Kisah Penciptaan: Sumber-Sumber Kitab Kejadian
قصة الخلق: منابع سفر التكوين
Genre-genre
الإهداء
مفتتح
الباب الأول: سفر التكوين السومري
المجتمع
الآلهة
التكوين الكوني
التكوين الكائني
الخطيئة والسقوط
العالم التحت أرضي
الباب الثاني: سفر التكوين البابلي
Halaman tidak diketahui
دور الملك في التكوين
الدم روح الإنسان
عالم آدم
الباب الثالث: سفر التكوين التوراتي
تاريخ اليهود في التوراة
الآلهة التوراتية
سفر التكوين التوراتي
المصادر العربية والمراجع (المترجمة)
الكتب الموسوعية
المصادر الأجنبية
Halaman tidak diketahui
الإهداء
مفتتح
الباب الأول: سفر التكوين السومري
المجتمع
الآلهة
التكوين الكوني
التكوين الكائني
الخطيئة والسقوط
العالم التحت أرضي
الباب الثاني: سفر التكوين البابلي
Halaman tidak diketahui
دور الملك في التكوين
الدم روح الإنسان
عالم آدم
الباب الثالث: سفر التكوين التوراتي
تاريخ اليهود في التوراة
الآلهة التوراتية
سفر التكوين التوراتي
المصادر العربية والمراجع (المترجمة)
الكتب الموسوعية
المصادر الأجنبية
Halaman tidak diketahui
قصة الخلق
قصة الخلق
منابع سفر التكوين
تأليف
سيد القمني
الإهداء
لذكرى أبي.
مفتتح
سفر التكوين هو قصة البداية،
أو هو سفر الحكاية الأولى ...
Halaman tidak diketahui
أو هو رواية المجتمع الإنساني مذ كان تجمعا، في البدء وكيف كان؟ إلى أن بلغت الرواية اكتمال نضجها مع قمة تطور السلطة في المجتمع الإنساني. وعندما يحدث التطور الجديد الآتي، فلن يكون ثمة حاجة للرواية، التي رفعت من زمن بعيد لعالم مفارق، كمرآة للواقع الأرضي.
فعندما كان المجتمع في الابتداء مشاعا، كانت أرباب السماء في متعة الشيوع تمرح، وعندما تحول المجتمع الأرضي إلى مشتركات ترأسها مجامع ديمقراطية بدائية، أصبح للآلهة ذات المجامع، لكن لتقرر للبشر على الأرض المصائر، وعندما تم تقسيم العمل على الأرض، تحول مجتمع السماء إلى آلهة شغيلة، وآلهة للتفكير والتدبير.
وعندما تمكن الإنسان من الابتكار وصنع جديد، لم يكن من قبل كائنا، تمكنت آلهة السماء من الخلق والتكوين، وعندما تمركزت السلطة على الأرض في يد ملك على رأس دولة مركزية، وأصبحت كلمة الملك نافذة لا تقبل الإرجاء، قيل إنه في البدء كانت الكلمة. رغم أنه في البدء كان المشاع، والفعل بلا كلام، فلم يكن ثمة لغة بعد.
وما كتابنا هذا إلا شرح لذاك.
وما كشوفنا فيه إلا ناتج قراءة غير مقلوبة لأوضاع مقلوبة، ورؤية غير معتادة لرؤى معتادة، وربط للأرض بالسماء، وتسجيل لأثر الإنسان القدسي ووحيه الصاعد على معراج حركة المجتمع البشري.
وإذا وجد قارئنا في تلك المقدمة العجلى لغزا، فما عليه إلا أن يشمر عن همته ليتابع معنا الحل في صفحات الكتاب.
سيد محمود القمني
الباب الأول
سفر التكوين السومري
تأسيس
Halaman tidak diketahui
يبدو أن بداية الألف الثالثة قبل الميلاد، كانت بداية لأهم أحداث المجتمع الإنساني، وأبعدها أثرا، في منطقة الشرق الأدنى بوجه خاص؛ تلك الأحداث التي تركت لنا تراثا ضخما، سجلته المدونات، حين بدأ اكتشاف الكتابة، حوالي ذلك الزمان، أو بعده بقليل.
فحوالي سنة 2900ق.م. كانت مصر قد تحولت من مجموعة مشتركات إقليمية، إلى دولة مركزية موحدة، بينما كان الشعب السومري، قد قضى حوالي خمسة قرون قبل ذلك، يلملم ذاته في جنوبي وادي الرافدين الخصيب، حتى تمكن من تكوين مجموعة مشتركات مدينية، على هيئة مدن مستقلة، يشكل كل منها دولة قائمة بذاتها مع محاولات جادة للتوحيد، لم يكتب لها النجاح الأكيد، ومن ثم لم تقدر لها الاستمرارية. وإن استطاعت هذه المدن - إلى حد بعيد - أن تترك لنا تراثا حضاريا ثريا، يزخر بالقصص والملاحم والأدب الديني، يفسر نشأة الوجود كونيا وكائنيا.
وحوالي نفس الزمان، أو بعده بقليل، تدفقت على وادي الرافدين موجات بشرية مهاجرة، كانت ضمن بحر زاخر من دفقات شعوب مرتحلة، انتشرت بسرعة قياسية على صفحة بادية الشام، وكل بلدان الهلال الخصيب (الرافدين، سوريا، لبنان، فلسطين، الأردن) إضافة إلى بادية الشام، واصطلح على تسمية هذه الهجرات «هجرات الشعوب السامية». وقد زعم كثير من الباحثين أن مصدرها جزيرة العرب، وبالتحديد جنوب الجزيرة، وإن كانت هناك اتجاهات بحثية أخرى لها وجاهتها، قدرت أماكن أخرى كمصدر لهذه الموجات البشرية المتدفقة على شرقي المتوسط، تقصد أماكن الخصب والنماء.
ويلخص «حسن إبراهيم حسن» مختلف اتجاهات الباحثين حول مصدر هذه الهجرات، التي بدأت في الألف الثالثة قبل الميلاد فيما يزعمون، أو هو بالتحديد يلخص أهم الآراء في أصل الشعوب السامية، فيقول: «وقد اختلف المؤرخون في موطن الساميين الأصلي، أهم من بلاد العرب؟ أم رحلوا إليها من أفريقيا (أصلا!) أم رحلوا إليها من بلاد الجزيرة؟ فيقول أصحاب التوراة: إن مهد الإنسان فيما بين النهرين (الرافدين)، ومنه تفرقوا في الأرض فاشتق من الساميين: الآشوريون والبابليون في العراق، والآراميون في الشام والفينيقيون على شواطئ سوريا، والعبرانيون في فلسطين، والعرب في جزيرة العرب، والأثيوبيون في الحبشة. ومرجعهم في إثبات ذلك إلى التوراة. ولا يقول هذا من علماء العصر إلا قليلون. ويرى بعض المستشرقين أن مهد الساميين في أفريقيا. ونظرا لقرب بلاد الحبشة من بلاد العرب إقليما ولغة، قالوا: إن مهد الساميين الحبشة. ويرى بعض آخرون أن مهد الساميين جزيرة العرب، ومنها تفرقوا في الأرض كما تفرقوا في صدر الإسلام. وذهبت طائفة أخرى إلى أن الساميين من جنوبي الفرات، ولكل من هؤلاء أدلة جغرافية أو اقتصادية أو جنسية أو لغوية. ويرى بعض المستشرقين أيضا، أن مهد الساميين في بادية الشام إلى نجد. ولم يقطع العلماء في أصل مهد الساميين برأي حتى الآن.»
1
المهم أن هؤلاء النازحين لم يضيعوا وقتا طويلا، حتى استطاعوا أن يقيموا لهم دولا في المنطقة، وتأتينا أهم هذه الشعوب التي أسست هذه الدول، ما بين الأكاديين
AKADI
الذين تمكنوا من التسلل البطيء إلى بلاد سومر الرافدية، ثم استولوا عليها ووحدوا مدنها في دولة مركزية، بقيادة زعيمهم «سرجون الأول
SHARRUKEN-I » حوالي عام 2450ق.م. وبين الكنعانيين
KANANI
Halaman tidak diketahui
الذين تفرقوا في الأرض الشامية حوالي 2500ق.م. حيث أسسوا مجموعة حضارات متناثرة، حملت أسماء بطون كنعانية، هي فيما تزعم التوراة: المؤابيون، والآدوميون، والعمونيون، والعموريون؛ وقد استطاع البطن العموري أو الأموري في وقت لاحق أن يخلف الدولة السومرية الحديثة التي خلفت الأكاديين في الرافدين، وأن يؤسس الدولة البابلية. بينما ظهرت على ساحل المتوسط جماعات أخرى، سلكت سبيل تفوقها بالسيطرة الملاحية على البحر، في وقت متأخر من الألف الثاني قبل الميلاد، ويرجح أنهم كانوا خليطا من أجناس مختلفة، وإن غلب عليهم العنصر السامي الكنعاني، وهم من عرفهم التاريخ باسم الفينيقيين.
ويزعم المؤرخون، أنه قد تلت هذه الموجة الأولى من الهجرات - في وقت متأخر نسبيا - موجة أخرى كبرى، حوالي منتصف الألف الثانية قبل الميلاد، هي هجرة الآراميين، الذين استقروا أول أمرهم في بادية الشام، ثم أخذوا بمنافسة بني جلدتهم الساميين على أراضي الخصب، سواء في الرافدين أو الشام، ردحا طويلا من الزمان، فكانوا عامل اتصال وتواصل، بين ساميي الرافدين وساميي الشام. ويرجح أنهم تكونوا من عدة بطون من أصل واحد، باعدت بينهم الأزمان والكثرة العددية. ويزعم بعض المؤرخين أنه كان منهم الشعب العبري، الذي ظهر على صفحة التاريخ حوالي بداية القرن الثالث من الألف الثانية قبل الميلاد، بعد أن دخل مصر وخرج منها بقيادة النبي «موسى» حوالي عام 1234ق.م. بقصد الاستقرار في أراضي الكنعانيين (أرض فلسطين الحالية)، وتمكنوا حوالي 1000ق.م. أن يقيموا لهم دولة، كان أشهر ملوكها شاءول ثم داود فسليمان، بينما ظلت بقية البطون الآرامية غير ذات شأن، حتى استطاع بعضهم أن يثبتوا وجودهم مع اضمحلال الدول الكبرى في الرافدين فقاموا بغزو ناجح لجنوب الرافدين، أسسوا على إثره الدولة الكلدانية حوالي عام 625-538ق.م.
وهكذا كانت المنطقة مسرحا رحبا لهذه الدفقات البشرية، التي تكسرت موجاتها على بعضها في الهلال الخصيب، مما جعلها ميدانا لحروب مستمرة بين هؤلاء المهاجرين وبين من سبقهم وبين من لحقهم، مما أدى إلى تبادل الفكر والثقافة، لكنه أدى أيضا إلى عدم استقرار دول هذه المنطقة مددا طويلة، بعكس مصر، التي توحدت أراضيها مبكرا، وظلت دولة واحدة متماسكة طوال عصور تاريخها الطويل، عدا بعض الانتكاسات الطارئة، وهي انتكاسات لا تقاس بعمرها الحضاري، حتى إن الزمن الذي استغرقه مجموع هذه النكسات، يكاد يعادل الزمن الذي استغرقته أي من دول الهلال الخصيب متماسكة.
ورغم أن الباحثين يقطعون بأن الشعب السومري الذي ظهر جنوبي الرافدين، قبل الهجرات السامية بحوالي خمسة قرون، أي حوالي 3500ق.م. ليس من أصول سامية ورغم أن أصله لم يزل محاطا بالغموض، فإن هؤلاء الباحثين قد تعارفوا على ابتداء العصور التاريخية شرقي المتوسط بالشعب السومري، بعد أن احتسبوهم الأصل والدافع الأول للحضارة العريقة التي قامت في بلاد الرافدين، وكانت في رأيهم المنبع الذي استقى منه الساميون الغزاة حضارتهم وفكرهم ودينهم، حتى إن كثيرا من هؤلاء الباحثين قد اعتبروا الحضارة السومرية، ذات تأثير مباشر وغير مباشر في ديانات شعوب شرقي المتوسط حتى العصور الهلينية،
2
بل ويذهب هؤلاء إلى الزعم أن أهم المآثر الدينية السومرية، تعد حتى اليوم أهم الأعمدة، لأهم المآثر الدينية الحالية في منطقتنا، ناهيك عن لغتهم وطريقتهم التي ابتكروها والمعروفة بالكتابة المسمارية التي ظلت طوال العصور التالية لهم، حتى بعد زوالهم من تاريخ الدنيا، هي طريقة الكتابة المتبعة، والتي أخذها عنهم الغزاة من المهاجرين الساميين، ليسجلوا بها مآثرهم الحضارية، مما ساعد على انتشار أصرح للمآثر السومرية بين الشعوب السامية أما الساميون الذين تسيدوا المنطقة بعد غروب النجم السومري، فكانوا جميعا من أصل واحد، وجنس واحد، بجملة عادات وتقاليد واحدة، مما سهل حمل الأفكار والمعتقدات فكانت اللغة السامية وسيلة اتصال جيدة (رغم تشعبها إلى لغات متعددة عبر تباعد اللهجات بتباعد الأمكنة والأزمنة)، بينما ظلت طريقة الكتابة المسمارية وسيلة توصيل دائمة الجودة.
وسعيا وراء ذوي التخصص، ولو مؤقتا، ونظرا لما لدينا من تحفظات سنطرحها في حينها، فسنبدأ عملنا للكشف عن منابع سفر التكوين، بدراسة ما رآه الباحثون تراثا أعرق وأقدم في المنطقة، أقصد المنابع السومرية.
المجتمع
حاول الباحثون باستمرار - وهم في أغلبهم غربيون - أن يلقوا في روعنا أن أي محاولات لاستطلاع أمر الرافدين قبل السومريين، هي محاولات عقيمة لن تصل أبدا إلى يقين؛ لأنه رغم أن الإنسان استوطن جنوبي وادي الرافدين قبل ما يزيد على خمسة آلاف عام من الميلاد بزمان طويل،
1
Halaman tidak diketahui
فإننا لا نعرف إلا القليل النادر عن هؤلاء السكان، لعدم وجود مدونات خطية، فلم تكن الكتابة اختراعا معروفا بعد، وكل ما نعلمه أنه كان هناك مستوطنون في المنطقة قبل السومريين، كان أشهرهم ما أطلق عليه اصطلاحا «عصر العبيد»، نسبة إلى المكان الذي عثر فيه على آثارهم ويسمى الآن تل عبيد، وانتهى أمرهم بالانقراض مع الفيضان العاتي لدجلة والفرات المعروف في الملاحم الدينية بالطوفان .
ورغم أن هؤلاء الباحثين يندفعون في أغلبهم إلى اعتبار هذه الفترة السابقة على السومريين، فترة حضارة سومرية أيضا، فإن باحثا شهيرا في الأثريات السومرية هو «صموئيل نوح كريمر»، يذهب إلى أن حضارة السومريين إنما كانت ناتج تلاقح واضح بين شعب العبيد، المرجح عند «كريمر» أنه سامي الأصل، وبين الشعب السومري الذين هم في رأيه الوافدون الأغراب عن المنطقة، ثم يعقب بقوله: إنه «نتيجة للإخصاب المتبادل، ظهرت إلى الوجود أول مدنية راقية نسبيا في بلاد سومر.»
2
هذا مع أخذنا بالحسبان تأكيد «لويد
Loide » أن السومريين لم يصلوا إلى جنوب الرافدين، إلا حوالي منتصف الألف الرابعة قبل الميلاد.
3
لكننا - رغم إشارات باحث مثل كريمر - سنظل الآن مع الرأي الغالب، فنبدأ دراستنا مع السومريين، بحسبانهم لدى الباحثين في مجملهم بداية وأصل الحضارة في شرق المتوسط.
ومع بداية الألف الثالثة قبل الميلاد، يمكننا أن نرسم صورة غير دقيقة المعالم تماما للمجتمع السومري، الذي شكل حضارة زراعية في هذه المنطقة النهرية الخصبة، في شكل مشتركات قروية، في البداية. ولم تكن التجارة والنقود متطورتين بشكل واضح - فيما يخبرنا به شيسنو،
4
أما الملكية فقد أخذت شكل الحيازة الفردية ضمن المجموع، المالك الحقيقي، بحيث إن ما كان يخص الفرد، إنما كان ضمن المشترك بوصفه عضوا متحدا به،
Halaman tidak diketahui
5
بل ويعلمنا «فرانكفورت
Frankfort » أن كل شيء كان ملكية جماعية، حتى أدوات الفلاحة والبهائم.
6
ومع مرور الزمن، في بيئة طبيعية متقلبة لا تعرف الاستقرار، وإزاء العواصف غير المتوقعة، والفيضانات المفاجئة ارتبط هؤلاء بقوى غير منظورة، ربطوها بظواهر الطبيعة، وتمثلوها فيها، وعبدوها رغبة ورهبة، واستشعروا إزاءها التبعية التامة، لكن يبدو أن ذلك لم يكن بحد ذاته كافيا لجلب النفع من الطبيعة، أو على الأقل لدرء غضبها وكوارثها؛ ومن هنا احتاجت الأمور إلى تكاتف القوى البشرية مع القوى الإلهية، عن طريق وسيط بشري، يتسم بمواصفات رأوها آنذاك علامات لصلة جيدة بالآلهة، فكان هذا الوسيط هو الوساطة الناجعة مع الآلهة، فكان ذلك هو الشكل الرئاسي البدائي لإدارة شئون الجماعة، بقصد تقليل أخطار الطبيعة وجلب نفعها، عن طريق إدارة شئون العمل البشري الفعلي المتكاتف ، في تنظيم أمور الري والزراعة، والتخفيف من نتائج الكوارث وتنظيم القدرات في مواجهتها، وفي الوقت نفسه يتم ذلك بعلاقة الوسيط مع الآلهة، التي توحي له بأفضل السبل لتوقي أخطار كانت هي اليد الفاعلة فيها!
ومن ثم تقاربت الجماعات لتشكل مجتمعا متحدا إزاء الطبيعة، وتخضع لهيئة إدارية من المتصلين بالآلهة، لتمثيل المشترك أمامها. وقد كون هؤلاء فئة متميزة وجهازا متراتبا، يعلوه شخص كفء، كحاكم مفوض من قبل المشترك، ومسئول أول أمام أعضاء المشترك وأمام الآلهة في آن واحد.
ويبدو أن الأمر قد بدأ بنوع من التفويض المؤقت لفرد «أصبح يختار له معاونين فيما بعد» من قبل أفراد المشترك جميعا، والذين كانوا يشكلون مجتمعا ديمقراطيا بدائيا، يمكن تصوره على هيئة مجلس عام. ويؤكد لنا «هنري فرانكفورت
H. Frankfort » أنه عندما ظهرت الكتابة، وجدنا إشارات لمجلسين هما: المجلس العام ومجلس الكبار،
7
ومن ثم تفرغ هذا الفرد ومعاونوه من العمل البدائي، وركزوا جهودهم الذهنية في التعامل مع الآلهة وقدراتها الطبيعية، بمحاولة قراءة هذه القدرات الظاهرة والتنبؤ المستطاع بفعلها المستقبلي للمحافظة على نظم الري، وتلافي أو مواجهة مشاكل قد تنتج عن تقلب المزاج الإلهي في الطبيعة، أو لمواجهة حروب طارئة مع مشتركات مجاورة تحتاج إلى نشاط سريع وحاسم.
Halaman tidak diketahui
ومع استمرار الطوارئ، تحولت الحاجة لهذه الإدارة من حاجة مؤقتة طارئة إلى حاجة دائمة مستمرة، مما أدى إلى ديمومة سلطة الوسيط ومعاونيه فتحول بالتدريج إلى كاهن وحاكم كبير، كما تحول المشترك القروي بذلك إلى مشترك معبدي، يضم مجموعة مشتركات قروية، لتظهر إلى الوجود دولة المدينة، التي تخضع كليا لإله المدينة الأعظم، وبالتالي لنائبه ووسيطه الأرضي، حتى عد هذا الإله سيدا إقطاعيا متغيبا (لبعض شئونه)، لكنه كان يثبت حضوره باستمرار بما يطلبه من إنتاج أعضاء المشترك المعبدي، من قرابين ونذور وتضحيات وهبات، أدى تراكمها إلى زيادة قدرات الكاهن الحاكم الوسيط، وبدأ يتحول بما يملك من مواد متراكمة وأحيانا نادرة إلى ملك مطلق النفود.
وبمرور الزمن، أخذ الملك يتفرغ للعمل الإداري والسياسي، لمواجهة المشتركات الأخرى التي تحولت بدورها إلى ممالك، تاركا مهمة الاتصال بالآلهة لأتباع فوضهم عنه لهذا الغرض، ليصبحوا وسطاء يعقدون معها المحالفات، ويتلقون توجيهاتها ويسكنون ثائرتها، ويبلغونها برغبات عبادها. ومن هنا بدأت تظهر ثلاث طبقات متمايزة، هي الطبقة الإدارية أو البيروقراطية ممثلة في الجهاز الإداري الحكومي وعلى رأسه الملك وحاشيته ومعاونوه ورجال جيشه؛ وطبقة الكهنة، وباقي جماهير الشعب التي تشكل الطبقة الثالثة في الدولة.
وقد وجد الكهنة بالذات سبيلا سريعا للإثراء، من خلال إمساكهم بعنان المزاج الإلهي إن رضا أو غضبا، مما أدى أحيانا إلى اصطدام الكهنة بالملك، مما كان يضطر الملك إلى خلع الإله المزعج، وإعلان نفسه إلها، بانقلاب سلمي يمسك بزمام الكهنة، وحينها كان نظام حكم المدينة يتحول إلى الشكل الاستبدادي المطلق.
لكن يبدو أن جدل التطور قد توقف بالسومريين عند حدود المدينة، فتحددت ملامح حضارتهم بحدود الدولة المدينية، ومن ثم اتسمت هذه الحضارة بخاصية المدن المستقلة، التي لم تعرف الوحدة الشاملة، إلا على يد الغزاة الساميين الذين أقاموا الدولة الأكادية، إلا أن نظام المدن المستقلة السومري، لم يوقف عملية التطور الداخلي لكل مدينة على حدة، فاستمرت عملية النمو الحضاري لكل مدينة تسير في طريقها قدما، مع تبادل الفكر والثقافة وأهم المآثر الدينية، وكافة الأساليب الحضارية المتيسرة لها، فيما بينها، وهو ما يعقب عليه «عبد العزيز صالح» بقوله:
وهكذا قطع السومريون أكثر من خمسة قرون من بداية عصر الأسرات العراقي، غابت فيها الوحدة السياسية الكاملة عن آفاقهم، وذلك على الرغم من أن أهلها في مجموعهم، كانوا يحسون تلقائيا بوحدة جنسهم، ويحسون بتقارب مذاهبهم الدينية التي شجعتهم على أن يتمثلوا أربابهم في بعض آخر، وتخيلوا صفات بعضها لبعض آخر.
8
ثم يحاول «نجيب ميخائيل» تعليل عدم قيام وحدة سياسية سومرية مركزية كبرى، وهو الأمر الذي أنجزته مصر مبكرا بقوله:
إن الحياة في وادي الرافدين، كانت تختلف اختلافا بينا عنها في وادي النيل؛ فوادي الرافدين أقل دفعا للوحدة السياسية، ومن ثم كانت هناك الدول المدن التي تأخر توحيدها، وإن لم يقم ذلك حائلا دون تطورها. والعراق القديم كان مفتوحا، بينما كانت مصر مغلقة؛ أسهم وجود الصحراء على جانبي واديها في صيانة كيانها ورد كثير من الهجمات حتى استطاعت أن تغلق في كثير من الأحيان أبوابها، دون الطامحين فيها. أما مجاورات العراق القديم، فأراض خصبة، استطاعت أن تأوي إليها شعوب تهددها، وتعرض أراضيها للعدوان، الذي كان يؤثر على ركب الحضارة، فيعطله أو ينال منه.
9
ومع ذلك فيبدو أن السومريين قد استشعروا نوعا من الوحدة القومية بينهم رغم الفرقة السياسية، وهو ما يمكن أخذه من تأكيد الآثاريين:
Halaman tidak diketahui
إنه ليس هناك شك بأن السومريين كانوا يعتبرون أنفسهم من صنف الشعب المختار. في أسطورة آنكي ونظام العالم، التي تعالج موضوع خلق آنكي للذاتيات الطبيعية والحضارية والعمليات الضرورية للمجتمع المتمدن وتنظيمها، نجده يبارك بلاد سومر بكلمات رفيعة، تكشف أن السومريين يعتقدون بأنفسهم كمجتمع، أو بالأحرى مجتمع مميز ومقدس، متصل بالآلهة اتصالا أقوى من اتصال بقية البشر بها، بشكل عام.
10
بل إنه رغم اعتراف المهتمين بالحضارة السومرية، أن السومريين مجموعة غريبة على المنطقة، فإنهم يزعمونهم أصحاب ثقافة قدر لها السيادة على جميع أجزاء الشرق الأدنى، فيقول «كريمر
Kramer »: «وتتجلى هذه السيادة الثقافية في عدة اتجاهات: (1)
أن السومريين هم الذين طوروا، ومن المحتمل أنهم قد ابتكروا، طريقة الكتابة المسمارية، التي اقتبستها جميع شعوب الشرق الأدنى على وجه التقريب. (2)
طور السومريون المفاهيم الدينية والروحية، كما أدمجوا مجموعة الآلهة المختلفة على نحو رائع، فكان لهذا الدمج أثره العميق على شعوب الشرق الأدنى، وبضمنهم العبرانيون والإغريق، إضافة إلى نفاذ الشيء الكثير من هذه المفاهيم الروحية والدينية إلى عالمنا المتمدن، عن طريق الأديان السماوية.»
11
ويكمن ذلك عند «كريمر
Kramer » في أنه قد «طور السومريون خلال الألف الثالث قبل الميلاد، أفكارا دينية ومفاهيم روحية، تركت في العالم الحديث أثرا لا يمكن محوه، خاصة ما وصل منها عن طريق الديانات: اليهودية والمسيحية والإسلام؛ فعلى المستوى العقلي، استنبط المفكرون والحكماء السومريون، كنتيجة لتأملاتهم في أصل الكون وطبيعته وطريقة عمله، نظرية كونية، وأخرى لاهوتية، كانتا تنطويان على إيمان راسخ وقوي بحيث إنهما أصبحتا العقيدة والمبدأ الأساسيين، في أغلب أقطار الشرق الأدنى القديم. وعلى المستوى العملي والوظيفي، طور الكهنة ورجال الدين السومريون مجموعة من الطقوس والشعائر والاحتفالات، الغنية بالألوان والتنوع، التي كانت تؤدى لغرض إرضاء الآلهة وتهدئتهم، بالإضافة إلى ما فيها من إشباع عاطفي، لحب الإنسان للمهرجانات والمشاهد الضخمة.»
12
Halaman tidak diketahui
الآلهة
وأهم ما يمكن احتسابه للفكر الديني السومري في رأينا، أنه استطاع مبكرا أن يفصل بين الآلهة وبين أشكالها الطوطمية، فغلب على نقوش الآلهة الهيئة الإنسانية، بينما احتفظت الذاكرة بالأصل الطوطمي كرمز ينقش قابعا إلى جوار الإله، أو يحمله الإله بين يديه، أو يرسم على ثوبه، بعكس المصريين الذين لم يتحرروا تماما من الأصول الطوطمية للآلهة، فجسموا الإله في الشكل الآدمي مع الاحتفاظ بالرأس الحيواني الأصلي. ويبدو لنا ذلك ناتجا عن الفارق الطبوغرافي بين المنطقتين، حيث كانت مصر مغلقة الحدود، متجانسة التكوين جنسيا وفكريا إلى حد بعيد، بينما كانت الرافدين بلادا مفتوحة، تلاحقت فيها أجناس وثقافات متعددة، أدت في أحيان كثيرة إلى نوع من التجريد المطرد، أدى إلى سلخ الآلهة من جذورها البدائية، وهى ظاهرة نلحظها أيضا في تطويرهم الكتابة إلى نوع من الخط المجرد، ابتعد بسرعة عن أصله التصويري، بينما ظل الأصل التصويري في الكتابة غالبا فترة طويلة على الكتابات الهيروغليفية في مصر، ولم يتحرر المصريون منه بشكل واضح إلا بعد احتكاكهم بالشعوب الأخرى، وبعد غزوات متعددة لأراضيهم في نهاية الإمبراطورية المصرية، وسقوط الدولة الحديثة، مما أدى بالهيروغليفية إلى التحرر من التصوير والتحول إلى التخطيط لتتطور إلى «هيراطيقية، ديموطيقية، قبطية». ولا شك لدينا أن هذا الميل إلى التجريد، قد صار خاصية لشعوب شرقي المتوسط الأدنى عموما، لتشابه الظروف البيئية، وكان دافعا فيما بعد إلى ظهور الفلسفة اليونانية، التي هي امتداد طبيعي لفكر المنطقة وتعد في المقام الأول فكرا «أيونيا» مشرقيا، ومن خلال التفوق الفينيقي التجاري والبحري وما نتج عنه من احتكاك اجتماعي، في الألف الأولى قبل الميلاد.
ومع ذلك فقد استمرت التعددية المفرطة هي سمة الديانة السومرية، حتى أمسى للفأس إله ، ولقالب الآجر إله، وللمسمار إله، ولكل فرد إله خاص به يحميه وفق طموحاته الشخصية، يحابى فيه نزعاته وطموحاته وميوله، إضافة إلى افتراض رب أو ربة لكل ظاهرة طبيعية، كبر شأنها أو صغر، كما افترضوا لأربابهم صورا بشرية ضخمة، وحياة تماثل حياة البشر، تزاوجوا فيها وتناسلوا وتحابوا وتخاصموا وتقاتلوا، لكنها كانت حياة سرمدية، ذات قدرات مطلقة.
أما عندما يكون وجود هذه الآلهة ضروريا في ذاتيات الكون الموكلة بها، فإنها كانت تعيش في «جبل السماء والأرض»
1
وإني أتصور ذلك نوعا من الفصل بين آلهة عاملة (شغيلة) مرتبطة باستمرار بالظواهر الطبيعية مطردة الحدوث، ودائمة التأثير المباشر في حياة الإنسان السومري، وبين آلهة متفرغة للعمل الذهني النظري وللإدارة في جبل السماء والأرض، ويحتمل أنها كانت الآلهة الكبرى. والظن عندي أن ذلك راجع إلى ظهور الكهنة المفوضين للإدارة في المشتركات الأولى، التي تحولت إلى مشتركات قروية ثم معبدية، مما طبع شكل المجتمع الإلهي، بما وصلت إليه أحوال المجتمع السومري اقتصاديا وسياسيا؛ وكما تفرغ الكهان من العمل البدني للإدارة، فقد تفرغ مجموعة من الآلهة وتحرروا من العمل الملاصق لعمل الطبيعة الدائم، وهو ما تدل عليه أسماء هذه الآلهة، الذين شكلوا مجاميع إلهية أشهرها:
مجمع الآلهة مقررة المصائر، وعددهم سبعة.
مجمع الآلهة العظام، وعددهم خمسون إلها.
2
وفوق هذه الآلهة جميعا، كانت عناصر الكون الكبرى، ذات التواجد الدائم الثابت (السماء، الأرض، الهواء، الماء)، آلهة لها خصوصيتها المتميزة باستمرار التواجد المنظور، إزاء الآلهة الأخرى متغيرة الأحوال، التي لا تتسم بديمومة التواجد. ونذهب إلى أن ملاحظة السومري المستمرة لجدل التأثير المتبادل بين الظواهر الأربع الثابتة، في إنتاج الحياة، وضرورة استمرار هذا الجدل لضمان استمرار الحياة، كما لو كانت مهمتها الإشراف على هده الاستمرارية وتتابعها؛ أقول: إن هذه الملاحظات قد سوغت للسومري المتأمل، الاعتقاد أن هذه الظواهر الأربع إنما هي أربع من الآلهة، تكاتفت معا لتقوم بخلق بقية كائنات الوجود، ومن ثم أطلق عليها «الآلهة الخالقة»، وهي:
Halaman tidak diketahui
آن
AN
الإله السماء.
كي
KI
أو «جي»
GI
الإلهة الأرض زوجة إله السماء.
آنليل
AN-LIL
Halaman tidak diketahui
الإله الهواء ابن إلهي السماء والأرض.
أنكي
AN-KI
الإله الماء .
ويرجح «كريمر» أن تكون هذه الآلهة الأربع هي الأعضاء الكبرى في مجتمع السبع المقررة المصائر، ويكون بقية هذا المجمع إذن هم الآلهة:
نانا
NANA
الإله القمر.
أوتو
UTO
Halaman tidak diketahui
الإله الشمس وهو ابن الإله القمر.
إينانا
ENANA
إلهة كوكب الزهرة.
3
وإن كان موسكاتي يجعل من هذه الثلاث الأخيرة أسرة إلهية مثلثة تضم: الأب القمر والأم الزهرة والابن الشمس.
4
وهكذا تكون مجمع الآلهة السبع مقررة المصائر، من أسرتين ثالوثيتين كل منهما يشتمل على ثالوث (أب وأم وابن)، فشكلا معا ستة من الآلهة، بينما ظل سابعهم «آنكي - الماء» حالة شاذة وسط هذا المجمع، باعتباره ليس عضوا في أي من الأسرتين الثالوثيتين، وإن كان يكمل الأسرة الأولى لتصبح أربعا من الآلهة الخالقة، وهو أمر حيرنا من البداية، لكنها حيرة أثمرت عن كشف هام، يعد واحدا من أعمدة هذا القسم من بحثنا.
وحتى نتمكن من الوصول بقارئنا إلى الكشف المأمول، نقف أولا مع الآلهة الأربع وقفة تفصيلية بعض الشيء، نستقي أخبارها من المصادر، فتطالعنا بأن: (1) «آن
AN »: هو إله ذكر، وهو إله السماء، والكلمة «آن» تعني أيضا السماء المنظورة ذاتها، وكانت في رؤيتهم سقفا يعلوهم، ثم أصبحت «آن» بالتدريج علما ورمزا على الألوهية عموما، فعادلت - بمعنى من المعاني - اسما للجلالة، تدل على ألوهية أي مسمى إلهي، وبذلك حملت معنى السيادة والرفعة والسمو، لذلك كان «آن» سيد الآلهة جميعا، باعتباره في نظرهم كان الأب الأول لكل الآلهة وسيد الآلهة السبع المقررة المصائر.
Halaman tidak diketahui
5
ويقول «كريمر»: إن الأسباب التي أدت إلى تسيد «آن» مجموعة الآلهة السومرية، أسباب غير معروفة.
6
لكننا نتصور وببساطة أن رؤية الرافدي القديم للسماء بفسحتها واتساعها، وتعدد الألوان والأحداث والظواهر فيها مع ضخامة هذه الظواهر، وجسامة هذه الأحداث، ومطرها الذي يشكل للأرض مني الحياة، ثم إحاطة السماء للأرض في الأفق، وتغطيتها من جميع جوانبها؛ كل ذلك كان كفيلا بتصورها بما يلائم عظمة اتساعها ورحابتها وتعدد الإمكانات فيها، مقابل ضيق المساحات المرئية أمامه بشكل مباشر على الأرض، التي مهما بلغت مظاهرها هولا وغرابة ، فإنها لم ترق أبدا في نظره إلى درجة ظواهر السماء، مع أخذنا بالحسبان عدم التماس المباشر بينه وبين السماء، مما جعلها مجهولا دائما يقع في نفسه موقع الجليل، بما له من هيبة ورغبة واحترام وتقديس، فكان أن تصور السماء أعظم الآلهة، وأبا أولا دائم الاقتدار، بتواصل وديمومة مستمرة، يخصب الأم الكبرى «كي
KI » الأرض، وهو يحتضنها ليلقي في أحشائها بدفقات ماء الحياة. ومن هنا ظلت السماء «آن»، وظل الإله «آن» يقع في الوهم الإنساني - حتى اليوم - موقعه القديم، فنتحدث عن الإله مجازا فنقول: السماء، أو نتصوره قابعا على عرش في بيت إلهي في السماء، أو ننفعل فنقسم أغلظ الأيمان بحق السماء! ولا يبقى عن «آن» الآن، سوى ترجيحنا أن يكون هو نموذج الأب الأول في مشترك العشيرة البدائي. (2) «كي
KI
أو جي
GI »: وهي إلهة أنثى هي الأرض تعددت أسماؤها وشخصها واحد، فهي كزوجة للسماء الذكر «آن
AN » تسمى «أنتوم
AN-TUM »
Halaman tidak diketahui
7
مؤنث الكلمة «آن
AN » وهي أيضا «نينماه أو نينا ماه
NIN-MAH »،
8
والاسم «نينماه» يشير إلى مدلول هذه المعبودة في الذهن السومري، فهو مركب من ملصقين: «نن
NIN » بمعنى السيدة أو العظمى، أو السيدة العظمى. ولا زلنا ننادي الأم، والأم الكبرى (الجدة) باللفظ «نينا»، والملصق الثاني «ماه
MAH » أي الأم، وتصبح الترجمة: السيدة الأم، أو الأم العظمى أو الأم الكبرى، كما عرفت «كي» أيضا باسم «نينتو
NINTO »
9
Halaman tidak diketahui
وهو اسم يحمل أيضا معنى الأمومة، لأن «نن = السيدة + تو = تلد» أي السيدة التي تلد، أو السيدة الوالدة، أو إيجازا: الوالدة. كما سميت أيضا «أرش
ARSH » بمعنى أرض، كما حازت على الألقاب «مامي
MAMY » و«ماما
MAMA » و«ما
MAH »،
10
وكلها تحوي «ميم» الأمومة.
وقد شكلت «كي» مع «آن» فكرة ابتدائية عن نشأة الحياة على الأرض أو ما يمكن اعتباره سفرا بدئيا للتكوين، صادقا صدق بدائيته، مطابقا لراسب خبرات الإنسان، وملاحظاته، عن دور مطر السماء أو مني «آن» وفعله في الأم الأرض لتنتج الحياة، لكن هذا السفر يقف عند هذا الحد عندما يبدأ الخيال الإنساني يتدخل في صناعة الفكرة، ليأخذ التكوين خطا آخر أكثر تعقيدا من بساطة الحقيقة. (3) «آنليل
ANLIL »: وهو إله ذكر، هو إله الهواء وهو الضلع الثالث، في ثالوث: الأب فيه آن والأم كي والابن آنليل. وعنه يقول «جان بوتيرو»: «آنليل يعني باللغة السومرية، سيد الريح والعاصفة ومجال عمل آنليل هو الأرض، فهو الذي يسير البشر ... وقد لقب السيد.»
11
Halaman tidak diketahui
ولنلحظ أن الاسم «آنليل» مركب من «آن» = سيد أو إله أو رب + «ليل» وهي مادة ما بين السماء والأرض من هواء ورياح وسحب، ويقول «نجيب ميخائيل»: إن كلمة آن ليل تعني أصلا سيد الريح والروح، وهو لم يأخذ لقب سيد الأرض إلا فيما بعد ... ومعبده هو «بيت الجبل
E-KUR »،
12
ويقول «عبد الحميد زايد»: «إن آنليل هو سيد ما بين السماء والأرض، فهو إله الهواء وما يتعلق به، كما لقب أيضا بأبي الآلهة ... كما يقود آنليل الآلهة إلى الحرب، فهو يمثل القوة والبطش، فكان آن يرأس الاجتماعات في مجمع الآلهة، وكانت وظيفة آنليل تنفيذ أحكام هذا المجمع، فآن وآنليل هما العنصران الرئيسيان، وكانت وظيفة آنليل تنفيذ أحكام هذا المجمع، فآن وآنليل هما العنصران الرئيسيان في الدولة، هما السلطة التشريعية والتنفيذية، وقد عهد إلى آنليل بالمحافظة على ألواح القدر.»
13
ومن ألقابه سيد جميع البلدان، أبو جميع الآلهة، مقرر المصائر، الذي لا رجعة لقراراته، الذي يمتلك ألواح القدر الذي فصل أباه السماء عن أمه الأرض، خالق الفأس أداة العمل، الجبل العظيم. هذا وكان مقر عبادته في مدينة نفر، وكان هنالك تقليد سنوي، تذهب فيه بقية آلهة المدن لطلب الرحمة والبركة من آنليل لحكام مدن هذه الآلهة، وهو الإله الوحيد الذي اغتصب أنثاه ننليل، فأنجبت منه القمر نانا.»
14
مع ملاحظة هامة هي أن رمزه التصويري كان ذات رمز إله السماء آن.
ويقول «كريمر» إنه «... يوجد في أقدم التصانيف السومرية المنشورة عدد كبير من القطع الأدبية التي نطلق عليها اسم المراثي، نرى فيها الإله «آنليل» يقوم بذلك العمل البغيض، وهو القيام بإحداث الدمار وتنفيذ الكوارث والبلايا، التي كانت تأمر بها الآلهة لسبب من الأسباب، وهذا هو السبب في وصم آنليل بأنه إله شرس مدمر في كتابات الباحثين القدماء في الشئون السومرية، ولكن الحقيقة هي أننا لو حللنا التراتيل والأساطير لا سيما ما نشر منها منذ عام 1930م، لألفينا الإله آنليل وقد مجدوه بصفته إلها رحيما، يتحلى بالحنو الأبوي، ويعنى بسلامة جميع البشر وخيرهم.»
15
Halaman tidak diketahui