(فإن كان) المرسل (من مراسيل غير الصحابة) كأن يقول التابعي أومن بعده: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فليس ذلك) المرسل (حجة) عند الشافعي؛ لاحتمال أن يكون الساقط مجروحا، (إلا مراسيل سعد بن المسيب) بفتح المثناة التحتية وكسرها، وهو من كبار التابعين رضي الله عنهم، فإذا أسقط الصحابي وعزا الأحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم فإن مراسيله حجة، (فإنها فتشت) أي فتش عنها (فوجدت مسانيد)، أي رواها الصحابي الذي أسقطه (عن النبي) صلى الله عليه وسلم، وهو في الغالب صهره أبو زوجته، أي أبا هريرة رضي الله عنه.
وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في أشهر الروايتين عنه وجماعة من العلماء: المرسل حجة؛ لأن الثقة لا يرسل الحديث إلا حيث يجزم بعدالة الراوي (¬1).
وأما مراسيل الصحابة فحجة؛ لأنهم لا يروون غالبا إلا عن صحابي والصحابة كلهم عدول (¬2)، فإذا قال الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو محمول على أنه سمعه من صحابي آخر فله حكم المسند.
وقولنا: (غالبا)، لأنه قد وجدت أحاديث رواها الصحابة عن التابعين، خلافا لمن أنكر ذلك.
وهذا فيما علم أن الصحابي لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إذا لم يعلم ذلك وقال الصحابي: قال النبي صلى الله عليه وسلم، فهو محمول على أنه سمعه منه صلى الله عليه وسلم.
(والعنعنة) مصدر عنعن الحديث إذا رواه بكلمة "عن"، فقال: حدثنا فلان عن فلان، و(تدخل على الأسانيد) أي على الأحاديث المسندة فلا يخرجها عن حكم الإسناد إلى حكم الإرسال، فيكون الحديث المروي بها مسندا لاتصال سنده في الظاهر لا مرسلا.
(وإذا قرأ الشيخ) على الرواة وهم يسمعون فإنه (يجوز للراوي أن يقول حدثني) فلان (أو أخبرني).
Halaman 51