قوانين الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة ومسائل الْفُرُوع الْفِقْهِيَّة على مَذْهَب إِمَام الْمَدِينَة أبي عبد الله مَالك بن أنس الأصبحي ﵁ إِذْ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أهل بِلَادنَا بالأندلس وَسَائِر الْمغرب اقْتِدَاء بدار الْهِجْرَة وتوفيقا من الله تَعَالَى وَتَصْدِيقًا لقَوْل الصَّادِق المصدوق ﷺ (لَا يزَال أهل الْمغرب ظَاهِرين على الْحق حَتَّى تقوم السَّاعَة) ثمَّ زِدْنَا إِلَى ذَلِك التَّنْبِيه على كثير من الِاتِّفَاق وَالِاخْتِلَاف الَّذِي بَين الإِمَام الْمُسَمّى وَبَين الإِمَام أبي عبد الله أَحْمد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي وَالْإِمَام أبي حنيفَة النُّعْمَان ابْن ثَابت وَالْإِمَام أبي عبد الله بن حَنْبَل لتكمل بذلك الْفَائِدَة ويعظم الِانْتِفَاع فَإِن هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة هم قدوة الْمُسلمين فِي أقطار الأَرْض وأولو الأتباع والأشياع وَرُبمَا نبهت على مَذْهَب غَيرهم من أَئِمَّة الْمُسلمين كسفيان الثَّوْريّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ وعبد الله بن الْمُبَارك وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأبي ثَوْر وَالنَّخَعِيّ وداوود بن عَليّ إِمَام الظَّاهِرِيَّة وَقد أكثرنا من نقل مذْهبه وَاللَّيْث بن سعد وَسَعِيد بن الْمسيب وَالْأَوْزَاعِيّ وَغَيرهم ﵃ أَجْمَعِينَ فَإِن كل وَاحِد مِنْهُم مُجْتَهد فِي دين الله ومذاهبهم طرق موصلة إِلَى الله وَاعْلَم أَن هَذَا الْكتاب ينيف على سَائِر الْكتب بِثَلَاث فَوَائِد (الْفَائِدَة الأولى) أَنه جمع بَين تمهيد الْمَذْهَب وَذكر الْخلاف العالي بِخِلَاف غَيره من الْكتب فَإِنَّهَا فِي الْمَذْهَب خَاصَّة أَو فِي الْخلاف العالي خَاصَّة (الْفَائِدَة الثَّانِيَة) إِنَّا لمحناه يحسن التَّقْسِيم وَالتَّرْتِيب وسهلناه بالتهذيب والتقريب فكم فِيهِ من تَقْسِيم قسيم وتفصيل أصيل يقرب الْبعيد ويلين الشريد (الْفَائِدَة الثَّالِثَة) إِنَّا قصدنا إِلَيْهِ الْجمع بَين الإيجاز وَالْبَيَان على أَنَّهُمَا قَلما يَجْتَمِعَانِ فجَاء بعون الله سهل الْعبارَة لطيف الْإِشَارَة تَامّ الْمعَانِي مُخْتَصر الْأَلْفَاظ حَقِيقا بِأَن يلهج بِهِ الْحفاظ وَإِلَى الله نرغب فِي أَن يَجعله مُوجبا لغفرانه وموصلا لرضوانه وفاتحا لخزائن إحسانه وامتنانه إِنَّه ذُو فضل عَظِيم
1 / 7