وتعالت الصيحات، فلم يكن هنالك من منجى إلا بالخضوع إلى نصيحة «أفوللودورس»، وكان قد أعد كل شيء للهرب، ومغادرة الأرض الدموية.
من خلال تلك الحدائق الغناء، وبين مفاوز التلال الموحشة الجرداء، والاحتياط من الأنظار ومن قطاع الطرق، استعادت «كليوبطرا» ذكريات أربع سنوات فرطن، عندما رجعت من منفاها تطلب حماية «قيصر»، وقد اضطهدها أخوها.
هنالك أرخت على وجهها قناعا كثيفا، وتسللت من «رومية» الهادرة بالثورة، الهابة إلى السلاح.
قد تحطم قلبها، وتحطمت أمانيها، أحست أن الدنيا تدور بها، وأن في كل خطوة فجوة من فجوات الأرض تلقاها.
الخوف، والوحدة ...
كانت آمنة بقيصر، كانت مطمئنة إلى الدنيا بقربه.
منذ لحظات قصار، كانت الدنيا أمنا وسلاما؛ فانقلبت في لحظة واحدة، رعبا وحربا.
لقد ساورتها هذه الأفكار، فغشت على عقلها وخيالها بغشاوة كثيفة من القلق والاضطراب، غير أنه إلى صدرها استندت تلك الرأس الصغيرة التي تحمل ملامح الراحل العظيم، فضمت الطفل إلى صدرها، وقبلت فاه الباسم الجميل. «كلا، إني لم أفقد كل شيء.»
ذلك همس أحيى في قلبها الأمل تارة أخرى.
Halaman tidak diketahui