Kuasa Hati
قوت القلوب
Penyiasat
د. عاصم إبراهيم الكيالي
Penerbit
دار الكتب العلمية - بيروت
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م
Lokasi Penerbit
لبنان
مأوى كل نفس وهذا مصدق للحديث الذي روي أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش، وقدعبر علماء الكوفة عن الدم بالنفس فقالوا: إذا مات في الماء من الهوام ماليس له نفس سائلة لم ينجس يعنون الخنافس والصراصر والعناكب، ففي الجوع نقصان الدم ونقصانه ضيق مسلك العدوّ وضعف مسكن النفس لسقوط مكانها، وفي خبر عن عيسى ﵇: يامعشر الحواريين جوّعوا بطونكم وعطشوا أكبادكم وأعروا أجسادكم لعل قلوبكم ترى الله ﷿ يعني بحقيقة الزهد وصفاء القلب، فالجوع مفتاح الزهد وباب الآخرة وفيه ذلّ النفس واستكانتها وضعفها وانكسارها وفي ذلك حياة القلب وصلاحه وأقل ما في الجوع إيثار الصمت وفي الصمت السلامة وهي غاية للعقلاء، وقال سهل ﵀: اجتمع الخير كله في هذه الأربع خصال، وبها صار الإبدال إبدالًا إخماص البطون والصمت والسهر والاعتزال عن الناس، وقال: من لم يصبر على الجوع والضر لم يتحقق بهذا الأمر وكان عبد الواحد بن زيد يحلف بالله ما تحول الصديقون صديقين إلا بالجوع والسهر فإنه ينير القلب ويجلوه وفي استنارته معاينة الغيب وفي جلائه صفاء اليقين فتدخل الاستنارة والجلاء على البياض والرقة فيصير القلب كأنه كوكب دريّ في مرآة مجلوة ويشهد الغيب بالغيب فيزهد في الفاني لما عاين من الباقي وتقل رغبته في عاجل حظوظ هواه لما أبصر من وبال العقاب ويرغب في الطاعات لمشاهدة الآخرة ورفيع الدرجات فيصير الآجل عاجلًا ويكون العاجل غائبًا ويصير الغائب حاضرًا والحاضر آفلًا يطلبه ويرغب فيه فلا يحب الآفل ولا يبتغيه ويطلب الآجل ويرغب فيه وينكشف له عوار الدار ويظهر له بواطن الأسرار ويزول عنه كامن الإغترار فهناك صار العبد مؤمنًا حقًا بوصف حارثة الأنصاري إذ يقول: عزفت نفسي عن الدنيا وكأني أنظر إلى عرش ربي تعالى بارزًا وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون وإلى أهل النار يتعادون، وكذلك وصف رسول الله ﷺ قلب المؤن في قوله: القلوب أربعة؛ قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن وانجراد القلب بالزهد في الدنيا
1 / 170