191

Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Penerbit

مكتبة الكليات الأزهرية

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Fikah
Kaedah Fiqh
اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ وَاشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ وَإِرْغَامِ أَنْفِ الْعَصَبَاتِ وَالْأَقَارِبِ، وَلَمْ يُفَوِّضْهُ الشَّرْعُ إلَى مَنْ تَأَذَّى بِهِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَزْنِيِّ بِهَا، لِأَنَّهُ لَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِمْ لَمَا اسْتَوْفَوْهُ غَالِبًا خَوْفًا مِنْ الْعَارِ وَالِافْتِضَاحِ.
وَأَمَّا حَدُّ السَّرِقَةِ فَزَاجِرٌ عَنْ مَفْسَدَةِ تَفْوِيتِ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَتَوَسَّلُ بِهَا إلَى مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَيَتَقَرَّبُ بِهَا إلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَلَمْ يُفَوِّضْ الشَّرْعُ اسْتِيفَاءَهُ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ لِغَلَبَةِ الرِّقَّةِ فِي مُعْظَمِ النَّاسِ عَلَى السَّارِقِينَ، فَلَوْ فُوِّضَ إلَيْهِمْ لَمَا اسْتَوْفَوْهُ رِقَّةً وَحُنُوًّا وَشَفَقَةً عَلَى السَّارِقِينَ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ تُقْطَعُ يَدٌ دِيَتُهَا خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِل أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ بِرُبُعِ دِينَارٍ أَوْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀؟ قُلْنَا: لَيْسَ الزَّجْرُ عَمَّا أُخِذَ وَإِنَّمَا الزَّجْرُ عَنْ تَكْرِيرِ مَا لَا يَتَنَاهَى مِنْ السَّرِقَةِ الْمُفَوِّتَةِ لِلْأَمْوَالِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي لَا ضَابِطَ لَهَا وَلَوْ شَرَطَ الشَّرْعُ فِي نِصَابِ السَّرِقَةِ مَالًا خَطِيرًا لَضَاعَتْ أَمْوَالُ الْفُقَرَاءِ النَّاقِصَةُ عَنْ نِصَابِ الْخَطِيرِ، وَفِي ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ عَامَّةٌ لِلْفُقَرَاءِ.
وَأَمَّا حَدُّ الْخَمْرِ فَزَاجِرٌ عَنْ شُرْبِ كَثِيرِ الْمُفْسِدَةِ لِلْعَقْلِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْمَخْلُوقَاتِ وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ فِي شَيْءٍ حَقِيرٍ، فَمَا الظَّنُّ بِإِفْسَادِ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ أَخْطَرُ مِنْ كُلِّ خَطِيرٍ؟ وَلِذَلِكَ أَوْجَبَ الْحَدَّ فِي شُرْبِ الْيَسِيرِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إلَى شُرْبِ الْكَثِيرِ. فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا وَجَبَ الْحَدُّ فِي إزَالَةِ عَقْلِهِ بِغَيْرِ سُكْرٍ كَالْبَنْجِ وَغَيْرِهِ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ إفْسَادَ الْعَقْلِ بِذَلِكَ فِي غَايَةِ النُّدُورِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَفْرِيحٌ

1 / 193