Qawaid Fiqhiyya
القواعد الفقهية : مفهومها، نشأتها، تطورها، دراسة مؤلفاتها، أدلتها، مهمتها، تطبيقاتها
Penerbit
دار القلم
Genre-genre
فأرشد الله الزوجين في عشرتهما، وأداء حق كل منهما إلى الآخر إلى المعروف المعتاد، الذي يرتضيه العقل، ويطمئن إليه القلب، ولا شك أن ذلك متغير حسب الاختلاف بين المناطق وأحوال الناس .
ومن هذا القبيل ما جاء في قوله عز وجل: (لايؤاخذكم الله باللغو في ائمانكم ولكن يواخذكم بما عقدتم الأيمان، فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم)(1)، فقوله سبحانه: من أوسط ما تطعمون) يقرر انا الضابط الذي يلجأ إليه في تحديد مقدار الطعام، وتوفير الكسوة في جميع الأحكام المتعلقة بالكفارات، التي لم ينص الشرع فيها على مقدار معلوم معين ، فينظر فيها إلى الأعراف السائدة والعوائد المتبعة، وتفصل القضايا حسب مقتضاها .ا وإلى هذا المعنى يوحي تفسير بعض العلماء لهذه الآية الكريمة، قال الإمام الطبري : "وأولى الأقوال في تأويل قوله: (من أوسط ما تطعمون أهليكم) عندنا قول من قال: من أوسط ما تطعمون أهليكم في القلة والكثرة. وذلك أن أحكام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكفارات كلها وردت بذلك؛ وذلك كحكمه - صلى الله عليه وسلم - في كفارة الحلق من الأذى بفرق(2) من طعام بين ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع"(3).
و نجد توضيح النص المذكور فيما قاله الإمام ابن تيمية عند بيان فدية المعرم في الحج، وتحديد ما هو الأفضل في إطعام الطعام في هذه الكفارة، وفي سائر الكفارات، يقول: "والواجب في ذلك كله، ما ذكره الله تعالى بقوله: إطعام عشرة ساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم ...* الآية. فأمر الله تعالى باطعام المساكين من أوسط ما يطعم الناس أهليهم .
(2) الفرق : قال الزمخشري : "هو إناء يأخذ ستة عشر رطلا، وفيه لغتان : تحريك الراء، وهو الفصيح، وتسكينها"؛ الفائق في غريب الحديث، تحقيق : محمد على البجاوي، محمد ابو الفضل إبراهيم، (ط. عيسى البابي الحلبي): 104/3.
(3) جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، تحقيق وتعليق : محمود محمد شاكر، مراجعة وتخريج : أحمد محمد شاكر، (ط. مصر، دار المعارف): 543/10.
Halaman 293