Qawaid Fiqhiyya
القواعد الفقهية : مفهومها، نشأتها، تطورها، دراسة مؤلفاتها، أدلتها، مهمتها، تطبيقاتها
Penerbit
دار القلم
Genre-genre
في هذه الآية الكريمة أوحى القرآن الكريم إلى أن ما نقمه الكفار علىا المسلمين من قتال في الشهر الحرام، وإن كان مفسدة، فما أنتم عليه من الصد عن سبيل الله، والكفر به وبسبيل هداه، وبالمسجد الحرام، وصدكم عنه، وإخراج أهله منه، أكبر عند الله، وفتنتكم المؤمنين بشديد الأذى محاولين إرجاعهم إلى الشرك أكبر من القتال في الشهر الحرام(1).
و ذكر الإمام صلاح الدين العلائي هذه القاعدة في قواعده بعنوان "احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما" وقال: "وأصل هذه القاعدة قصة الحديبية ومصالحة النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ المشركين على الرجوع عنهم وإن جاء أحد من أهل مكة مسلما، رده إليهم : ومن راح من المسلمين لا يردونه وكان في ذلك إدخال ضيمء على المسلمين وإعطاء الدنية في الدين . ولذلك استشكله عمر -رضي الله عنه - لكنه احتمل لدفع مفاسد أعظم منه، وهي قتل المؤمنين والمؤمنات، الذين كانوا خاملين بمكة، ولا يعرفهم أكثر الصحابة، وفي قتلهم معرة عظيمة على المؤمنين؛ فاقتضت المصلحة احتمال أخفى المفسدتين لدفع أقواهما. وإلى هذا يشير قوله تعالى: (ولولا رجال مؤمنون ونساء مومنات لم تعلموهم أن تطوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم)(2). فلما قدر الله تمييز المؤمنين المستضعفين بمكة، وخروجهم من بين أظهر المشركين، سلط الله تعالى حينئذ رسوله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة - رضوان الله عليهم - على أهل مكة؛ فافتتحوها كما قال تعالى: لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما* "(3).
(2) سورة الفتح : الآية25.
(3) "المجموع المذهب في قواعد المذهب"، و: 38، الوجه الأول، الآية : الجزء الأخير من الآية25 من سورة الفتح.
وقوله تعالى: لو تزيلوا): معناه: لوتفرقوا، جاء في ابن كثير: 346/6، "أي لو تميز الكفار من المؤمنين الذين بين أظهرهم" .
Halaman 314