Kisah Falsafah Moden
قصة الفلسفة الحديثة
Genre-genre
كذلك تصدى «هجل» لنقد «ليبنتز» في رأيه هذا عن العالم، وقال إنه قد أرسل قوله قضية بغير تدليل. فلنسلم معه جدلا بأن هذه الدنيا خير ما يمكن خلقه، أفيكون هذا دليلا على خيرها وصلاحها؟ إذا أنت أرسلت خادمك إلى السوق ليبتاع لك شيئا، فجاءك به الخادم سيئا رديئا، ثم أقنعك بأنه خير ما يباع في السوق، أفتحكم على هذا الشيء بالجودة لأنه كذلك؟ كلا ولا ريب، فلا يمنع سوءه وشره ألا يكون هناك أحسن منه، كذلك قل في العالم، قل ما شئت من أنه خير ما يمكن وجوده، ولكن هذا لا يبرئه من النقص والشر، وكان «ليبنتز» قد لحظ هذا الضعف فيما يقول، فاعترف أن في هذا العالم شرا كثيرا، ولكنه لا يرى ذلك مناقضا لنظريته، بل اتخذ هذا الشر نفسه دليلا على صحتها، فلولا ما تحوي الحياة من بؤس وألم ما كانت الدنيا خير ما يستطاع خلقه؛ لأنهما كثيرا ما يكونان سبيلا إلى الخير وسببا في وجوده «والمرارة القليلة كثيرا ما تكون ألذ مذاقا من السكر الحلو.» ثم يسير «ليبنتز» بعد ذلك في البحث عن أصل الشر في العالم، فيقرر أن علة وجوده هو الجانب المادي، فقد ذكرنا فيما سبق أن لكل ذرة في الوجود جانبا إيجابيا فعالا، وإلى جواره جانب سلبي منفعل، هو الجانب المادي منها، وبقدر ما ترجح كفة الجانب الفعال تكون الذرة أدنى إلى الكمال، ولذلك ترى كل ذرة لا تفتأ تسعى جهدها لكي تتغلب على جانبها المادي السلبي الذي يقعد بها عن السمو في سبيل الكمال، والإنسان - ككل شيء آخر - لا يدخر وسعا في هذا الجهاد العنيف الشاق، وهذا الجهاد نفسه - الذي لا مناص منه بحكم طبيعة التكوين الذري - هو أصل الشر وسبب البلاء، فالشر إذن نقص نشأ عن محاولة التخلص من قيود المادة، فكأنه لم يوجد إلا ليكون سلما للصعود نحو الكمال الأسمى، وعلى هذا الاعتبار يكون الشر وسيلة للخير. أضف إلى ذلك أن وجود الشر إلى جانب الخير مما يظهر جمال الحياة، فقد كانت تكون أقل كمالا وجمالا لو أنها لم تحو إلا خيرا محضا، ومن ذا الذي يتمنى حياة لا ألم فيها تجيء على صورة واحدة لا اختلاف فيها، ثم يذكر «ليبنتز» أن الخير هو الجانب الإيجابي من الحياة، والشر هو الجانب السلبي منها، ولما كان الله لم يخلق - بداهة - إلا الجانب الإيجابي، فلا يمكن أن يعد سببا في وجود الناحية السلبية، ولا يمكن أن يكون الله خالقا لما نرى في الحياة من شرور وآلام. (1-7) جون لوك (1632-1704م)
ولد جون لوك
John Looke
في رنجتن
Wrington ، بالقرب من برستول في إنجلترا، في نفس السنة التي ولد فيها سبينوزا، وقد درس في صباه الفلسفة والعلوم والطب في جامعة أكسفورد، ولكنه لم يفد من دراسته في تلك الجامعة إلا قليلا، لما كان يسودها من روح جامد عقيم، لا يتفق مع ما كان ينزع إليه من الحرية التي ظل ينشدها حتى وافته منيته. فلما اكتملت رجولته اتصل بحزب الأحرار في بلاده عضوا عاملا فعالا، في عهد كانت مناصرة الحرية فيه لا تفسر إلا بمعنى الإباحية في السياسة والدين، وكان حتما على أشياعها أن يلاقوا أحد اثنين كلاهما مر: فإما النفي والتشريد، وإما القتل، ولكن «لوك» استطاع أن يقيم في أرض الوطن رغم مبادئه الحرة؛ لأن رجلا من أعظم الساسة في عصره كان يعاونه ويظاهره، هو اللورد شافتسبري، فلما توفي هذا لم يجد الفيلسوف بدا من الفرار إلى هولندا، ولكنه حتى وهو في مقره اضطر إلى التستر والخفاء؛ لكي ينجو من تسليمه إلى حكومته التي كانت تقتفيه لتنزل به العقاب.
ثم ظفر الأحرار في إنجلترا بالنصر والغلب، واعتلت أريكة الملك أسرة جديدة، فأرسل «لوك» سفيرا لدولته في بلاط براندنبرج، ثم إلى بلاط فينا، ولكن مقامه هناك لم يطل؛ إذ اضطره السقام والمرض إلى العودة إلى إنجلترا حيث ولي منصبا من أكبر مناصبها، وقد استطاع أن يلعب في الحياة الإنجليزية دورا خطيرا، أولا لقوة قلمه وذيوع كتابته وشدة تأثيرها في النفوس، وثانيا لما امتاز به من نشاط جم ومقدرة فائقة في توجيه السياسة وتشكيلها. فلما اكتهل وأضعفته الشيخوخة آوى إلى الريف الهادئ الجميل يقضي فيه آخر سنيه، ثم مات وله من العمر ثلاثة وسبعون عاما. وقد شهد له معاصروه جميعا بالإخلاص للحق والتفاني في سبيل الحرية، كما عرف في قومه بالاعتدال والحكمة، وامتازت كتابته بالقوة والوضوح ودقة الأسلوب. وأهم مؤلفاته هي: «عقالات في الحكومة المدنية»، «آراء في التربية»، «خطابات في التسامح» وأشهر مؤلفاته كلها هو كتابه المسمى: «مقالة في العقل البشري».
جون لوك.
وليس من العسير أن تلمس روح «لوك» في كل مؤلفاته واضحة بارزة، فجميع كتبه ترمي في حقيقة الأمر إلى غرض أساسي واحد، هو مهاجمة التمسك بالتقاليد العتيقة، والنداء بضرورة حرية العقل في النظر إلى الحقائق، وتكوين الأحكام. ذلك هو الغرض الأساسي الذي كان يقصد إليه «لوك»، لكن لكل كتاب غرضا خاصا بالإضافة إلى الغرض العام.
فمقالته «في الحكومة المدنية» إنما أراد بها أن يرد على أنصار الأسرة المالكة القديمة - أسرة ستيورات - هؤلاء الأنصار الذين اتهموا الحكومة الجديدة باغتصاب العرش عدوانا، وقد كان لسانهم الناطق هو السير روبرت فلمر
Sir Robert Filmer
Halaman tidak diketahui