340

Kuasa Hati

قوت القلوب

Editor

د. عاصم إبراهيم الكيالي

Penerbit

دار الكتب العلمية - بيروت

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

Lokasi Penerbit

لبنان

Genre-genre

Sastera
Tasawuf
مقامًا له فيه، فإن كفر النعمة يلزمه بضده لأن الكفر ضد الشكر، ومن كبائر النعم ثلاث من جهلها أضاع الشكر عليها ومعرفتها شكر العارفين، أولها استتار الله تعالى بقدرته وعزته عن الأبصار ولو ظهر للعباد لكانت معاصيهم كفرًا لأنهم لم يكونوا ينقصون من المعاصي المكتوبة عليهم جناح بعوضة ولأنه ﵎ كان يظهر بوصف لا يمتنعون معه عن المعاصي، ووراء هذا سرائر الغيوب، إلا أنهم كانوا يكفرون بالمواجهة لانتهاك حرمة المشاهدة أيضًا لما كان لهم في الإيمان به من عظيم الدرجات ما لهم الآن لأنهم حينئذ يؤمنون بالشهادة وهم اليوم يؤمنون بالغيب، فرفعت لهم الدرجات بحسن اليقين، ولذلك مدحهم الله تعالى ووصفهم، والنعمة الثانية إخفاء القدر والآيات عن عموم الخلق لأنها من سر الغيب، وصلاح العبيد، واستقامة الدنيا والدين، ولو ظهرت لهم لكانت خطاياهم الصغائر كبائر مع معاينة الآيات، ولما ضوعفت لهم على أعمالهم الحسنات كمضاعفتها الآن للإيمان بالغيب، والنعمة الثالثة تغيّب الآجال عنهم إذ لو علموا بها لما كانوا يزدادون ولا ينقصون من أعمالهم الخير والشرّ ذرّة، فكان مع علمهم بالأجل أشد مطالبة لهم وأوقع للحجة عليهم فأخفى ذلك عنهم معذرة لهم من حيث لا يعلمون، ولطفًا بهم ونظرًا لهم من حيث لا يحتسبون، ثم بعد ذلك من لطائف النعم شمول ستره لهم فيحجب بعضهم من بعض، وسترهم عند العلماء والصالحين، ولولا ذلك لما نظروا إليهم، ثم حجب الصالحين والأولياء عنهم، ولو أظهر عليهم آيات يعرفون بها حتى يكون الجاهلون على يقين من ولاية الله تعالى لهم وقربهم منه لبطل ثواب المحسنين إليهم ولحرم قبول عملهم ولحبطت أعمال المسيئين إليهم، ففي حجب ذلك وستره ما علم العاملون لهم في الخير والشرّ على الرجاء وحسن الظن بالغيب من وراء حجاب اليقين، وتأخرت عقوبات المؤذيين لهم عن المعاجلة لما ستر عليهم من عظيم شأنهم عند الله تعالى وجليل قدرهم، ففي ستر هذا نعم عظيمة على الصالحين في نفوسهم من سلامة دينهم وقلة فتنتهم ونعم جليلة عن المنتهكين لحرمتهم، المصغرين لشعائر الله تعالى من أجلهم، إذ كانوا أساءوا إليهم من وراء حجاب، فهذا هو لطف خفيّ من لطف المنعم الوهّاب ﷾، كما جاء في الخبر: يقول الله ﷿: من آذى وليًّا من أوليائي فقد بارزني

1 / 346