ثمَّ القدر الذي يُنكَر من فِعل بعضِهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنِهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنُّصرة والعلم النافع والعمل الصالح، ومن نظر في سيرة القوم بعلمٍ وبصيرةٍ وما منَّ الله عليهم من الفضائل علِمَ يقينًا أنَّهم خيرُ الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنَّهم الصَّفوةُ من قرون هذه الأمَّة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله".
وقول أهل السُّنَّة بتعديل الصحابة، كما أنَّه مستندٌ إلى نصوص من الكتاب والسُّنَّة، فهو مَبنِيٌّ على حُسن الظنِّ بهم، ومَن أحسن الظنَّ بهم فهو مأجورٌ، والقول بخلاف ذلك مَبنِيٌّ على إساءة الظنِّ بهم، ومَن أساء الظنَّ بهم فهو آثمٌ.
٥ والواجبُ لأصحاب رسول الله ﷺ تولِّيهم ومَحبَّتُهم والثناءُ عليه بالجميل اللاَّئق بهم، وألاَّ يُذكَروا إلاَّ بخير، قال الطحاوي في عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة: "ونحبُّ أصحابَ رسول الله ﷺ ولا نفرط في حبِّ أحدٍ منهم، ولا نتبرَّأ من أحدٍ منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلاَّ بخيرٍ، وحبُّهم دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ، وبغضُهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيانٌ".
وروى الخطيبُ البغدادي في كتابه الكفاية (ص: ٤٩) بإسناده إلى أبي زرعة الرازي أنَّه قال: "إذا رأيت الرجلَ ينتقصُ أحدًا من أصحاب رسول الله ﷺ فاعلم أنَّه زنديقٌ؛ وذلك أنَّ رسول الله ﷺ عندنا حقٌّ والقرآن حقٌّ، وإنَّما أدَّى إلينا هذا القرآنَ والسننَ أصحابُ رسول الله ﷺ وإنَّما يريدون أن يجرحوا شهودَنا ليُبطلوا الكتاب والسنة، والجرحُ بهم أولى وهم زنادقةٌ".