93

Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Penerbit

مكتبة الكليات الأزهرية

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Fikah
Kaedah Fiqh
الْمِثَالُ السَّادِسُ: إذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ إنْسَانًا مَيِّتًا أَكَلَ لَحْمَهُ لِأَنَّ الْمَفْسَدَةَ فِي أَكْلِ لَحْمِ مَيِّتِ الْإِنْسَانِ، أَقَلُّ مِنْ الْمَفْسَدَةِ فِي فَوْتِ حَيَاةِ الْإِنْسَانِ. الْمِثَالُ السَّابِعُ: لَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَنْ يَحِلُّ قَتْلُهُ كَالْحَرْبِيِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ الَّذِي تَحَتَّمَ قَتْلُهُ وَاللَّائِطِ وَالْمُصِرِّ، عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ، جَازَ لَهُ ذَبْحُهُمْ وَأَكْلُهُمْ إذًا لَا حُرْمَةَ لِحَيَاتِهِمْ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةُ الْإِزَالَةِ، فَكَانَتْ الْمَفْسَدَةُ فِي زَوَالِهَا أَقَلَّ مِنْ الْمَفْسَدَةِ فِي فَوَاتِ حَيَاةِ الْمَعْصُومِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ فِي هَذَا وَمَا شَابَهَهُ جَازَ ذَلِكَ تَحَصُّلًا لِأَعْلَى الْمَصْلَحَتَيْنِ أَوْ دَفْعًا لِأَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ. فَتَقُولُ: جَازَ التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَاتِ إذَا لَمْ يَجِدْ طَاهِرًا يَقُومُ مَقَامَهَا، لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْعَافِيَةِ وَالسَّلَامَةِ أَكْمَلُ مِنْ مَصْلَحَةِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ، وَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الشِّفَاءَ يَحْصُلُ بِهَا، وَلَمْ يَجِدْ دَوَاءً غَيْرَهَا، وَمِثْلُهُ قَطْعُ السِّلْعَةِ الَّتِي يَخْشَى عَلَى النَّفْسِ مِنْ بَقَائِهَا. فَإِنْ قِيلَ. قَدْ أَجَزْتُمْ قَلْعَ الضِّرْسِ إذَا اشْتَدَّ أَلَمُهُ وَلَمْ تُجَوِّزُوا قَطْعَ الْعُضْوِ إذَا اشْتَدَّ أَلَمُهُ؟ قُلْنَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَطْعَ الْعُضْوِ مُفَوِّتٌ لِأَصْلِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَقَلْعَ الضِّرْسِ مُفَوِّتٌ لِتَكْمِيلِ الِانْتِفَاعِ فَإِنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأَضْرَاسِ وَالْأَسْنَانِ يَقُومُ مَقَامَهُ. وَالثَّانِي: أَنَّ قَلْعَ الضِّرْسِ لَا سِرَايَةَ لَهُ إلَى الرُّوحِ بِخِلَافِ قَطْعِ الْعُضْوِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ الْتَزَمَ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ إدْخَالَ الضَّيْمِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَإِعْطَاءَ الدَّنِيَّةِ فِي الدِّينِ؟ قُلْنَا: الْتَزَمَ ذَلِكَ دَفْعًا لِمَفَاسِدَ عَظِيمَةٍ وَهِيَ قَتْلُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الَّذِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ لَا يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ وَفِي قَتْلِهِمْ مَعَرَّةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ إيقَاعَ الصُّلْحِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ إلَى الْكُفَّارِ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ إلَى الْمُؤْمِنِينَ وَذَلِكَ أَهْوَنُ مِنْ قَتْلِ الْمُؤْمِنِينَ الْخَامِلِينَ، مَعَ أَنَّ اللَّهَ

1 / 95