متى بدأ الخلاف؟
بحسب ابن البوني فإن الشقة بين الجني الكاتب، والنبي الملك، بدأت مع قدوم بلقيس إلى «سليمان» لتعرض الصلح، في اللحظة التي كشفت فيها عن ساقها لتعبر ما ظنته بركة ماء، وقع الاثنان في غرامها من الوهلة الأولى، يمكنك تخيل النظرة المنبهرة في عين الملك والجني مع أي موسيقى رومانسية في الخلفية تعبر عن الحالة.
لكن «شمشوق» لم يصرح بحبه البكر واحتفظ به لنفسه خوفا من غضب الملك، لا أحد يعرف ما حدث بالضبط، فقد أورد ابن البوني العديد من الأقوال المتضاربة هنا، على كل حال زل لسان «شمشوق» وتحدث إلى الشخص الخطأ في نهاية المطاف، تسرب الخبر بسرعة البرق ووصل إلى سليمان بوشاية من أحد الجن، خشي الملك أن يسلبه الجني فتاته على ما يبدو، خاصة وأن الجني كان جميلا بشكل يفوق الحد الطبيعي، كان يشكل تهديدا، هكذا أمر بسجنه وتعذيبه، لكن الجني العاشق لم يتحمل كثيرا، ومات تحت وطأة التعذيب.
الآن يقفز أحمد بن البوني قفزة طويلة، بعد أن أطلق سراح الجن والشياطين عند موت «سليمان»، انتشرت الأقاويل أن «شمشوق» تنبأ بتاريخ وفاة النبي الذي لا يعلمه سوى الله، وأنه قد دونه في كتابه، بالرغم من أنه قد مات تحت سمع وبصر حاشيته دون أن يعرفوا أنه قد مات، قالوا كذلك أن الملاك الساقط تنبأ حتى بوقت موته هو بعد اكتشاف «سليمان» لأمره، وقام بدفن الكتاب في مكان سري بجوار عرش الملك في إسرائيل قبل أن يتم القبض عليه!
هذا المكان نعرفه الآن باسم «هيكل سليمان» في بيت المقدس!
تحكي الشواهد التاريخية عن قائد آخر تسربت له أخبار الكتاب وسعى للحصول عليه، كان هذا نبوخذ نصر الثاني، وقد قام بحصار القدس سنة 587 قبل الميلاد، وهدم الهيكل بحثا عن الكتاب، لكنه لم يوفق في الحصول عليه.
يستطرد أحمد بن البوني أن الجن والشياطين الذين تم إطلاق سراحهم في العالم، بعد وفاة سليمان لا يزالون هناك، في حالة من الانفلات والتوهان بعد أن مات سيدهم، ويضيف أن من يستطيع الحصول على هذا الكتاب فإنه سيستطيع ملك العالم المادي وقوانين الطبيعة طوع قبضته، وإعادة تطويع هذه الكائنات مجددا وجعلها ملك أمره، ويؤكد أنه - أي أحمد بن البوني - قد حالفه الحظ واطلع على صفحة واحدة فقط من أوراق «شمشوق»، كتب منها كتاب شمس المعارف الكبرى، لا يعرف أحد كيف تسربت إليه، ولم يذكر هو كيفية حصوله عليها.
يقول كذلك أن الكتاب يحتوي على صورة طبيعية لبلقيس في إحدى صفحاته، ولا تسألني عن كيفية قيام الجني بأخذ صورة فوتوغرافية في ذلك الزمن السعيد قبل اختراع الكاميرا ذاتها!
على ما يبدو، فإن الجني العاشق كان يمضي أوقات فراغه في تأمل صورة محبوبته عشيقة الملك، بينما يستمع لأغاني كاظم الساهر ويتمزق قلبه من فرط اللوعة.
هنا يعرج ابن البوني للحديث عن الشيء الأكثر خطورة على الإطلاق في الكتاب.
Halaman tidak diketahui