Dua Titik
قطرتان: من النثر والنظم
Genre-genre
Aegyptus
اللاتينية وهي إغريقية أصلا، فهي تسمية لطائفة بعينها، وكان النبي
صلى الله عليه وسلم
أول من دعا المصريين من بين العرب بهذه التسمية في رسالته الشهيرة إلى المقوقس، هذه هي الحقيقة الثابتة تاريخيا وعلميا، وليس ما ذهب إليه البحاثة أحمد زكي بك سكرتير مجلس النظار في خطابه الذي ألقاه في يوم الجمعة 27 مارس سنة 1908 بدار التمثيل العربي وقد حوى ما حوى من الخطأ العجيب حيث أشار إلى أن كلمة «قبطي» هي نسبة محرفة إلى «قفط»، وهو خطأ واضح يدهشني وقوعه من البك الصديق العلامة، ولعل ما وجهه إليه الأثري الكبير المسيو ماسبرو من تصحيح صريح قد أقنعه بخطئه.
هذه هي أهم نقطة في التربية الوطنية يجهلها المصريون أو معظمهم، فنحن جميعا أقباط، وأغلبيتنا مسلمة بحكم فتح العرب لمصر (ولم يكن عدد الفاتحين إلا آلافا قليلة)، والأقلية مسيحية، ولا شك في أن الجامعة الإسلامية جامعة مقدسة لدى الأغلبية، كما أن مجد العرب وسيرتهم وفتوحاتهم حبيبة إلى نفوسهم، كذلك شأن المسيحيين المصريين بالنسبة لمجد المسيحية وتراثها وأعلامها، ولكن يبقى بعد كل هذا أن مصر يسكنها شعب موحد في دمه وعاداته وأخلاقه بالرغم من اختلاف الدين، وأنه - بعنصريه - جدير بأن يحرص على الأخوة الوطنية كل الحرص، وأهل لأن يعنى كل من عنصريه بصوالح الآخر وهمومه وآماله وأن يحرص على كرامته وأن يساعد في استثمار مواهبه لخيره ولخير الوطن، إذ بغير ذلك تنتفي الأخوة الوطنية، والشعب الذي يجهل معنى الأخوة الوطنية مبدأ وتطبيقا لا يفهم معنى التربية الوطنية، ولا يعد أهلا لأن يستقل بإدارة أموره ولأن يكتسب احترام العالم المتمدن، وقانا الله مثل هذه العاقبة.
فظائع الحروب
أنشأ السيد كارل شوروز مقالا بليغا في إحدى المجلات الإنكليزية تكلم فيه عن واقعة جتسبرج، وقد رأينا أن ننشر شيئا مما كتبه في وصف ما يراه الناظر بميدان القتال في اليوم الثاني لحدوث إحدى الوقائع، قال: لا أقبح ولا أبشع من النظر إلى جثث القتلى في ساحة الحرب وقد لبثوا يوما أو أكثر قبل أن يذوقوا حتفهم عرضة لأشعة الشمس المحرقة والهواء الحار، وقد تنكرت سحنتهم فانتفخت وجوههم واصطبغت بالسواد، وبرزت أعينهم وصارت ثابتة في مكانها لا تتحرك، وتبدلت هيئتهم حتى بعدوا عن أن يميزوا ويعرفوا، وقد انفرد بعضهم وبقي غيرهم مرتبين صفوفا، ووقع آخرون بعضهم على بعض فكانوا أكواما، وبدت على آخرين هيئة من يريد الراحة بالصلح وقد رفعت أيدي فريق منهم، وظهر آخرون في صورة الجلوس وأخذ نفر يركعون، وبقي بعضهم ينبش الأرض بأظفاره، وقد تشوه كثيرون تشوها منكرا بينما كانت الحرب شديدة الوطيس، وملك المنون يرفرف فوق الرءوس.
امتلأت الديار ومحابس الحيوانات والمزارع بالأنين، ووضعت المناضد في فضاء الأرض، ومكث الجراحون وأكمامهم مرفوعة إلى مرافقهم، وسواعدهم المكشوفة وكذلك قطيلاتهم الكتانية مخضبة بالدماء، وهم - إلا قليلا منهم - قابضون على أسلحتهم بأسنانهم بينما يكونون مهتمين بمداواة جريح راقد فوق المنضدة أو على مكان آخر، أو تكون أيديهم مشتغلة بعمل ما، وهناك من خلفهم برك الدماء وبجانبها أكوام من السواعد والأرجل المقطوعة مما يزيد ارتفاعه في بعض الأحايين عن قامة الإنسان.
الجريح راقد على المنضدة وهو غالبا يصيح مما يقاسيه من الألم فيخف إليه الجراح ويفحص بسرعة جرحه ثم يشرع في بتر العضو الذي يؤذيه ويشير إلى الخدم بالاستعداد لإحضار آخر، فيخرج سلاحه من «بين أسنانه» التي كان قابضا عليه بها حين كانت يداه مشغولتين، ويمسحه بخفة مرة أو مرتين في قطيلته
1
Halaman tidak diketahui