أما ابن طولون فكان يعلم أن الخلافة صائرة يوما إلى الموفق، وسيبلغ بهذا الحق من قوة الأثر في نفوس المسلمين من رعايا دولة الخلافة ما يفل
58
به سيف ابن طولون، ويحطم كبرياءه ...
وأما الموفق فلم يكن يحمل من هم ابن طولون إلا أمرا واحدا، لو كفيه لانهارت الدولة الطولونية كلها، فلم تقم لها قائمة بعد، ذلك هو غنى أحمد بن طولون بالمال، هذا المال الذي يشتري به الجند للحرب، ويصطنع به الصنائع للسياسة، فيغلب به ويتمكن.
وراح كلا الرجلين يدبر أمره ليحطم صاحبه من حيث يظن به القوة!
6
عاد الأمير أحمد بن طولون من جولة في بعض أسواق المدينة ذات مساء، فأوى إلى فراشه مطمئنا هادئ النفس، ثم أصبح كئيبا قلقا كأنما حط على صدره كل هم الدنيا ... فدعا عدة من أصحاب الرسائل
59
فتقدم إليهم أن يتفرقوا في المدينة يبحثون عن غلامه «لؤلؤ»، فيأتون به من حيث كان ...
وكان لؤلؤ من أصحاب الحظوة والجاه عند ابن طولون، قد صحبه الأمير طويلا ووثق به وائتمنه على سره، حتى ليكل إليه من مهام الدولة ما لا يكل إلى ولده.
Halaman tidak diketahui