295

قصص من التاريخ

قصص من التاريخ

Penerbit

دار المنارة للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

العاشرة

Tahun Penerbitan

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م

Lokasi Penerbit

جدة - المملكة العربية السعودية

Genre-genre

ثم حلّ رأسه من شدٍّ وثيق، ثم صب المال في حجره وقلبه مرارًا، ثم قال: هذه دنانيرنا».
وكانت لبابة والبنات ينظرن من شق الباب إلى الذهب الذي نسين لونه وشكله وحسبنه قد فُقد من الأرض، كما ينظر الجائع إلى قدور المطعم يتمنى لقمة منها يشد بها صلبه.
«وأعاد الرجل الذهب إلى الهميان وشده، ووضعه على كتفه وقلب خلقانه (١) فوقه وخرج». ولم ينظر في وجه الشيخ، ولم يُلقِ في أذنه كلمة شكر.
وأحست لبابة كأنه قد اختطف وحيدها، وكأن شعبة انخلعت من قلبها، فطارت وراءه. وشُدِه البنات ولبثن مفتوحات الأشداق دهشة وذهولًا ... فلما ابتعد وأيسن منه سقطن على وجوههن من الجوع والضعف واليأس.
وسمع الشيخ حركة فنظر، فإذا الخراساني قد رجع، فرفع إليه رأسه ينظر ماذا يريد. وكان أولى به أن يعرض عنه وأن يبغضه وقد منعه دينارًا واحدًا يحيي - لو جاد به عليه - هذه الأنفس المشرفة على الموت، ولكن الشيخ كان رجلًا سمحًا لا يتسع قلبه لبغضاء، فقام إليه وسأله عما رجع به، فقال الخراساني:
«يا شيخ، مات أبي وترك ثلاثة آلاف دينار، فقال: أخرج ثلثها ففرّقْهُ في أحق الناس عندك له، وبع رحلي واجعله نفقه

(١) أي ثيابه العتيقة.

1 / 303