Kisah Sastera di Dunia (Bahagian Pertama)
قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)
Genre-genre
44
هو في القصيدة مثال الشر والسوء، بينما تتجسد في «راما» الفضيلة والخير وروح التضحية؛ ولم يكن «رافانا» فظ العاطفة غليظ القلب فحسب، بل زاده الله سوءا، فخلقه في جسم بشع مخيف، وكان له صديق يدعى «ماريكا»،
45
وكلاهما ساحر ماهر، يستطيع أن يتقمص أي جسد ويحاكي أي صوت. وقد حدث أن صادفت أخت «رافانا» أثناء تجوالها في الغابات «راما» فهامت بحبه، ولكنه لم يبادلها حبا بحب، فسرعان ما تحول رحيق شفتيها إلى سم زعاف، وصممت أن تأخذ بالثأر لقلبها الجريح، فعادت إلى أخيها «رافانا» وأخذت تطنب له في وصف «سيتا» التي تفتن القلوب بجمالها. ولم تزل به حتى أشعلت الحب في نفسه، وأقسم ليقصدن إلى حيث هذه الفتاة الرائعة فينتزعها من ذراعي حبيبها، وأمر بعربته الهوائية أن تعد، واصطحب صديقه «ماريكا»، وقصدا إلى الغابة. وهنا يبدع الشاعر ويجيد في وصف تلك العربة المسحورة وما نقش عليها من رسوم، حتى ليذكر القارئ بقطعة جميلة في إلياذة هوميروس يصف فيها درع «أخيل» وما نقش عليه من صور.
كان «راما» وزوجته «سيتا» وأخوه يستمتعون ذات مساء بهواء الغابة المنعش العليل، وإذا بهم يشاهدون غزالا رشيقا يعدو إلى جانبهم مسرعا، وكان الغزال يلمع كأنما يسيل من جسده ذوب النضار، فودت «سيتا» حين رأته أن تظفر به. فما هو إلا أن ذهب «راما» يطارده ليمسكه؛ وما كان الغزال إلا «ماريكا» بدل بقوة السحر هيئته، فلبث «ماريكا» يعدو قريبا من مطارده حتى يغريه، لكنه يفلت يمينا أو يسارا فلا يمكنه من نفسه، ولم يزل به يخادعه على هذا النحو ليبعده عن موضع حبيبته «سيتا» حتى ضاق صدر «راما» وقذف بسهم يريد أن يفتك به؛ فصاح «ماريكا» صيحة عالية يقلد بها صوت «راما»، فارتاعت «سيتا» لاستغاثة زوجها، واستحثت أخاه «لاكشمان» أن ينقذ زوجها وحبيبها، وبقيت في مكانها وحيدة تنتظر «راما» بصبر نافد وصدر مضطرب، وشاركتها الطبيعة في حزنها، فغامت السماء، وأمسك الطير عن تغريده، وارتعشت الأزهار وأحنت رءوسها العطرة، ورفعت «سيتا» بصرها فإذا بكاهن يقف إلى جانبها؛ إنه «رافانا» اللعين، وأسرع هذا الشيطان البغيض قبل أن يعود «راما»، وانقض على «سيتا» كما ينقض النمر على فريسته، وعاد بها مسرعا إلى قصره في مدينة «لانكا» بجزيرة سيلان.
وعاد «راما» فلم يجد زوجته، فهام على وجهه في أرجاء الغابة باحثا نادبا. فلما علم بحقيقة الأمر قصد مسرعا إلى مكان «رافانا»، وفي طريقه إلى الساحل الجنوبي مر بإقليم تسكنه قبيلة متوحشة، صورها الشاعر في هيئة القردة، فحاولت تلك الأمساخ أن تعوقه عن السير، ولكنه شق طريقه بينها في غير خوف، فأعجبت القردة ببسالته وحالفته، وتطوع جيش جرار منها أن يصحب «راما» ليعاونه على عدوه.
بلغ «راما» - على رأس جماعة القردة - الشاطئ الجنوبي، ويظهر أنه لم يكن للهندوس في العصر القديم سفن، فكيف عبر «راما» وصحبه البحر إلى سيلان؟ عادت القردة إلى جبال الهملايا، وجاءت تحمل أثقالا لا حصر لها من الصخر، قذفت بها في الماء فشيدت بها جسرا يصل ما بين الأرضين، وعطف إله البحر على «راما» أيضا، فرفع له قاع البحر حتى يهون على القردة ما كانوا يصنعون، «وما دامت السماء سماء والأرض أرضا، فسيظل هذا الجسر ناطقا باسم راما.»
46
وعبر جيش القردة إلى مدينة «لانكا» فحاصروها، وتدفق من المدينة سيل من الجند يدفعون عنها هذا العدو المغير، ولكن هيهات أن يتزحزح القردة عن مواقفهم قيد أنملة؛ ولبثت الحرب سجالا سبعة أيام، ثم نال اليأس من «رافانا» فهجم على «راما» هجمة عنيفة يريد أن يهوي عليه بفأسه، ولكن «راما» سدد إلى صدر عدوه سهمه المسحور الذي كان أخذه من «أجاستيا» الراهب، فأرداه قتيلا يتضرج في دمائه.
أطلق سراح «سيتا» من سجنها، ولكن محنتها لم تبلغ النهاية بعد، فقد ارتاب «راما» وشك أن يكون «رافانا» دنس طهرها، وكان لا بد من إقامة البرهان على طهارتها. وهل لمثل هذا البرهان من سبيل في تلك العهود الأولى غير نار تشعل ثم يلقى بالمتهمة في سعيرها، لتحترق بلظاها إن كانت آثمة، أو تكون عليها النار بردا وسلاما إن كانت بريئة؟! وأعدت النار - وكانت «سيتا» قد حز في نفسها شك زوجها - فوثبت إلى جوف اللهيب المستعر، لكن «آجني» - إله النار - أعاد الزوجة الطاهرة إلى زوجها الذي ضمها إلى صدره وعيناه تدمعان من الفرح.
Halaman tidak diketahui