وذهبت للقائه، فوجدت معه عدلي يكن باشا وزير الخارجية وهما يحلان تلغرافا بالشفرة من زميلهما محمد محب باشا، وكان وقتئذ بصحبة الخديو عباس حلمي باستامبول، فقال لي رشدي باشا: إن إنجلترا قد دخلت الحرب، وقد كتبنا هذا بإعلان الأحكام العرفية في البلاد.
وسلمني إعلانا، فقلت له: أتدخل الحرب مجانا يا باشا؟!
قال: بل احترزنا مما تخاف، بأن قلنا: «نظرا للاحتلال الفعلي لإنجلترا في مصر.»
فقلت له: أخشى أن يقول الناس: إن هذه سذاجة سياسية. فإذا كانت إنجلترا تريد أن تجرنا معها إلى هذه الحرب، فلتعترف لنا أولا بالاستقلال!
قال رشدي: لم يفت وقت ذلك!
واتفقنا نحن الثلاثة على السعي لتعترف إنجلترا باستقلالنا، ونكفل لها مصالحها إلى حد أن نعاونها بدخولنا معها الحرب إذا كان هذا ضروريا.
وقد كان أكثر رجال الوكالة البريطانية وقتئذ في أوربا بالإجازة، ثم كان «سير ريجنلد ونجت» أول من حضر منهم، فكلمه رشدي باشا في ذلك، وصارحه بأن مصر مستعدة لمناصرة بريطانيا العظمى بشرط أن تعترف باستقلالنا، فارتاع «ونجت» لهذه الفكرة ووعد بأن يعرض الأمر على حكومته، ثم جاء بعد ذلك مستشار الداخلية «سير جراهام» فلقيته وقلت له: إن مركزنا الآن دقيق، فنحن تابعون لتركيا، وهي ستدخل الحرب مع ألمانيا وأنتم محتلون بلدنا الذي أعلنت حكومته الحكم العرفي تضامنا معكم، فلا بد لنا من تنظيم هذه الحالة، ولست أرى طريقا لذلك إلا أن نعلن استقلالنا وننصب الخديو ملكا علينا، وأنتم تعترفون بذلك.
فقال: تركيا لن تدخل الحرب، وعندنا على ذلك ضمانات.
قلت: إن لم يكن دخول تركيا الحرب راجحا، أفلا يكون محتملا؟
قال: كل شيء محتمل!
Halaman tidak diketahui