Quenching the Thirst with the Sessions of the Branches of Faith
ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان
Penerbit
مكتبة دروس الدار
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م
Lokasi Penerbit
الشارقة - الإمارات
Genre-genre
سلسلةُ: ريِّ الظَّمْآن بِمَجالِس شُعَبِ الإيمَانِ (١)
الإِيْمَانُ باللهِ
ﷻ
تأليف
أبي حمزة غازي بن سالم أفلح
عفا الله عنه وعن والديه ومشايخه وجميع المسلمين
تقديم
الدكتور عزيز بن فرحان العنزي الدكتور رشاد بن حمود الحزمي
الشيخ عبد العزيز بن يحيى البرعي الشيخ محمد بن عبد الله باموسى
الشيخ نعمان بن عبد الكريم الوتر
1 / 3
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى لمكتبة دروس الدار
١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م
(مزيدة ومنقحة)
رقم الفسح الإعلامي في دولة الإمارات العربية المتحدة دبي
MC-٠١ - ٠١ - ٧٥٤٩١٤٢
Date-٢٠٢٢ - ٠٤ - ١٩
الترقيم الدولي
ISBN: -٩٧٨ - ٩٩٤٨ - ٠٤ - ٥٧٢ - ٤
التصنيف العمري: E
تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية التي تلائم محتوى الكتب وفقا لنظام التصنيف العمري الصادر عن وزارة الثقافة والشباب
للتواصل مع المؤلف: ghazi.salem@hotmail.com
الإمارات العربية المتحدة - الشارقة
البريد الإلكتروني: droosaldar@gmail.com
للتواصل: ٠٠٩٧١٥٠٣٦٦٧٠٧٧
تويتر: @ DroosAldar
1 / 4
التقديم للكتاب
1 / 5
تقديم فضيلة الشيخ الدكتور
عزيز بن فرحان العنزي حفظه الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد:
فلا يخفى ما لكتاب الجامع لشعب الإيمان؛ للحافظ البيهقي ﵀ من المنزلة الكبيرة، والمكانة الرفيعة، عند العلماء، وطلاب العلم، بل وعند الوعاظ والخطباء، وذلك لما اشتمل عليه من الفوائد النفيسة، والفرائد الماتعة، والحكم والأقوال الباهرة.
فهو كتاب عظيم، حوى جملة كبيرة من الأحاديث النبوية، وآثار الصحابة والتابعين، والأقوال والحكم والأشعار في جميع الفنون الشرعية.
وقد قام الإمام البيهقي بإسناد ما أورده الحليمي من الأحاديث والآثار التي ذكرها في شرحه من دون إسناد، وزاد عليها ما شاء الله أن يزيد؛ فجاء موسوعة علمية قلَّ نظيره في بابه.
ولما كانت الأحاديث والآثار التي أوردها البيهقي، منها: الصحيح، والحسن، والضعيف، والموضوع، من خلال عرضها وإجراءها على وَفْقِ القواعد الحديثية، فإن الحاجة ملحة إلى غربلة الكتاب، وتنقيته مما شابه مما لم يصح، وقد انبرى لهذه المهمة، وتجشم لهذا المشروع فضيلة الشيخ غازي بن سالم أفلح، وهو من طلاب العلم الأماثل، وعلى منهاج سليم، -أحسبه والله حسيبه-، وممن لهم عناية بالأحاديث، رواية ودراية،
1 / 7
حيث قام من خلال هذا السفر الموسوم بـ " ريِّ الظمآن بمجالس شعب الإيمان" على اختيار ما صح لديه مما اشتمل عليه الجامع من الأحاديث والآثار، -المتعلقة بأركان الإيمان الستة-، وزاد فيه مباحث ومسائل هامة، جعلته يخرج بهذه الحلة القشيبة، والذي يمثل إضافة هامة للمكتبة الإسلامية، لا سيما وأن هذا المصنف يحتاج إليه المبتدي؛ كما أنه لا يستغني عنه المنتهي.
وأسأل الله تعالى أن يجعله مباركًا نافعًا،
وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد،،،
وكتبه
عزيز بن فرحان العنزي
٤ رجب ١٤٤٣ هـ
مدير مركز الدعوة والإرشاد بدبي سابقا
رئيس اللجنة الأكاديمية بمجلس الأمناء بالجامعة القاسمية
1 / 8
مقدمة الشيخ الدكتور
رشاد بن حمود الحزمي حفظه الله
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين؛
أما بعد:
فقد قرأت كتابَ "ريِّ الظمآن بمجالس شعب الإيمان"، تأليف: الشيخ أبي حمزة غازي بن سالم أفلح البدوي، فوجدته كتابًا مفيدًا، ذكر فيه مؤلفه عقيدة أهل الإيمان في أصول الإيمان الستة، من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة.
وهو كتاب وافق مضمونه عنوانه، فإن قارئه يرتوي بقراءته، بما يشعر به في نفسه من زيادة الإيمان.
وتتجلى أهمية الكتاب فيما يلي:
١ - كتابته بأسلوب سهل، يستفيد منه الطالب المبتدي، والعالم المنتهي.
٢ - استيعابه للأدلة من القرآن الكريم في الغالب، مع العناية بالمأثور من تفسيرها من أقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الأئمة. مع عزو الأقوال لمن أخرجها من الأئمة في كتب الحديث والتفسير المسندة، والمصنفات وغيرها.
٣ - كثرة الأدلة من الأحاديث عن رسول الله ﷺ، مع عزوها لمن أخرجها من أئمة الحديث في كتبهم من الصحاح والسنن والمسانيد والمعاجم والأجزاء وغيرها. وبيان مرتبتها إن كان الحديث في غير الصحيحين، واعتنائه بذكر أحكام العلماء المتقدمين والمتأخرين على الحديث، واختيار ما يراه صوابًا وَفْق القواعد الحديثية. واهتمامه البالغ بألفاظ الحديث، وسياقه مساقًا واحدًا، مع ذكر الزيادات، ومن زادها من أهل العلم.
٤ - ذكر أقوال العلماء في الكلام على الأحاديث، بتفسير غريبها، أو حل مشكلها، أو
1 / 9
دفع تعارضها أو غير ذلك.
٥ - اهتمامه بذكر أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم، وعزوها لمن أخرجها من أهل العلم في كتبهم، والحكم عليها صحة وحسنًا وضعفًا.
٦ - كثرة المصادر التي نقل منها المؤلف في هذا الكتاب
٧ - كثرة العناوين التفصيلية للكتاب، التي تقرب الاستفادة منه.
وهذا الكتاب تهذيب وشرح لكتاب "الجامع لشعب الإيمان" للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى سنة (٤٥٨ هـ) -رحمه الله تعالى-؛ فأسال الله أن ييسر لمؤلفه إتمامه، فلو تم، لعله أن يكون في أكثر من عشرين مجلدًا.
ولقد استفدت من قراءتي لهذا الكتاب، فجزى الله مؤلفه الشيخ غازي بن سالم خيرًا، وجعل ذلك في ميزان حسناته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
كتبه/
أبو عبدالله رشاد بن حمود الحزمي
في يوم الثلاثاء
٢١ من شهر رجب الحرام من عام ١٤٤٣ هـ.
1 / 10
مقدمة فضيلة الشيخ العلامة
عبد العزيز بن يحيى البرعي حفظه الله
القائم على دار الحديث السلفية في اليمن -محافظة إِبّ- مفرق حبيش
الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ﵌، أما بعد:
فقد قام الأخ غازي بن سالم أفلح، بتأليف كتاب "ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان" سائرا على منوال كتاب شعب الإيمان للبيهقي، آخذا منه ومضيفا عليه مع حذف الأحاديث الضعيفة، وإبقاء عامة الأحاديث الصحيحة، وحشد فيه من الفوائد العلمية من كلام أهل العلم ما جعل الكتاب مرجعا في بابه، وقد ألقى ذلك في أكثر من مائة مجلس، منها سبعة وثلاثون مجلسا في أركان الإيمان الستة.
أسأل الله أن يثبت بذلك إيمانه ويعلي درجته،
والحمد لله رب العالمين.
كتبه
عبد العزيز بن يحيى البرعي
١٨ رجب ١٤٤٣ هـ
1 / 11
مقدمة الشيخ المحدث
أبي عمار محمد بن عبد الله باموسى حفظه الله
القائم على دار الحديث ومركز السلام العلمي للعلوم الشرعية اليمن -الحديدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للَّه الذي جعل الإِيمان شُعبًا، والصلاةُ والسَّلام على نبينا محمد ﷺ الذي بمبعثه حُرِسَت السَّماء، ورُجمت الشياطين شُهبًا، وآله وصحبه الحائزينَ الشرف والفضل النُّجَبَا، والتَّابعين لهم بإحسان ومَنْ إليهم انتسبا (^١). أما بعد:
فإن الإيمان الذي يشمل الأعمال، وأنواعها، وأجناسها بضعٌ وسبعون شعبة، وهذه الشعب هي الأعمال الشرعية، التي تتشعب وتتفرع عن أعمال القلب، وأعمال اللسان، وأعمال البدن. وتتفاوت هذه الشعب في مراتبها من الإيمان، فمنها ما يكون في أعلى مراتب الإيمان، ومنها ما يكون في أدناها، وما بين أعلى الإيمان وأدناه شعب متعددة.
قال ابن القيم ﵀: الإيمان أصل له شعب متعددة، وكل شعبة تسمى إيمانًا ظاهرًا كان أو باطنًا، فالصلاة من الإيمان، والزكاة من الإيمان، والحج من الإيمان، والصيام من الإيمان، والأعمال الباطنة من الإيمان، وبينهما شعب متفاوتة تفاوتًا عظيمًا ا. هـ (^٢).
وقول النبي ﷺ: «الإيمان بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شُعْبة»، المراد بذلك أنَّ خصال الإيمان لا تخرج عن هذا العدد (^٣)، وأنَّها متفاوتة، فتدخل فيها أعمال القلوب،
_________
(^١) مقتبسة من مقدمة الزبيدي ﵀، على «شعب الإيمان».
(^٢) «الصلاة وأحكام تاركها» (ص: ٥٥) بتصرف.
(^٣) قد يشكل هنا أن تفاصيل أفعال الخير من واجبات ومستحبات تفوق العدد المذكور في الحديث، وقد أجاب أهل العلم عن هذا الإشكال بعدة أجوبة، ذكرها ابن رجب ﵀ في «فتح الباري» (١/ ٣٠ - ٣١).
1 / 12
وأعمال الجوارح، وأعمال اللسان، والحديث جمع هذه كلها.
فمثَّل لأعمال اللسان بقول: «لا إله إلا الله». ولأعمال القلوب بـ: «الحياء». ولأعمال الجوارح: بـ: «إماطة الأذى عن الطريق».
والحديث كذلك جمع أركان الإيمان الثلاثة المجمع عليها: القول والعمل والاعتقاد (^١).
وكتاب "شعب الإيمان" للإمام البيهقي ﵀ يعتبر من الموسوعات العلمية الكبرى التي صنفها الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ﵀، وهو عبارة عن شرح لحديث: «الإيمان بضعٌ وسبعون شُعْبة»، وقد حاول ﵀ سرد هذه الشعب وذِكر الأدلة المتعلقة بها، وقد أبدع ﵀ في ذلك غاية الإبداع.
والكتاب على جلالة قدره فيه أحاديث مختلفة المراتب، ففيه الصحيح، والحسن، والضعيف، وشديد الضعف، وفيه بعض الموضوعات وهي قليلة.
هذا وقد قام فضيلة الشيخ المحدِّث أبي حمزة غازي بن سالم أفلح، وفقه الله، بعقد مجالس للمدارسة في هذا الكتاب المبارك بلغت أكثر من مائة مجلس، فُرِّغ منها سبعة وثلاثون مجلسًا، وعمله وفقه الله، في كتاب البيهقي كعمل المزي ﵀ في "الكمال" (^٢):
* فقد اختار الشارح من كتاب البيهقي الصحيح وما قاربه،
* ثم زاد عليه زيادات صحيحة من خارج الكتاب، كما زاد البيهقي نفسه على كتاب الحليمي ﵀ المسمى بـ: "المنهاج المصنَّف في شعب الإيمان".
* ثم قام وفقه الله، بشرح المهذب منه شرحًا ميسرًا سهلًا ممتنعًا قريبًا من جميع القرَّاء على اختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم وطبقاتهم العلمية،
_________
(^١) انظر: «التمهيد» لابن عبد البر (٩/ ٢٣٨)، «الفتاوى» لابن تيمية (٧/ ٣٣٠)، «اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم (ص: ٢١٨)، رحمة الله على الجميع
(^٢) انظر: مقدمة «تهذيب الكمال» (١/ ٤٣ - ٤٨) لبشار عواد؛ لمعرفة عمل المزي ﵀ في كتاب «الكمال في أسماء الرجال» للحافظ الكبير أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الجماعيلي ﵀.
1 / 13
* وقد نثر في هذه المجالس العلمية المباركة:
• دررًا من العلوم والفنون وبدائع الفوائد،
• وفوائد القلائد،
• وغرائب الفرائد،
• ونوادر الشوارد،
• فهو كتاب جليل القَدْر، والكتاب يترجم لكاتبه.
أسأل الله العظيم أن يحيينا بشعب الإيمان وفي شعب الإيمان،
وأن يتوفانا على أعلى مراتب شعب الإيمان،
والله تعالى أعلم، وهو أعز وأكرم،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه:
العبد الفقير إلى مولاه الغني القدير
أبو عمار محمد بن عبد الله (باموسى)
القائم على دار الحديث ومركز السلام العلمي للعلوم الشرعية اليمن -الحديدة
عفا الله عنه وعن والديه ومشايخه وجميع المسلمين.
٢٩/ جمادى الآخرة/ ١٤٤٣ هـ
مكة المكرمة، شعب عامر، جبل السودان
1 / 14
مقدمة الشيخ الفقيه
نعمان بن عبد الكريم الوتر حفظه الله
القائم على دار الحديث السلفية في مدينة دار السلام، اليمن، يختل، المخا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد طلب مني الاطلاع على كتاب "ريّ الظمآن بمجالس شعب الإيمان" والتقديم له، فألفيته كتابا قيما نافعا مفيدًا عقد فيه مؤلفه الشيخ المفضال المبارك غازي بن سالم أفلح حفظه الله مجالس عدة لشرح كتاب "شعب الإيمان" للحافظ البيهقي ﵀، تم تفريغ الكثير منها ويلاحظ القارئ الجهدَ المبرورَ للشيخ غازي في هذه المجالس حيث اختار ما صح، وزاد ما تدعوا الحاجة إليه، وتقريبه، وتهذيبه، وشرحه شرحا رائقا، ميسرا، مرصعا بالفوائد القيمة، فصارت مجالسَ مستطابة، فيها العديد من الفواكه الشهية، والأفنان النَّدية، جزاه الله خيرا، وكتب أجره، ونفع به، وجعل أعمالنا وأعماله خالصة لوجهه الكريم، نافعة لنا وله ولمن شاء من عباده في الدنيا ويوم الدين،
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وكتبه
نعمان بن عبد الكريم الوتر
١١ رجب ١٤٤٣ هـ
1 / 15
مقدمة الطبعة الثانية
الْحَمد لله رب الْعَالمين حمدا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ، حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل رسله، وأمينه على وحيه، نبينا محمد بن عبد الله، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى صحابته، ومن تبعهم بإحسان.
أما بعد:
فهذه هي الطبعة الثانية من هذه السلسلة المباركة، جعلتها مقسمة إلى أجزاء سبعة، يتضمن كل جزء منها الحديث عن ركن من أركان الإيمان الستة، على هذا الترتيب الإيمان بالله، ورسله، وملائكته، وكتبه، والقدر خيره وشره، ثم الإيمان باليوم الآخر، ثم الإيمان بالجنة والنار، وقد كانت الطبعة الأولى في مجلدين كبيرين، فرأيت أن تكون هذه الطبعة مجزأة على هذه الأجزاء ليسهل الانتفاع بها، وقد راجعتها وصححت بعض الأخطاء في الطبعة الأولى، وزدت فيها زيادات -يسيرة- في مواضع عدة من مباحث الكتاب.
فأسأل المولى -جل وعلا- أن يتقبل مني هذا العمل وأن يرزقني الإخلاص والقبول إنه خير مسؤول وهو حسبي ونعم الوكيل
وكتبه
أبو حمزة غازي بن سالم أفلح
١٩ من ذي الحجة ١٤٤٣ هـ
1 / 16
مقدمة الطبعة الأولى
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فهذه مجالس في مدارسة كتاب «الجامع لشعب الإيمان» للحافظ الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي، المولود في سنة (٣٨٤) والمتوفى في سنة (٤٥٨ هـ) ﵀.
نبذة عن الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي:
وهو أحد الأئمة الكبار المشهورين بالحديث، وهو من محدثي فقهاء الشافعية الجامعين بين الحديث والفقه.
بل قال الحافظ ابن عساكر (ت: ٥٧١ هـ) ﵀: سَمِعت الشَّيْخ أَبَا بكر مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حبيب العامري بِبَغْدَادَ يَقُول سَمِعت من يَحْكِي عَنْ الإِمَام أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ ﵀، أَنه قَالَ: مَا من شَافِعِيّ إِلَّا وَللشَّافِعِيّ عَلَيْهِ منَّة إِلَّا أَحْمد الْبَيْهَقِيّ فَإِنْ لَهُ على الشَّافِعِي مِنَّة لتصانيفه فِي نصْرَة مذْهبه وأقاويله أَوْ كَمَا قَالَ ا. هـ (^١)
_________
(^١) تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري (ص: ٢٦٦) - وعنه شرف الدين علي بن المفضل المقدسي (ت: ٦١١) في كتاب "الأربعون على الطبقات" (ص: ٥١٥)، وانظر أيضا: طبقات الفقهاء للشيرازي ط القلم (ص: ٢٣٣)، الطبقات الكبرى للسبكي: ٤/ ١٠ في ترجمة البيهقي.
1 / 17
وعلق الذهبي ﵀ على قول أبي المعالي فقال: أصاب أبو المعالي، هكذا هو، ولو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهبا يجتهد فيه، لكان قادرا على ذلك، لسعة علومه، ومعرفته بالاختلاف، ولهذا تراه يلوح بنصر مسائل مما صح فيها الحديث ا. هـ (^١)
وقال أبو الحسن عبد الغافر الفارسي ﵀: كان على سيرة العُلماء، قانِعًا من الدُّنيا باليسير، مُتَجَمِّلًا في زُهْدِهِ وورعه. عاد إلى النّاحية في آخر عُمْرِه، وكانت وفاته بها. وقد فاتني السَّماع منه لغيبة الوالد، ولانتقال الشّيخ آخر عمره إلى النّاحية. وقد أجاز لي (^٢).
ونقل ابن عبد الهادي عن عبد الغافر أنه قال في "ذيل تاريخ نَيسَابور": أبو بكر البَيْهَقي الحافظ الأُصولي، الدَّيِّن الوَرع، واحد زمانه في الحِفْظ، وفَرْد أقرانه في الإِتقان والضَّبْط، من كبار أصحاب الحاكم، ويزيد عليه بأنواع من العلوم، كتب الحديث، وحَفِظَه مِنْ صباه، وتفقَّه وبَرَعَ، وأخذ في الأصول، وارتحل إلى العراق والجبال والحجاز، ثم صنَّف، وتواليفه تقارب ألف جُزْء مما لم يسبقْه إليه أحد، جمع بين عِلْم الحديث والفِقْه وبيان علل الحديث، ووَجْه الجَمْع بين الأحاديث، طلب منه الأئمة الانتقال من النَّاحية إلى نَيسابور لسماع الكتب، فأتى في سنة إحدى وأربعين، وعقدوا له المجلس لسماع كتاب "المعرفة" وحضره الأئمة، وكان على سيرة العُلَماء، قانعًا باليسير، متجملًا في زُهْده وورعه.
قال ابن عبد الهادي ﵀: مات البَيْهَقِي بنَيسَابور في عاشر جُمَادى الأُولى من سنة ثمانٍ وخمسين وأربع مئة، ونُقِل في تابوت فدفن ببَيْهَق، وهي ناحية من أعمال نَيسَابور على يومين منها. وخُسْرَوْجِرْد: هي أم تلك النَّاحية. (^٣)
من مؤلفات الإمام البيهقي:
تقدم قول تلميذه بالإجازة أبي الحسن عبد الغافر الفارسي: … وتواليفه تقارب ألف
_________
(^١) سير أعلام النبلاء - تح الأرناؤوط (١٨/ ١٦٩)
(^٢) تاريخ الإسلام ت بشار (١٠/ ٩٦)
(^٣) طبقات علماء الحديث (٣/ ٣٣١) لابن عبد الهادي
1 / 18
جُزْء مما لم يسبقْه إليه أحد، جمع بين عِلْم الحديث والفِقْه وبيان علل الحديث، ووَجْه الجَمْع بين الأحاديث ا. هـ ومن مصنفاته النافعة، ومؤلفاته السائرة:
١ - السنن الكبرى
٢ - والمدخل إلى السنن الكبرى
٣ - والسنن الصغير
٤ - ومعرفة السنن والآثار
٥ - والأسماء والصفات
٦ - ودلائل النبوة
٧ - والجامع لشعب الإيمان
٨ - ومعرفة السنن والآثار
٩ - والقراءة حلف الامام
١٠ - والبعث والنشور
١١ - والاعتقاد
١٢ - والقضاء والقدر
١٣ - وإثبات عذاب القبر
١٤ - والآداب
١٥ - والأربعون الصغرى
١٦ - والدعوات الكبير
١٧ - مناقب الشافعي
١٨ - فضائل الأوقات
١٩ - حياة الأنبياء في قبورهم
٢٠ - الزهد الكبير
وغيرها كثير، وكتبه مسندة، وكثير منها مطبوع وهي عظيمة النفع.
1 / 19
كتاب شعب الإيمان:
وكتابه «الجامع لشعب الإيمان»:
١ - كتاب مسند جمع فيه الحديث والأثر
٢ - بناه على كتاب «الْمِنْهَاجِ الْمُصَنَّفِ فِي شُعَبِ الْإِيَمانِ» للحافظ أبي عبد الله الْحُسَيْن بْنِ الْحَسَنِ الْحَلِيْمِيَّ ﵀ (^١)
٣ - واقتدى به في تقسيم الأحاديث على الأبواب،
٤ - وحكى من كلامه عليها ما يتبين به المقصود من كل باب،
٥ - وزاد عليه بذكر الأسانيد - على رسم أهل الحديث -
٦ - مع الاقتصار على ما لا يغلب على القلب كونه كذبا.
٧ - ومقتصرا على إخراج ما يتبين به بعض المراد
٨ - وأحال للتفصيل والإسهاب على كتبه الأخرى المؤلفة في الاعتقاد خوفا من الملال في الإطناب. مثل: «كتاب الأسماء والصفات» و«كتاب الإيمان» و«القدر» و«الرؤية» و«دلائل النبوة»، و«البعث والنشور» و«عذاب القبر» و«الدعوات»، و«السنن»
هذه المجالس:
وقد رغبت منذ زمن في مدارسة «الجامع لشعب الإيمان» مع الطلاب رجاء الانتفاع بعلومه وفوائده وبدأت في تدارسه مع بعض طلبة العلم في ٢٣ من شوال ١٤٣٠ هـ، ولم يكتب لنا الاستمرار؛ ثم هيأ الله تعالى العودة إليه مرة أخرى وكان البدء في مجالسه في يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من شهر شعبان من عام ١٤٤١ هـ وقد تم عقد نحو من مائة مجلس، فاللهم أعنا على التمام.
_________
(^١) هو: الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم القاضي أبو عبد الله الحَليمي الجرجاني البخاري الفقيه الشافعي العلامة رئيس المحدثين والمتكلمين بما وراء النهر أحد الأذكياء الموصوفين ومن أصحاب الوجوه في المذهب. ولد في سنة (٣٣٨) وتوفي سنة (٤٠٣ هـ). سمع منه: البيهقي، وأكثر النقل عنه في كتابه شعب الإيمان، وكان البيهقي يثني عليه ويقول: قال إمامنا وشيخنا شيخ الإسلام. وروى عنه أيضًا: أبو عبد الله الحاكم صاحب المستدرك. انظر: إتحاف المرتقي بتراجم شيوخ البيهقي (ص: ١٥٠)
1 / 20
هذا وقد قام مجموعة من إخواني طلبة العلم جزاهم الله خيرًا:
١ - بتفريغ سبعة وثلاثين مجلسا من هذه المجالس وهي المتعلقة بأصول الإيمان الستة
٢ - ثم مراجعتها،
٣ - وتصحيحها،
٤ - راغبين في تهيئتها للطبع ليعم نفعها ويسهل اقتناص فوائدها،
وقد قمت:
١ - بقراءة ما قاموا بتفريغه ومراجعته وتصحيحه.
٢ - وعملت على توثيق النصوص والأقوال وتخريج الأحاديث والآثار
٣ - وحذفت ما لا حاجة إليه
٤ - وأضفت ما لا بد منه
٥ - كما قمت بإبراز فوائدها في عناوين واضحة
ولا شك أن الإلقاء والتدريس غير التأليف، فهذا فن وهذا فن، ولكن سددوا وقاربوا.
٦ - وسميته:
ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان
المنهج المتبع في ري الظمآن:
١ - وهذا الكتاب: وإن سرت فيه على سَنَنِ كتاب البيهقي ﵀
٢ - إلا أني: عملت على تهذيب كتابه
٣ - وأثبت منه بعض ما صح لدي
٤ - وأعرضت عما رأيت أنه من الضعيف الذي لا يحسن إيراده هنا
٥ - وربما ذكرت شيئا من ذلك، لكن مع بيان ضعفه
٦ - وما سكت عنه فهو ثابت عندي
1 / 21
٧ - وأضفت مباحث كثيرة وفوائد عديدة نثرتها في ثنايا المجالس
٨ - وهذا القسم -من المجالس- خاص بالحديث عن شعب الإيمان المتعلقة بالأركان الستة للإيمان.
٩ - فجعلت "الإيمان بالله ورسله وملائكته وكتبه والقدر خيره وشره" في مجلد، ثم خصصت المجلد الثاني بالحديث عن شعبة "الإيمان باليوم الآخر".
وعملي -فيما أحسب- شبيه بعمل الحافظ المزي ﵀ الذي قام على تهذيب كتاب «الكمال في أسماء الرجال» للحافظ المقدسي ﵀، وإصلاح ما وقع فيه من الوهم والاغفال، واستدراك ما حصل فيه من النقص والإخلال. لكني لم أستوعب كل ما عند البيهقي في كتابه المذكور، وتركت جملة من مسائله، وقصدت أن أقتصر على بعض ما يصح ويفيد، وأضفت ما يعين على فهم المسائل وتكميلها، وتوضيح الدلائل وتقريب فهمها وجعلت معها من الفوائد الفرائد ما هو متصل بالأصل وعليه مزيد. فإن وفقت لذلك فالحمد لله وله الفضل والمنة، وإن أخطأت -والخطأ لابن آدم لازم لازب- فمني والشيطان، وأستغفر ربنا الرحيم الرحمن.
وجزى الله خيرا من وجد خطأ فدل عليه وأصلحه
والله أسأل التوفيق والسداد،
﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)﴾ [هود]
كتبه العبد الفقير إلى مولاه الغني
أبو حمزة غازي بن سالم أفلح البدْوِيِّ
في الثاني والعشرين من شهر الله المحرم من عام ١٤٤٢ هـ
1 / 22
كلمة شكر
وختاما فإني أشكر الله تعالى أولا وآخرا على ما من به وتفضل.
ثم انطلاقا من قول النبي الكريم ﷺ القائل «مَنْ لَا يَشْكُرِ النَّاسَ لَا يَشْكُرِ اللَّهَ» (^١)؛
فإني أشكر كل المشايخ الكرام الذين تفضلوا بالنظر في مضامين الكتاب، والتقديم له تشجيعا لأخيهم، مع كثرة مشاغلهم، وضيق وقتهم. ومنهم: الشيخ الدكتور عزيز بن فرحان العنزي، والشيخ العلامة عبد العزيز البرعي، والشيخ محمد بن عبد الله باموسى، والشيخ نعمان الوتر، والشيخ الدكتور محمد بن عبد الله الحمادي.
_________
(^١) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب في شكر المعروف (٤٨١٣)؛ والترمذي في جامعه، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك (٢٠٨١)؛ وأحمد في المسند (٢/ ٢٥٨، ٢٩٥، ٣٠٢، ٣٨٨، ٤٦١، ٤٩٢)، والبخاري في الأدب المفرد، باب من لم يشكر للناس (٢١٨)، وابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان لابن بلبان الفارسي، كتاب الزكاة، باب المسألة والأخذ وما يتعلق به من المكافأة والثناء والشكر، (٣٤٠٧)؛ والبيهقي في شعب الإيمان، الثاني والستون من شعب الإيمان، رد السلام (٨٦٩٦)، من طرقٍ عن الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ به. وسنده صحيح على شرط مسلم؛ وله شواهد، انظر السلسلة الصحيحة (٤١٦، ٦٦٧)، وهو في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين لشيخنا مقبل ﵀.
فائدة: قال المنذري في الترغيب والترهيب: روي هذا الحديث:
• برفع (الله) وبرفع (الناس)
• وروي أيضا بنصبهما
• وبرفع (الله) ونصب (الناس)
• وعكسه أربع روايات ا. هـ
ونقل المناوي في فيض القدير نحوه عن ابن العربي، ثم قال: قال الزين العراقي: والمعروف المشهور في الرواية نصبهما. ا. هـ
1 / 23