Kuasa Hati
قوت القلوب
Penyiasat
د. عاصم إبراهيم الكيالي
Penerbit
دار الكتب العلمية - بيروت
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م
Lokasi Penerbit
لبنان
بيان آخر في فضل علم الباطن على الظاهر
مما يدلك على أن العلم الذي فضله العلماء وأعظموا ذكره وخطره ووصفوا به العالم ومدحوه به وجاءت بفضله الآثار وندب إليه وفضل في الأخبار أهله إنما هو العلم بالله تعالى الدال على الله تعالى الراد إليه الشاهد بالتوحيد في علم الإيمان واليقين وعلم المعرفة والمعاملة دون سائر علوم الفتيا والأحكام، إنهم يقولون من عمل بعلمه ويذكرون العمل بالعلم ويصفون جملته بالخشية والخشوع فهذا إنما هو علم القلوب لا علم اللسان الذي يكون به العلم ولا تتأتى عنه المعاملات من أعمال الإيمان مثل أعمال القلوب التي هي مقامات اليقين وصفات المتقين ومثل أعمال الجوارح من الصالحات التي هي مزيد الإيمان والذين أربابها أهل الفقر والزهد وذو التوكل والخوف وأصحاب الشوق والمحبة وليس يعنون أن يكون الإنسان إذا علم علم الأحكام والقضايا عمل بها والتزم الدخول في أحكامها ليعامل منها مثل أن يطلب القضاء فيقضي بين الناس إذا كان عالمًا به أويقتني المال ويدخل في البيع والشراء إذا كان عالمًا بالزكوات والبياعات أو يتزوج النساء ويطلق لأنه عالم بالنكاح والطلاق ليكون بهذه الأشياء عاملًا بعلمه، هذا ما قاله أحد بل قد روي في كراهة ذلك وذمه ما يكثر ذكره، وأهل هذه العلوم موصوفون بالرغبة في الدنيا والحرص على جمعها ويلابسون الأمراء فيعاملون لهم فبطل أنهم هم المعنيون بالعلم الموصوفون بالخشوع والزهد، ومثل ذلك أيضًا تفضيل الجمهور من السلف العلم على العمل وقولهم ذرة من علم أفضل من كذا من العمل وركعتان من عالم أفضل من ألف ركعة من عابد، وحديث أبي سعيد الخدري عن رسول الله ﷺ: فضل العالم على العابد كفضلي على أمتي، والخبر المشهور: كفضل القمر على سائر الكواكب، وقول ابن عباس وسعد، وقدروينا مسندًا: عالم واحد أشد على الشيطان من ألف عابد وكذلك قيل في موته أحب إليه من موت ألف عابد إنما يعنون بذلك العلم بالله تعالى أفضل من العمل لأن العلم بالله تعالى وصف من الإيمان ومعنى من اليقين الذي لم ينزل من السماء أعزّ منه فهو لا يعادله شيء لا يصح عمل ولا يقبل إلا به ولأنه معيار الأعمال كلها على وزنه تتقبل الأعمال قبولًا حسنًا بعضه أحسن من بعض ويثقل في الميزان ثقلًا فوق ثقل ويرفع به العاملون في درجات عليين بعضها من بعض، وقد قال تعالى: (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ على عِلْمٍ) الأعراف: ٥٢، ثم قال: (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ) الأعراف: ٧، وقال تعالى: (والْوَزْنَ يَوْمَئِذٍ الحْقَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازينُهُ) الأعراف: ٨ فما كان العائد منه إلى الربوبية أقرب كان أفضل والعمل وصف العامل وحكم العبودية لا أنهم يعنون العلم بالفتيا والأحكام والقضاء التي هي أماكن الخلق عائدة عليهم أفضل من معاملات الله ﷾ بالقلوب من مقامات التوكل والرضا والمحبة التي هي
1 / 240