5
وعيونه في سهر ترقب، أما إذا عرفت كليوبطرا، فإنها ولا شك تذهب ضحية لمقت أخيها.
كان «أفوللوذورس» من حسن الحظ، أريبا قوي الشكيمة، صلب القناة، ولقد أدرك ما يتطلب موقفه من مهارة وفطنة، فلف الفتاة في أسمال بالية، ورفعها من فوق كتفيه القويتين، كما لو كانت حملا من البضائع التي ينقلها الحمالون ذهابا وجيئة، على أرصفة المرفأ.
من ذا الذي يرى مثل هذا الحمال العظيم، يسير بخطواته المتثاقلة المتئدئة على أرصفة الميناء، يئن تحت حمله كما يئن غيره من الحمالين، ثم يدرك أي سر حوى ذلك الحمل الثمين؟ ولما بلغ باب قصر «البرخيوم»
6
Bruchium
عرف الحرس من هو، ولكنه ادعى أن قيصر طلب إليه أن يأتيه بصنوف من السجاد، فأذن له الحراس، ودخل من باب القصر، خائفا يترقب. •••
كان «يوليوس قيصر» قد حطم طور الفتوة، واستمتع بكل ما تحبو به الحياة إنسانا من الفخر والعظمة والملاذ، حتى لقد كانت أعصابه تنم بعض الشيء عن آثار ذلك.
أصابه الصلع وشيكا، وتغضن وجهه، فظهرت بين طيات جلده أخاديد عميقه، فكان صلعه، وتجاعيد وجهه، بخطوطها البينة، دلالتين على كثرة ما قاسى من متاعب، وآنس من آلام، ولكن أقل المثيرات كانت كافية لأن تبعث من خلال نظراته بذلك الوميض السماوي، الذي يصقله السناء والإشراق، وينم عن العظمة والجلال، وما كان لإنسان أن يحتك بقيصر، من غير أن يشعر بجاذبية القوة والفتنة التي لم يدرك أحد لها من علة، فقيل: إن قيصر سليل إلهين: أنياس أبوه؛ والزهرة أمه.
كان إذا تكلم اجتذبت رشاقة إشاراته ورنين صوته الداوي إنصات السامعين، وسكتوا كأن الطير على الرءوس، فكسب عطفهم، وفاز بتأييدهم، إلى غير نهاية يعرفها العطف، أو يقف دونها التأييد، فإذا صمت، كان صمته فصاحة وسحرا؛ لأن الناس كانوا يذكرون خطبه الرنانة، وكلماته الثابتة، التي تحملها الرياح إلى جنبات الدنيا الأربعة.
Halaman tidak diketahui