل. نقرأ في سفر الخروج، 14: 8-9: «وشدد الرب قلب فرعون ملك مصر حتى سعى وراء بني إسرائيل، فسعى المصريون وراءهم وأدركوهم.» بينما نقرأ في اليوبيليات: «ولكن الرئيس مستيما أهاب بالمصريين أن يلاحقوك بكل جيوشهم، فشدد عزيمة المصريين وقواهم.» وفي تعديل مشابه يقلب الأدوار بين يهوه وشيطانه، نقرأ في اليوبيليات: «ثم عدت يا موسى من مديان إلى مصر في الأسبوع الثاني من السنة الثانية للخمسينية الخامسة، وأنت تعرف ما قيل لك على جبل سيناء، وتعرف كيف رغب مستيما بقتلك بكل ما أوتي من قوة لكي ينقذ المصريين من يدك، لأنه رأى أنك قد أرسلت لتنفيذ الحكم بهم.» أما في الموضع المقابل من سفر الخروج فإن يهوه هو الذي ظهر لموسى في الطريق وأراد قتلة لأن صفورة زوجته قد ترددت في ختان ابنها: «فأخذ موسى امرأته وبنيه ورجع إلى مصر، وحدث في الطريق، في المنزل، أن الرب التقاه وطلب أن يقتله. فأخذت صفورة صوانة وقطعت غرلة ابنها هو ومست رجليه. فقالت إنك عريس دم لي، فانفك عنه» (الخروج، 4: 24-26).
ورغم أن يهوه في اليوبيليات يستخدم الشيطان على هواه، فيقيده آنا ويطلقه آنا آخر، أو يحسن صورته من خلاله بأن يعزو إليه أفعالا معينة كان قد قام بها هو نفسه في النص التوراتي، فإن الشيطان من ناحيته كان يوقع يهوه في أحابيله ويظهر مقدرته على خداعه. ومثال ذلك ما وقع بين يهوه وإبراهيم في قصة تضحية إبراهيم بابنه الواردة في التكوين، 22: «وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم، فقال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق، واذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك. فبكر إبراهيم صباحا وشد على حماره وأخذ اثنين من غلمانه معه وإسحاق ابنه، وقام وذهب إلى الموضع، فلما أتيا إلى الموضع الذي قال له الله، بنى هناك مذبحا ورتب الحطب وربط إسحاق ابنه ووضعه على المذبح فوق الحطب، ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه، فناداه ملاك الرب من السماء، فقال لا تمد يدك إلى الغلام لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عني» (22: 1-12).
أما محرر اليوبيليات فقد أدخل تعديلا جوهريا على هذه القصة، يوضح مدي سلطة الشيطان ومقدرته حتى على خداع يهوه. فلقد تحدث أهل السماء عن مدى إخلاص إبراهيم للرب، وعن مدى حبه لابنه إسحاق الذي كان يفضله على كل ما في الدنيا، فجاء الشيطان إلى الرب وشككه بإخلاص إبراهيم ثم أقنعه أن يخضعه للتجربة والامتحان، وذلك بأن يأمره التضحية بابنه الوحيد ليرى ويتأكد فيما إذا كان الرب أحب إليه من أي شيء آخر. فأخذ الرب بمشورة الشيطان رغم أن سيرة حياة إبراهيم قد أكدت في كل مناسبة مدى محبته للرب وإخلاصه له، وعندما نفذ إبراهيم الأمر وهم بذبح ابنه، تأكد الرب من مدى خشيته له وسمع إبراهيم صوتا من السماء: لا ترفع يدك على الغلام لأني عرفت الآن أنك تخشى الرب فلم تضن عليه بابنك البكر، فاخز الشيطان مستيما.
قبل أن نغادر كتاب اليوبيليات، لا بد من الإشارة إلى أن المؤلف، رغم تجديداته اللاهوتية الجذرية، فقد بقي أسيرا للنزعة الشوفينية التوراتية، بل لقد زاد عليها. فالصراع بين الخير والشر يتجلى في العالم والتاريخ بشكل رئيسي في الصراع بين إسرائيل وأعدائها من بقية شعوب العالم، فإسرائيل رغم كل خطاياه يجسد الخير في العالم، والشعوب الأخرى هي حصة الشر والشيطان. لقد اختار يهوه إسرائيل شعبا له قبل خلق العالم، وهو ملتزم بتطهير هذا الشعب في النهاية وتخليصه وحده من بين الشعوب، وما التاريخ إلا التجلي العملي لخطة يهوه هذه. نقرأ في المقاطع الأولى من اليوبيليات أن الرب قد اختار إسرائيل شعبا له في اليوم السادس من أيام التكوين، وذلك على عكس ما ورد في النص الرسمي الذي يقول لنا إن اختيار يهوه لشعبه يبتدئ مع عهده لإبراهيم ولنسله من بعده: «وأكمل في اليوم السادس كل عمله، كل ما في السماوات وما في الأرض، لقد أعطانا آية عظيمة هي يوم السبت الذي نرتاح فيه بعد عمل ستة أيام، وقال لنا، نحن ملائكة الوجه وملائكة التقديس، المرتبتان العاليتان، أن نحتفل بالسبت معه في السماء وعلى الأرض. وقال لنا أيضا: سوف أفرز لنفسي شعبا من بين كل الشعوب، فيحتفل بالسبت وأكرسه لنفسي وأباركه، مثلما كرست السبت وباركته، سيكون شعبا لي وأكون إلهه. لقد اخترت بذرة يعقوب من كل ما رأت عيني، وأسميتها ابني البكر الذي خصصته لنفسي إلى الأبد.» (2-2) وصايا الأسباط الاثني عشر
عندما حضرت المنية يعقوب، دعا أولاده الاثني عشر فأوصاهم وتنبأ لهم بما سوف يصيبهم وأوصى بمكان وطريقة دفنه. نقرأ في التكوين، 49: 1-33: «ودعا يعقوب بنيه وقال اجتمعوا لأنبئكم بما يصيبكم في آخر الأيام. اجتمعوا واسمعوا يا بني يعقوب وأصغوا إلى إسرائيل أبيكم. رأوبين أنت بكري قوتي وأول قدرتي ... إلخ. شمعون ولاوي أخوان، آلات ظلم سيوفهما ... إلخ. يهوذا إياك يحمد إخوتك ... إلخ. هؤلاء هم أسباط إسرائيل الاثنا عشر، وهذا ما كلمهم به أبوهم وباركهم، وأوصاهم وقال ... ادفنوني عند آبائي في المغارة التي في حقل عفرون الحثي ... إلخ. ولما فرغ يعقوب من توصية بنيه ضم رجليه إلى السرير وأسلم الروح.»
تنسج وصايا الأسباط الاثني عشر على منوال وصية يعقوب، فكل وصية تحتوي على نصائح للأولاد المجتمعين عند سرير الأب، وسرد لمراحل حياته الماضية والدروس المستقاة منها، وأخيرا تنبؤات حول مستقبل إسرائيل، والأيام الأخيرة في نهاية الزمن. إن العثور على مقاطع من هذه الوصايا بين نصوص قمران «أواسط القرن الأول الميلادي» باللغتين الآرامية والعبرية، يدل على قدم هذا النص وأرجحية وضعه في القرن الأول قبل الميلاد، وربما أبكر من ذلك، إلا أن النص الكامل للوصايا غير متوفر في نسخة عبرية، وإنما في نسخة يونانية متأخرة، يقول صاحبها إنه قد ترجمها عن العبرية. هذا ويشكك بعض الدارسين بمصداقية الترجمة لأنهم يلمحون تأثيرات هيلنستية واضحة في هذا العمل، إضافة إلى تأثيرات مسيحية.
هنالك ثلاثة محاور مشتركة بين الوصايا ذات صلة بموضوعنا وهي: (1) دور الشيطان ووظيفته في العالم. (2) مجيء المخلص. (3) يوم الدينونة ونهاية التاريخ. مما سنتتبعه فيما يأتي:
لا تحفل الوصايا بتقديم تاريخ للشيطان، بل تركز على سلطته على نفوس الناس ونشاطه الدائب في دفع الإنسان إلى ارتكاب الشرور والمعاصي. وهي تدعوه بالاسم بلعار، وتصفه بالمضلل وبرئيس الضلال وبروح الضلال، وتتحدث عن معاونيه من أرواح الشر التي تعمي البصيرة وتلبس الحق بالباطل والباطل بالحق، ثم تؤكد أنه سيئول إلى الخزي وإلى الدمار في نهاية الزمن.
في وصية أشير لدينا مقطع على جانب كبير من الأهمية، فهو ينطلق من الفكرة الزرادشتية عن صراع الروحين البدئيين، ليجد معادل هذا الصراع ومنعكساته في النفس الإنسانية، ففي عمق النفس هنالك نازعان واحدا نحو الخير وآخر نحو الشر، وهذان النازعان يقودان إلى دربين ويصنعان سلوكين ونهايتين، واحد يرضى عنه بلعار وواحد يرضى عنه الرب: «استمعوا يا أبناء أشير إلى أبيكم، فأريكم كل ما هو حسن في عين الرب. لقد أعطى الرب لبني الإنسان دربين ونازعين وسلوكين ونموذجين ونهايتين، وهذان الدربان هما درب الخير ودرب الشر، وفي مقابل هذين الدربين هنالك في صدورنا ميلان اثنان يختاران بين الدربين، فإذا مالت النفس إلى درب الخير فإن كل أعمالها تسير في الخير، وتجنح للاستغفار والتوبة عن كل خطيئة. وهي إن تضع نصب عينيها العمل الصالح وتدير ظهرها للعمل الطالح، فإنها تقتلع الخطيئة من جذورها وتقهر الشر. أما إذا مالت النفس نحو الشر فإن كل أعمالها تكون خبيثة، تهجر الخير وتفتح الصدر للشر فتستعبد لبلعار. عند ذلك يتحول حتى فعل الخير إذا أرادته إلى شر، لأن مخازن الشيطان مترعة بسموم الأرواح الشريرة، وأنتم يا أبنائي لا تكونوا مزدوجي الوجوه، وجه للخير ووجه للشر، وإنما التزموا الطيبة لأن الرب الإله يرتاح إليها والناس تتطلع إليها. أديروا ظهوركم للنوازع الشريرة واستعينوا على الشيطان بعملكم الطيب، لأن مزدوجي الوجوه ليسوا من الله بل عبيد لرغباتهم الآثمة وهم يرضون بلعار والذين على شاكلتهم، أنتم ترون يا أبنائي كيف أن في كل شيء وأمر عنصرين، واحدا ضد الآخر، وهذا مختبئ في ذاك. ففي التملك هناك يكمن الطمع، وفي المرح السكر، وفي الضحك النواح، وفي الزواج الفسق. الموت يلي الحياة، والخزي يلي المجد، والليل يلي النهار، والظلمة تلي النور، ولكن هذه الأشياء كلها تقود إلى ضوء النهار. العمل الصالح يقود إلى الحياة، والعمل الطالح يقود إلى الموت.»
Halaman tidak diketahui