Qawaid Tajdid
قواعد التحديث
Penerbit
دار الكتب العلمية-بيروت
Lokasi Penerbit
لبنان
كلامان، لو اجتمعا على هيئة القياس الاقتراني أو الشرطي، أنتجا جواب المسألة؛ وربما كان في كلامهم ما هو معلوم بالمثال والقسمة، غير معلوم بالحد الجامع المانع، فيرجعون إلى أهل اللسان، ويتكلفون في تحصيل ذاتياته، وترتيب حد جامع مانع له، وضبط مبهمه، وتمييز مشكله، وربما كان كلامهم محتملًا بوجهين، فينظرون في ترجيح أحد المحتملين، وربما يكون تقريب الدلائل خفيًّا، فيبينون ذلك؛ وربما استدل بعض المخرجين من فعل أئمتنهم وسكوتهم ونحو ذلك، فهذا هو التخريج، ويقال له: القول المخرج لفلان كذا على مذهب فلان أو على أصل فلان، أو على قول فلان، وجواب المسألة كذا وكذا، ويقال لهؤلاء: المجتهدون في المذهب، وعنى هذا الاجتهاد على هذا الأصل من قال: من حفظ المبسوط كان مجتهدًا! أي: وإن لم يكن له علم برواية أصلًا، ولا بحديث واحد، فوقع التخريج في كل مذهب وكثر، فأي مذهب كان أصحابه مشهورين وسد إليهم القضاء والإفتاء، واشتهر تصانيفهم في الناس، ودروسوا درسًا ظاهرًا انتشر في أقطار الأرض. ولم يزل ينشر كل حين، وأي مذهب كان أصحابه خاملين، ولم يولوا القضاء والإفتاء، ولم يرغب فيهم الناس اندرس بعد حين". ا. هـ.
٢٥- بيان حال الناس في الصدر الأول وبعده:
قال الإمام أبو زيد الدبوسي رحمه الله تعالى في تقويم الأدلة: "كان الناس في الصدر الأول أعني: الصحابة والتابعين والصالحين يبنون أمورهم على الحجة، فكانوا يأخذون بالكتاب ثم بالسنة، ثم بأقوال من بعد رسول الله ﷺ ما يصح بالحجة؛ فكان الرجل يأخذ بقول عمر في مسألة، ثم يخالفه بقول علي في مسألة أخرى. وقد ظهر من أصحاب أبي حنيفة أنهم وافقوا مرة، وخالفوه أخرى، بحسب ما تتضح لهم الحجة، ولم يكن المذهب في الشريعة عمريًّا، ولا علويًّا، بل النسبة كانت إلى رسول الله ﷺ فكانوا قرونًا أثنى عليهم رسول الله ﷺ بالخير، فكانوا يرون الحجة لا علماءهم ولا نفوسهم، فلما ذهبت
1 / 344