219

Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Penerbit

مكتبة الكليات الأزهرية

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Fikah
Kaedah Fiqh
صَغِيرٍ، وَذِكْرُهُ ﷺ إيَّاهُ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ يَدُلُّ عَلَى اسْتِعْظَامِهِ لَهُ مَعَ صِغَرِهِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى فَرْطِ تَعْظِيمِهِ وَإِجْلَالِهِ لِرَبِّهِ، فَشَتَّانَ بَيْنَ مَنْ لَا يَنْسَى الصَّغِيرَ الْحَقِيرَ مِنْ الذُّنُوبِ حَتَّى يُجَدِّدَ التَّوْبَةَ مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ إجْلَالًا لِرَبِّهِ وَبَيْنَ مَنْ يَنْسَى عَظِيمَ ذُنُوبِهِ وَلَا تَمُرُّ عَلَى بَالِهِ احْتِقَارًا لِذُنُوبِهِ وَجَهْلًا بِعَظَمَةِ رَبِّهِ، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ مَنْ وُعِظَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْ سَمَاعِ الْمَوْعِظَةِ وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ، وَالْعَارِفُ الْمُوقِنُ إذَا ذَكَرَ الصَّغِيرَةَ خَجَلَ مِنْهَا وَنَدِمَ عَلَيْهَا وَتَأَلَّمَ لَهَا، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَى مِثْلِهَا إجْلَالًا لِرَبِّهِ وَفَرْقًا مِنْ ذَنْبِهِ، وَالتَّوْبَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ فَمَنْ أَخَّرَهَا زَمَانًا صَارَ عَاصِيًا بِتَأْخِيرِهَا، وَكَذَلِكَ يَتَكَرَّرُ عِصْيَانُهُ بِتَكَرُّرِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَّسِعَةِ لَهَا، فَيَحْتَاجُ إلَى تَوْبَةٍ مِنْ تَأْخِيرِهَا وَهَذَا جَارٍ فِي تَأْخِيرِ كُلِّ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ مِنْ الطَّاعَاتِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ تُتَصَوَّرُ التَّوْبَةُ مَعَ مُلَاحَظَةِ تَوَحُّدِ اللَّهِ بِالْأَفْعَالِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا مَعَ أَنَّ النَّدَمَ عَلَى فِعْلِ الْأَغْيَارِ لَا يُتَصَوَّرُ؟ قُلْنَا: مَنْ رَأَى لِلْآدَمِيِّ كَسْبًا خَصَّصَ النَّدَمَ وَالْعَزْمَ بِكَسْبِهِ دُونَ صُنْعِ رَبِّهِ، وَمَنْ لَا يَرَى الْكَسْبَ خَصَّصَ التَّوْبَةَ بِحَالِ الْغَفْلَةِ عَنْ التَّوَحُّدِ، وَهَذَا مُشْكِلٌ جِدًّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَتُوبُ عَلَى مَا يَظُنُّهُ فِعْلًا لَهُ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْإِخْلَاصُ وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ بِطَاعَتِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَلَا يُرِيدَ بِهَا سِوَاهُ، فَإِنْ قَصَدَ بِهَا سِوَاهُ كَانَ مُرَائِيًا، سَوَاءٌ قَصَدَ النَّاسَ عَلَى انْفِرَادِهِمْ أَوْ قَصَدَ الرَّبَّ وَالنَّاسَ جَمِيعًا.
النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ: فَإِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ بِهِ طَاعَةً فَلْيَرْضَ بِالْقَضَاءِ وَالْمَقْضِيِّ بِهِ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ مَعْصِيَةً فَلْيَرْضَ بِالْقَضَاءِ وَلَا يَرْضَى بِالْمَقْضِيِّ بِهِ بَلْ يَكْرَهُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَاعَةً وَلَا مَعْصِيَةً فَلْيَرْضَ بِالْقَضَاءِ وَلَا يَتَسَخَّطُ بِالْمَقْضِيِّ بِهِ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ.

1 / 221