Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam
قواعد الأحكام في مصالح الأنام
Penerbit
مكتبة الكليات الأزهرية
Lokasi Penerbit
القاهرة
Genre-genre
Usul Fiqh
شَرَائِطِ الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ أَسْقَطَ عَنْ الْمَجَانِينِ مَا يُتْلِفُونَهُ مِنْ أَنْفُسِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمْوَالِهِمْ لِأَنَّهُ لَوْ أَلْزَمَهُمْ بِذَلِكَ لَنَفَرُوا مِنْ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ.
وَكَذَلِكَ بُنِيَ عَلَى الْإِسْلَامِ غُفْرَانُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ لِأَنَّ عَهْدَهَا لَوْ بَقِيَتْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَنَفَرُوا، وَكَذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ قَدْ زَنَوْا فَأَكْثَرُوا مِنْ الزِّنَا وَمِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. إنَّ مَا تَقُولُ وَتَدْعُو إلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ [الزمر: ٥٣] الْآيَةُ، وَقَالَ فِي غَيْرِهِمْ: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨]، وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ بِإِفْشَاءِ السَّلَامِ.
وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ، وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مُلَائِمًا لِطِبَاعِهِمْ حَاثًّا عَلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ أَلِفَ ﷺ جَمَاعَةٌ عَلَى الْإِسْلَامِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُمْ مِنْ الْأَمْوَالِ، وَامْتَنَعَ مِنْ قَتْلِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ قَدْ عُرِفَ بِنِفَاقِهِمْ خَوْفًا أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ بِأَنَّهُ أَخَذَ فِي قَتْلِ أَصْحَابِهِ فَيَنْفِرُوا مِنْ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، فَهَذِهِ كُلُّهَا مَصَالِحُ أُخِّرَتْ، لِمَا فِي تَقْدِيمِهَا مِنْ الْمَفَاسِدِ الْمَذْكُورَةِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي مِنْ تَقْدِيمِ الْفَاضِلِ عَلَى الْمَفْضُولِ: تَقْدِيمُ بَعْضِ الْفَرَائِضِ عَلَى بَعْضٍ، كَتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.
الْمِثَالُ الثَّالِثُ: تَقْدِيمُ كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَى نَوْعِهَا مِنْ النَّوَافِلِ كَتَقْدِيمِ فَرَائِضِ الطَّهَارَاتِ عَلَى نَوَافِلِهَا، وَفَرَائِضِ الصَّلَوَاتِ عَلَى نَوَافِلِهَا، وَفَرَائِضِ الصَّدَقَاتِ عَلَى نَوَافِلِهَا، وَتَقْدِيمِ فَرَائِضِ الصِّيَامِ عَلَى نَوَافِلِهِ، وَكَتَقْدِيمِ فَرْضِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَلَى نَوَافِلِهِمَا، مَعَ أَنَّهُمَا لَا يَقَعَانِ إلَّا وَاجِبَيْنِ، لِأَنَّهُمَا يَجِبَانِ بِالشُّرُوعِ، وَلَكِنْ لَيْسَ مَا أَوْجَبَهُ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ فِي رُتْبَةِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِ الْمَفْرُوضَاتِ عَلَى نَوْعِهَا مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ
1 / 64