123

Tuhan Zaman

رب الزمان: الكتاب وملف القضية

Genre-genre

وإيمانها الذي سيعطيها تلك المنحة الخالدة لا يحسن إلا بالطاعة الكاملة للرجل والخضوع له والتسليم الكامل لسيادته الغشوم في دنيانا الفانية، حتى تضمن لها مكانا كغانية ضمن حريمة في الآخرة أيضا.

والدارس للمرأة في منظومة المأثور العربي، يجد ذلك المأثور يميز جنسيا وخلقيا بين الذكر والأنثى، فهو المخلوق الأول، وهي الثاني، بل هي منه قطعة، هو المخلوق لذاته، وهي المخلوقة له ومن أجله، ويلاحظ أن ذلك الاختلاف العضوي بين الذكر والأنثى، قد تحول في مأثورنا من تكامل ضروري لصنع الحياة ، إلى امتياز خاص للرجل، مأثورنا يعيد وضع المرأة إلى زمن حواء الأسطوري، زمن الخطيئة الأولى، ويمركز الشر كله حولها، فهي شيطان غواية لأنها رفيقة إبليس! المرأة لا تتحكم بشهواتها، ولا تكون مع رجل إلا وكان الشيطان ثالثهما، ويتأصل سوء الظن بها في لا وعي الجماعة على أسس من الإيمان؛ لأنها هي التي أغوت آدم، حتى قصص الأنبياء تخبرنا أن نساء الأنبياء قد وقعن في الخطيئة؛ امرأة لوط، امرأة نوح، في التوراة سارة امرأة إبراهيم، هاروت وماروت أغوتهما امرأة! ولدا آدم تقاتلا على امرأة، فالمرأة تخضع للشهوة لا للعقل، ميولها للخيانة طبيعية، ومن الطبيعي أن تخون فهي أحد أربعة لا أمان لها «مع المال والسلطان والدهر» في الحديث «ولو طالت عشرتها». كل هذا دون أن نلتفت لحظة لفظاعة وضعها المجتمعي، ولا لكم الخيانة الذكورية للمرأة، وللتاريخ كله.

وهكذا يؤسس موروثنا لتبخيس المرأة، فقد خلقت من ضلع أعوج، وناقصة عقل ودين، وشهادتها نصف شهادة الرجل، وميراثها نصف ميراث الرجل، وليس لها من الطلاق شيء، «ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.» والكهنة رسل الشيطان والنساء مصايده، شل مستمر لشخصيتها، وإضعاف دائم لفاعليتها، ودفع دائم لها لتكون على الصورة التي يريدها الرجل، ليسقط عليها عدم براءته وشهوانيته ونقائصه، لتصبح مجرد جسد، غير مطلوب منها أن تفكر فهناك من يفكر بالنيابة عنها. مطلوب منها فقط أن تعطيه الراحة والمتعة! أن تكون مجرد متاع! ويترسخ المأثور داخلها هي حتى تؤمن هي ذاتها أنها مجرد فرج! وأنها لذلك حرمة وحرام، فتفرض المأثور على ذاتها في شكل وسواس قهري داخلي، يضع بينها وبين عالمها كل التحريمات حتى الصوت الذي هو عورة، لتحصل بذلك على رضا الزوج الذي هو رضا الرب، وتكتسب رضا الجماعة واحترامها، بحيث تتعايش مع الضغوط وألوان العقاب والاحتقار، المفترض احتراما، وتصبح أكثر أعضاء الأسرة والمجتمع تحملا للاضطهاد، فقط لتعيش في وسط يترصدها ويعد عليها سكناتها، ومن ثم يصبح وضعها هذا في المجتمع طبيعيا تماما، معتادا تماما، بدهيا تماما ، لا نلتفت إليه، ولا نفكر فيه، إلا عندما نصادف امرأة وعت الأزمة، فتكسر في وجوهنا عدم براءتنا بسلوك جديد ورأي جديد ومنطق جديد يخيفنا ويرعبنا، هنا فقط لن نفكر إلا في هذا الانفلات وكيف نحجمه ونعاقبه، حتى لا تأخذ لحريتها مساحة من حريتنا، حتى نظل السادة، وحتى نجد دوما من نحمله أمراضنا الداخلية. من نحمله أيضا أوزارنا دون أن نناقش ذلك الفرض الذي فرضه مأثور، هو الذي فرز لمرحلة تاريخية طال أمدها، ودون أن نناقش مدى صدق الفرض ومدى اتساقه مع إنسانيتنا وما ندعيه من رقي بشري، ونظل نطلب المرأة النموذج، التي تظهر الخجل عندما تحادث الرجل، التي تكبت ميولها الطبيعية ولا تتذكر سوى كونها عورة، التي تعرف عن يقين أنها حرم ... حرم فلان ... فهي حرام، بل الحرام ذاته، حرمة، مقدس، لا يجوز لمسه، وهي أيضا وفي ذات الوقت منجسة لأن طبيعتها النجس، والفعل الجنسي معها يؤدي للنجس، لا بد أن يغتسل جسد الرجل جميعا لرفع أي أثر لتلك الملامسة والممارسة، كذلك دم الحيض يغطيها بالنجس؛ لذلك ترفع عنها أثناء ذلك كل التكاليف، لا تصلي، لا تصوم، كذلك طوال فترة النفاس وهو الأمر الذي له أصوله في الأسطورة وفي القديم الذي أسس لمعنى الحرام والحريم، وهو ما ينقلنا عن تلك الصورة التي قعدها لها المأثور، إلى محاولة قراءة نماذج سريعة لواقع المجتمع منذ ما قبل التاريخ، وهو يتحول بالمرأة من مركز السيادة إلى الحضيض، طبقيا وجنسيا وإنسانيا.

امرأة: الأصل أسطوري

امرأة، حواء، أنثى، أسماء ثلاثة مؤسسة أولى لذلك الكائن الذي كلما حاول التملص كلما قيل إنه لغز. وسعيا وراء أصول التسميات تحكي لنا التوراة أن الله خلق آدم الذكر، ووضعه في الجنة حيث عاش وحيدا لا يجد أنيسا يؤنس وحشته، وهنا قرر الرب أن يؤنسه بكائن يسليه، وكان هذا الأنيس هو المرأة، وذلك في نص يقول فيه آدم عن المرأة المصنوعة من ضلعه: «هذه الآن عظم من عظامي، ولحم من لحمي، هذه تدعى امرأة؛ لأنها من امرئ أخذت» (تكوين، 2: 23).

وهكذا فالنص يجعل امرأة تأنيث امرئ وليس العكس، ليظل الرجل أولا، فهي تابعة له في الخلق، وتابعة في المسمى، لكن بالتوراة نفسها نص آخر يعين تسميتها لشأن آخر فلأنها مصدر الحياة وفاتحة المواليد، يقول النص: «دعا آدم اسم امرأته حواء؛ لأنها أم كل حي» (تكوين، 3: 2). وكلا التسميتين «امرأة» من ضلع امرئ، و«حواء» أم كل حي، وفي الأصل العبري «تلك التي تحيي» يشكلان في يد الباحث مفاتيح تضيء له ذلك القديم، ليكتشف أصل وضع المرأة في المجتمع.

عند قراءة الأسطورة بحثا عن الاسم «امرأة» لن نجد أبدا أنها كانت تابعة ل «امرئ»، بل العكس تماما، فالميم للأمومة، ولا تجد في الإلهات الكبرى القديمة اسما يخلو من ميم الأمومة، فأصل الكون البابلي «مي»، والأم الإلهة الكبرى بالأسماء الثلاثة المتواترة حتى الآن «ما» «أماه» «ماما»، وكل إلهات الخصب في حوض المتوسط يحملن الاسم «ميرها، ميريا، ميريام، مريم، ستلاماريا»، والميرة هي الزاد، هي مانحة الطعام والحياة، وهو ما يلقي الضوء عليها كمكتشفة أولى للزراعة، وميرها هي شجرة المر المقدس أيضا التي أنجبت الآلهة الذكور الأبناء.

أما الكلمتان: أنثى وحواء، فتضيؤهما لنا قصص الخلق الأولى في الملاحم السومرية والبابلية، حيث تحكي عن مكان خاص كانت تعيش فيه الآلهة الخالدة يدعى «دلمون» «البحرين الحالية»، وهو ما يناظر «أولمب اليونان». وهناك جاء إلى الوجود إله باسم «جي» ممثلا لبداية البشرية على الأرض، رعيلا أول يجمع اللاهوت مع الناسوت، أو الألوهية مع الإنسانية. واسمه ملصق من مقطعين يشيران إلى كونه أول سكان الأرض فهو من «آن-سيد أو رب» و«جي-الأرض»، وتحكي الأسطورة أن الأم الإلهة الكبرى «مما ممهور ساج» أو «ننهور ساج» هي التي ولدته، وأنها حرمت عليه ثمارا بعينها في دلمون حرصا على حياته، فعصاها بجهله وحبه المعرفي وأكل منها، فأصيب بمرض شديد في واحد من أضلاعه كاد يقضي عليه.

وهنا أسرعت الأم الإلهة فخلقت له إلهة أنثى مهمتها تمريض ذلك الضلع وعلاج الإنسان الأول «آنجي»، وكان اسمها «آنتي»، والاسم «آن تي» من ملصقين «آن = سيدة أو ربة» + «تي»، و«تي» عندما تكون اسما تعني الضلع فيكون المعنى سيدة الضلع، لكن «تي» عندما تكون فعلا تعني تحيي، أي تلك السيدة التي تحيي أي هي أحيت آنجي بعدما أشرف على الموت، وهو ما يلقي الضوء على معنى كلمة حواء في التوراة العبرية «تلك التي تحيي» والعربية «أم كل حي»، كما يلقي الضوء على أصل الأسطورة التي حورت أو فهمت خطأ فيما نقله المأثور التوراتي عن الرافدي، لتكون حواء أو «آنتي» مخلوقة من ضلع آدم، كما تبهرنا دراسة تلك الأصول عندما نعلم ببساطة أن «آن تي» هو أصل كلمة أنثى «نتاية» ببساطه، والأنثى والنتاية في الجذر تشترك أيضا مع النتوء والظهور .

الإله من أنثى إلى ذكر

Halaman tidak diketahui