كان يريد أن يدخل والحارس يحاول أن يمنعه؛ فصعقه أليكو توادير بريكوب بلكمة من قبضة يده وعبر على جسمه.
ووصل مضموم القبضتين عاري الرأس بارز العينين، وفي المقبرة وقف صامتا محطما مرتخي الجسم يتحامل هنا وهناك دون أن يلفظ بكلمة أو يبدي مقاومة.
والآن فقط أخذ اليأس يدب في نفسه، فإحدى بناته كانت قد أهلكتها صاعقة من السماء، والأخرى صاعقة من أحشاء الأرض، واقترب بارز العينين مضموم القبضتين مشعث الشعر.
وأراد سباستيان لودوس أن يضغط على الجرس، ولكن فان دن فوندل أمسك بيده ولواها قائلا: «اتركه، إنه الهياج الجنوني.»
وخضع المهندس وإن لم يفهم.
وأما المهندس الأجنبي المحتل الذي جس الذهب الأسود في كافة أركان الكرة الأرضية من القطبين إلى المناطق الاستوائية إلى كافة الأطراف المتقابلة، فإنه كرر وكأنه يحدث نفسه: «أنا أعرف ما هو، إنه الهياج الجنوني الذي يحسه الأهالي، وهو في هذه اللحظة هياج فردي أعمى انبثق عن اليأس، أعمى وفرديا، وهو أول عرض وأول نذير، ولكن بعد ذلك وفي الغد وبعد عام أو عشرة أخشى أن يتخلى هذا اليأس الأعمى الفردي عن مكانه ليحل محله صراع من نوع آخر، صراع منظم واع تقوم به الجماهير الشعبية لاسترداد حقوقها وحريتها وثرواتها التي طالما سلبها منهم أسياد اليوم وشركاؤهم في الجريمة، وهذا أمر حتمي لا مفر منه، وأما نحن فلا نستطيع ذلك، وإنما يستطيعه أولئك الذي سيفعلونه حتما وكقدر لا مفر منه، وهذه هي الأمارة التي كنت أنتظرها يا زميلي وصديقي الشاب!»
وصمت.
صمت ونظر وهو يقترب خطوة.
ومر أليكو توادير بريكوب أمام النافذة مشدودا في الملابس الضيقة لحضري من الضواحي، حيث كان قد نفي بإرادة السيد ريجينال ديبونز، مر كشبح ضخم مخيف حجب ضوء النهار كله.
وحاول رئيس عمال بولندي أن يقول له شيئا، ولكن أليكو توادير بريكوب ألقاه بظهر يده في الوحل وواصل طريقه، فهياجه الجنوني لم يكن يبحث عن رجال، على الأقل في تلك اللحظة.
Halaman tidak diketahui