216

Istana Rindu

قصر الشوق

Genre-genre

وجعلت يسراه تعبث بشاربه وهو يحدج ياسين بنظرة لم تره؛ لأنها بدت مشغولة بالتفكير، وراح ياسين يستعطفه ويعتذر له عن ازعاجه، ويؤكد له أن كل اعتماده بعد الله عليه، ولم يغادر الدكان حتى وعده الرجل بالسعي في وقف نقله.

وعند مساء اليوم نفسه ذهب السيد أحمد إلى قهوة الجندي بميدان الأوبرا لمقابلة ناظر المدرسة، فما إن رآه الرجل حتى دعاه إلى الجلوس وهو يقول له: كنت منتظرا مجيئك، ياسين جاوز كل حد، إني آسف لما يسببه لك من متاعب.

فقال السيد وهو يجلس قبالته في الشرفة المطلة على الميدان: على أي حال، فياسين ابنك أيضا. - طبعا، ولكن لا شأن لي بالمسألة كلها، إنها محصورة بينه وبين الوزارة.

فقال السيد كالمحتج وإن بدا وجهه مبتسما: أليس عجيبا أن يعاقبوا موظفا لأنه تزوج من عوادة! أليس هذا شأنا يعنيه وحده؟ ثم إن الزواج علاقة شرعية لا يصح أن يتعرض لها أحد بسوء!

فقطب الناظر مفكرا متسائلا، كأنه لم يفهم ما قال صاحبه، ثم قال: لم يجئ ذكر الزواج إلا عرضا وأخيرا. أما علمت بالخبر كله؟ يخيل إلي أنك لم تعلم بكل شيء!

انقبض صدر الرجل، فتساءل في إشفاق وقلق: أيوجد مطعن آخر؟

فمال الناظر نحوه قليلا، وقال بأسف: المسألة يا سيد أحمد أن ياسين تعارك في درب طياب مع ساقطة، فحرر له محضر بلغت صورته إلى الوزارة.

بهت الرجل فاتسعت حدقتاه واصفر وجهه، حتى لم يتمالك الناظر من أن يهز رأسه آسفا وهو يقول: هذه هي الحقيقة، وقد بذلت قصارى جهدي لأخفف العقوبة، حتى وقفت إلى إلغاء فكرة إحالته إلى مجلس تأديب، فاكتفى بنقله إلى الصعيد.

تنهد السيد مغمغما: الكلب!

فقال الناظر وهو يرمقه بعطف: إني آسف جدا يا سيد أحمد، غير أن هذا السلوك لا يليق بموظف، لا أنكر أنه شاب طيب ومثابر على عمله، بل أصارحك بأني أحبه، لا لأنه ابنك فحسب، ولكن لشخصه أيضا، ولكن ما أعجب ما يقال عنه! ينبغي أن يصلح من شأنه ويقوم سلوكه وإلا خسر مستقبله.

Halaman tidak diketahui