فقالت برقة : كان حلمي دائما أن أكمل دراستي. - لا معنى لذلك ألبتة. - كل بنت تفعل ذلك اليوم. - أهو تقليد أعمى؟! - أبدا ولكن للعلم قيمته. - إنه ليس أهم من كونك زوجة وعلى وشك أن تصيري أما.
فقالت بما اعتبره عنادا ضايقه: بعض طالبات الجامعات متزوجات.
فقال بحدة غلبت على حبه وسماحته: لا تتصوري أبدا أنه يمكن أن أوافق على التحاق زوجتي بالجامعة واختلاطها بالطلبة!
فأصرت على التساؤل: ألا تثق في؟ - كل الثقة، ولكن كرامتي لا تسمح بذلك.
وخطر له أنها لم توافق على الزواج منه إلا تحت ضغط أهلها وظروفها القاسية، فقال بحزم: ليكن مفهوما أنني لن أوافق على ذلك.
فلاذت بالصمت مغلوبة على أمرها، وحاولت فيما بعد أن تقنعه بإكمال دراستها بالانتساب من الخارج ولكنه لم يرتح لذلك أيضا، وتذكر ما جره عليه لينه مع ليلى، فقال بحزم: ولا هذا، وما أوله شرط آخره نور!
أدركنا أن الدرس الذي لقنته له ليلى لم يمح من وجدانه، وطاب لنا أن نتخيل صديقنا الدمث وهو يمثل دور الرجل الأسد، وقال له إسماعيل قدري: في كل خرابة لك عفريت.
فقال بثقة: ولكنني قتلت هذا العفريت في قمقمه.
ولم يوافقه أحد منا على أسلوبه ولكننا تجنبنا تكدير صفوه بمعارضتنا، وقد أثبتت له أنها ست بيت نشيطة بقدر ما هي جميلة، وأدركنا أنها تضحي بآمالها أن ترجع مرة أخرى إلى ركن الذل في بيت جدها، خاصة وأن أباها لم يظهر في الصورة قط بما يقطع بتفاهته أو عدمه، وفي أكثر من مناسبة راح صادق ينوه بحيويتها ونشاطها ويرجع الفضل في اكتشاف مزاياها إلى حزمه، وقال: ولم أستطع أن أحول بينها وبين مكتبتي، فوقت فراغها كله تنفقه في القراءة، ولم أجد في ذلك من بأس، ولكنها قالت لي مرة: إن المعرفة أهم من المال نفسه، ولم أرتح لقولها، ولولا الحياء لذكرتها بما قدمه لها مالي مما يعجز عنه علم الدنيا والآخرة، وقلت لها: إن رجل المال أهم رجل في المجتمع، وأن كثيرين من المثقفين يعجزون عن إسعاد زوجة ، بل ربما عن الزواج أصلا.
وضحك حمادة الحلواني وقال ساخرا: ما أعجب أن تعاشرنا العمر كله، ويكون لك هذا الرأي!
Halaman tidak diketahui