ولتك قذالها مرة أخرى، مهلا ... ألم تبتسم؟ بلى، ومن سوى جمالها فجعله فتنة، لقد ابتسمت، مهدت لهذه الخطوة الأخيرة فأحسنت التمهيد، لا شك أنها تعلم بكل حركاتي ومناوراتي السابقة، آن لي ... وآن لك ... من حسن حظي أنك لست من المصابات بداء الحشمة، ذاك الإنجليزي، جوليون، الجواد الكريم القائم أمامك موطأ المتن، ألا تسمعين حمحمته؟ - أليس للجار عندكم إكرام؟ ... إني أشحذك تحية هي من صميم حقوقي.
جاءه صوت رقيق خافت - بدا لتحول الوجه عنه كأنه آت من بعيد - وهو يقول: ليست من حقك ... على هذا النحو.
أجيب الطارق، رفعت سقاطة الباب، لن تظفر بالمناغاة حتى تلعق الزجر، اثبت، الثبات، الثبات ... كما يهتف به المجاورون: إذا كان صدر مني ما أغضبك فلن أغتفره لنفسي ما حييت!
هي في عتاب: إن سطح بيت أم علي، الداية، في مستوى سطحنا وسطحكم، ما عسى أن يظن الناظر إذا رأى موقفك مني وأنا أنشر الغسيل؟
ثم في تساؤل هازئ: أم تريد أن تجعل مني أحدوثة؟
بعد الشر عنك؟ هل راعيت هذا الحذر في مواقفك مع جوليون في الزمن القديم؟ لكن مهلا، إن جمال عينيك وعجيزتك يغفر ما تقدم وما تأخر من ذنبك. - لا أبقاني الله في الحياة لحظة واحدة إن كنت قصدتك بسوء، لقد تواريت تحت سقيفة الياسمين حتى غابت الشمس، ولم أقترب من السور حتى ثبت عندي خلو سطح أم علي الداية.
ثم وهو يتنهد بصوت مسموع: وعذري بعد ذلك أني واليت صعود السطح أبدا كي أظفر بهذه الخلوة ... فلما وجدتها الساعة استخفني السرور، وعلى أي حال ربنا يستر. - عجيبة! ... لم هذا التعب كله؟
سؤال لا يبعث عليه الجهل، يسألن عما يعرفن، ارتضت أن تحاورك فاهنأ بحوارها. - قلت لنفسي: أن تحييها وأن ترد تحيتك ألذ من الصحة والعافية.
التفتت إليه برأس دلت حركته في شبه الظلام على تكتم الضحك، وقالت: لسانك أطول من جسمك، ترى ماذا وراء كلامك؟ - وراءه؟ ... هلا اقتربت من السور؟ عندي حديث طويل، منذ أيام وأنا أغادر البيت إلى الطريق، لاحت مني التفاتة إلى الأرض فرأيت ظل يد تتحرك، فنظرت إلى فوق فرأيتك مطلة من السور، رأيت منظرا جميلا لا يمكن أن ينسى.
دارت على عقبيها ولكنها لم تقترب خطوة، ثم قالت في لهجة تنم عن الاتهام: كيف تنظر إلى فوق؟ ... ولو كنت جارا حقا كما تقول ما سمحت لنفسك بأن تجرح جارتك، ولكنك سيئ النية فيما بدا منك باعترافك، وفيما يبدو منك الساعة.
Halaman tidak diketahui