فقال صفوان بقلق: ولكني أقول الحقيقة. - الحقيقة مظلومة، ولكني سأعاملك برفق إكراما لسنك.
ثم قال للشرطي: اذهب به إلى البيت رقم 42 بشارع النزهة.
وذهب به الشرطي، وأخيرا وجد نفسه أمام بيته كما يعرفه، ورغم سكره دهمه الحياء ... وفتح الباب الخارجي، وعبر الفناء، وفتح الباب الداخلي، وأضاء مصباح المدخل، وعند ذاك بهت، وجد نفسه في مدخل لم تقع عليه عيناه من قبل لا صلة البتة بينه وبين مدخل بيته الذي عاش فيه حوالي نصف قرن حتى أبلى أثاثه وجدرانه ... وقرر التراجع قبل انكشاف أمره، فمرق إلى الطريق، وقف يتفحص البيت من الخارج، إنه بيته، من ناحية الشخصية والموقع، وقد فتح أبوابه بمفتاحه، فلا منفذ إلى الشك في ذلك، فماذا غيره من الداخل؟! ثمة نجفة صغيرة بهيئة الشمعدان، والجدران مورقة، وسجادة جديدة! من ناحية هو بيته، ومن ناحية أخرى هو بيت غريب، وماذا عن زوجته «صدرية»؟!
وقال بصوت مسموع: إني أشرب منذ نصف قرن، فماذا حدث في هذه الليلة المباركة؟!
وخيل إليه أن بناته السبع المتزوجات ينظرن إليه بأعين دامعة، ولكنه عزم أن يحل مشكلته بنفسه دون لجوء إلى السلطات وإلا عرض نفسه لسيف القانون، واقترب من سور الفناء وراح يصفق بيديه، وفتح الباب الداخلي عن شخص لم تتضح معالمه، وجاءه صوت امرأة متسائلا: ماذا يوقفك في الخارج؟!
خيل إليه أنه صوت غريب، أو شك في ذلك، وتساءل: بيت من من فضلك؟!
فهتفت المرأة: لهذا الحد؟! لا ... لا ...
فقال بحذر: أنا صفوان. - ادخل وإلا أيقظت النائمين. - أأنت «صدرية»؟! - لا حول ولا قوة إلا بالله، يوجد من ينتظرك في الداخل. - في هذه الساعة؟! - إنه ينتظر منذ العاشرة. - ينتظرني أنا؟!
فتأففت بصوت مسموع، فتساءل: أنت صدرية؟!
فهتفت بنفاد صبر: لا حول ولا قوة إلا بالله!
Halaman tidak diketahui