181

Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Penerbit

مكتبة الكليات الأزهرية

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Fikah
Kaedah Fiqh
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ بِصِفَةٍ تَرْغَبُ بِمِثْلِهَا الْعُصَاةُ وَتَزِيدُ بِهَا الْقِيَمُ عِنْدَهُمْ كَالْكَبْشِ النَّطَّاحِ وَالدِّيكِ الْمِهْرَاشِ وَالْغُلَامِ الْفَاتِنِ بِحُسْنِ صُورَتِهِ وَحَرَكَتِهِ فَإِنَّ لِهَؤُلَاءِ قِيمَةً زَائِدَةً عِنْدَ أَهْلِ الْفَسَادِ عَلَى الْقِيمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ عِنْدَ أَهْلِ الصَّلَاحِ؟ قُلْنَا: لَا نَظَرَ إلَى ذَلِكَ لِفَسَادِ الْغَرَضِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ، كَمَا لَا نَظَرَ إلَى قِيمَةِ الزَّمْرِ وَالْكُوبَةِ وَالصُّوَرِ الْمُحَرَّمَةِ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الرُّشْدِ وَالصَّلَاحِ كَمَا فِي كَسْرِ الْأَوْثَانِ وَالصُّلْبَانِ.
وَأَمَّا جَبْرُ الْأُرُوشِ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ جَبْرِ الصِّفَاتِ يُقَوَّمُ الْعَرَضُ صَحِيحًا وَمَعِيبًا وَيَحْسِبُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مَنْسُوبًا إلَى الثَّمَنِ.
وَأَمَّا الْمَنَافِعُ فَضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَنْفَعَةٌ مُحَرَّمَةٌ كَمَنَافِع الْمَلَاهِي وَالْفُرُوجِ الْمُحَرَّمَةِ وَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ وَالتَّقْبِيلِ وَالضَّمِّ الْمُحَرَّمِ فَلَا جَبْرَ لِهَذِهِ الْمَنَافِعِ احْتِقَارًا لَهَا، كَمَا لَا تُجْبَرُ الْأَعْيَانُ النَّجِسَةُ لِحَقَارَتِهَا، فَإِنْ اسْتَوْفَى شَيْئًا مِنْهَا بِغَيْرِ مُطَاوَعَةٍ مِنْ ذِي الْمَنْفَعَةِ فَلَا يُجْبَرُ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا مَهْرُ الْمَزْنِيِّ بِهَا كُرْهًا أَوْ شُبْهَةً، وَلَا يُجْبَرُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي اللِّوَاطِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَوَّمْ قَطُّ فَأَشْبَهَ الْقُبَلَ وَالْعِنَاقَ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً مُتَقَوِّمَةً فَتُجْبَرُ فِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وَالصَّحِيحَةِ وَالْفَوَاتُ تَحْتَ الْأَيْدِي الْمُبْطِلَةِ وَالتَّفْوِيتُ بِالِانْتِفَاعِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدْ قَوَّمَهَا وَنَزَّلَهَا مَنْزِلَةَ الْأَمْوَالِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ جَبْرِهَا بِالْعُقُودِ وَجَبْرِهَا بِالتَّفْوِيتِ وَالْإِتْلَافِ، لِأَنَّ الْمَنَافِعَ هِيَ الْغَرَضُ الْأَظْهَرُ مِنْ جَمِيعِ الْأَمْوَالِ، فَمَنْ غَصَبَ قَرْيَةً أَوْ دَارًا قِيمَتُهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَبَقِيَتْ فِي يَدِهِ سَبْعِينَ سَنَةً يَنْتَفِعُ بِهَا مَنَافِعَ تُسَاوِي أَضْعَافَ قِيمَتِهَا وَلَمْ تَلْزَمْهُ قِيمَتُهَا لَكَانَ ذَلِكَ بَعِيدًا مِنْ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ الَّذِي لَمْ تَرِدْ شَرِيعَةٌ بِمِثْلِهِ وَلَا بِمَا يُقَارِبُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ.

1 / 183