Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

Al-Izz ibn Abd al-Salam d. 660 AH
134

Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Penerbit

مكتبة الكليات الأزهرية

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Fikah
Kaedah Fiqh
رَضِيَ بِهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ الرَّاضِينَ وَلَا يُؤْجَرُ عَلَى نَفْسِ الْمُصِيبَةِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِهِ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور: ١٦]، كَيْفَ وَالْمَصَائِبُ الدُّنْيَوِيَّةُ عُقُوبَاتٌ عَلَى الذُّنُوبِ، وَالْعُقُوبَةُ لَيْسَتْ ثَوَابًا، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠]، وَقَوْلُهُ ﵇. «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا دُونَهَا إلَّا قُصَّ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ»، وَقَوْلُهُ ﷺ: «لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنُ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ حَتَّى الْهَمِّ يَهُمُّهُ وَالشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ» . فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ ﵇ «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ»، عَلَى تَقْدِيرِ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ صَبْرِهِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى﴾ [النجم: ٣٩] . هَذَا فِي الْمَصَائِبِ الَّتِي لَا تَسَبُّبَ لَهُ إلَيْهَا. وَأَمَّا مَا تَسَبَّبَ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ السَّيِّئَاتِ كُتِبَ عَلَيْهِ وَأُخِذَ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّ مَنْ جَرَحَ إنْسَانًا فَسَرَى الْجِرَاحُ إلَى نَفْسِهِ كَانَ وِزْرُ الْقَتْلِ وَقِصَاصُهُ وَدِيَتُهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَلْقَى عَلَى إنْسَانٍ حَجَرًا ثُمَّ مَاتَ الْمُلْقِي قَبْلَ وُصُولِ الْحَجَرِ عَلَى الْمُلْقَى عَلَيْهِ فَهَلَكَ بِذَلِكَ الْحَجَرِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُلْقِي، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ إثْمَ الْقَاتِلِينَ الْعَامِدِينَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، مَعَ كَوْنِ الْقَتْلِ وَقَعَ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ التَّكْلِيفِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَتْلُ مُسَبَّبًا عَنْ إلْقَائِهِ، قُدِّرَ كَأَنَّهُ قَتَلَهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ إلْقَائِهِ وَإِنْ كَانَ مَا يَتَسَبَّبُ إلَيْهِ مِنْ الْحَسَنَاتِ أُجِرَ عَلَيْهِ وَمِثَالُهُ: التَّسَبُّبُ لِلْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْجِرَاحِ أَوْ الرَّمْيِ كَمَا لَوْ رَمَى سَهْمًا فِي كَافِرٍ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ بَعْدَ مَوْتِ الرَّامِي فَقَتَلَهُ كَانَ لَهُ سَلْبُهُ وَأَجْرُ قَتْلِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنْ الْمُنْكَرِ فَقُتِلَ بِسَبَبِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ فَهَذَا مُتَسَبِّبٌ إلَى قَتْلِ نَفْسِهِ لِلَّهِ ﷿، فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ قَتَلَ الْكَفَرَةَ أَوْ الْفَجَرَةَ، وَلَا يُثَابُ عَلَى الْقَتْلِ، لِأَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّمَا يُثَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إلَيْهِ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. وَكَذَلِكَ تَسَبُّبُ الْغَازِي إلَى قَتْلِ نَفْسِهِ لِحُضُورِهِ الْمَعْرَكَةَ.

1 / 136