(ولا يجوز) أن يقال: (كل مجتهد في الأصول الكلامية) أي العقائد الدينية (مصيب؛ لأن ذلك يؤدى إلى تصويب أهل الضلالة) من النصارى القائلين بالتثليث، (والمجوس) القائلين (بالأصلين) للعالم النور والظلمة، (والكفار) في نفيهم التوحيد وبعثة الرسل والميعاد في الآخرة (¬1).
وهو من عطف العام على الخاص، وكذلك قوله: (والملحدين) إن أريد بالإلحاد معناه اللغوي وهو مطلق الميل عن الحق، وإن أريد بالملحد اصطلاحا وهو من يدعي أنه من أهل ملة الإسلام ويصدر عنه من ينافيه كالمعتزلة ونحوهم في نفيهم صفات الله تعالى كالكلام وخلق الله لأفعال العباد وكونه مرئيا في الآخرة وغير ذلك - فليس من عطف العام على الخاص.
(ودليل من قال: ليس كل مجتهد في الفروع مصيبا قوله صلى الله عليه وسلم: {من اجتهد وأصاب له أجران ومن اجتهد وأخطأ له أجر واحد})، رواه الشيخان ولفظ البخاري: {إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد}، ذكره في كتاب الاعتصام، ولفظ مسلم مثله إلا أنه قال: {فاجتهد ثم أصاب} إلى آخره، ذكره في كتاب القضاء (¬2).
(ووجه الدليل) من الحديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم خطأ المجتهد تارة وصوبه أخرى).
فإن قيل : قوله في الحديث {من اجتهد} أعم من أن يكون كامل الأدلة في اجتهاده أو لا، والمصنف خصه بكونه كامل الأدلة.
فالجواب والله أعلم: أن من لم يكن كامل الأدلة فيما اجتهد فليس من أهل الاجتهاد وفرضه التقليد، فهو معتد باجتهاده فيكون آثما غير مأجور، والله أعلم.
ووقع الحديث المذكور في رواية عند الحاكم بلفظ: {إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر واحد فإن أصاب فله عشرة أجور}، وقال: صحيح الإسناد (¬3).
Halaman 62