Abad Kesembilan Belas
القرن العشرون
Genre-genre
هنا مجال واسع لكثير من التشاؤم، ومجال أوسع منه لكثير من المتشائمين، ففي الدنيا مشكلات لا تحل ومخاوف لا تغلب، وعداوات لا تهدأ، وغوامض من شئون العيش وشئون الرأي لا تنكشف اليوم على جلاء، وعلى كل لسان يتحدث بهذه الشئون سؤال لا يسمع له جواب شاف: هل تقع الحرب المحذورة المرتقبة؟ وهل تبقى من بعدها بقية من نوع الإنسان أو بقية من الحضارة الإنسانية؟
ويلوح للناظرين إلى الغد أن السنين الأربعين التي بقيت من القرن العشرين أقصر من أن ترفع الستار عن غوامض هذه الشئون، وأنها في الحق لكذلك، فربما انتهت والعالم الإنساني يزداد تضامنا، وينتقل إلى التعاون الوثيق في علاقاته وقضاياه، وربما انتهت وهو مشتبك في نضال يقطع العرى بين أوصال هذا التضامن الواقع فلا يعدو إلى مجراه إلى بعد حين، إن قدر له أن يعود.
لا ندري على التحقيق أي هاتين العاقبتين كائن في أوائل القرن الحادي والعشرين، فهل ترانا لا ندري أي العوامل التي تعمل لكلتا العاقبتين أرجح وأقوى في أيامنا هذه، وأيها يرجى أن يزداد رجحانا وقوة على مدى الأيام؟
إذا كان هذا هو مدار السؤال فمن الإفراط في الشك والحذر أن نحجم عن الموازنة بين عوامل الأمل وعوامل القنوط؛ لأن هذه العوامل قابلة للموازنة والمقارنة، وظاهرة في طبيعتها التي تمضي مع التيار المأمول أو تدبر بذلك التيار وتصده إلى الوراء، ومن هذه الموازنة بين العوامل المقبلة والعوامل المدبرة لا يستطيع المتشائم أن يوقن بأنه على صواب، وقد يستطيع المتفائل أن يطمئن إلى مآل الصراع بين دواعي التضامن ودواعي التصدع والانحلال.
فمن المشكلات التي تروعنا اليوم مشكلات لم تكن لتظهر ولا لتنذر بالخطر الداهم لو لم يكن بين الأمم رباط من التضامن في المصالح والعلاقات، يضطرها إلى المبالاة بالقريب والبعيد من مشكلات الأقوياء والضعفاء.
مشكلة في أفريقيا الجنوبية، أو مشكلة في الشرق الأوسط، أو مشكلة في زاوية من زوايا القارة الآسيوية، وكلها تحدث اليوم فتبعث القلق والتربص والاستعداد في محافل الأمم بعد أيام.
وقديما كانت المشكلة في موقع من هذه المواقع تحدث وتنقضي ولا يعلم بها أحد، ولا ينبعث منها القلق إذا علم بها بعيد أو قريب.
فإذا أقمنا الموازنة بين عوامل التفاؤل وعوامل التشاؤم في هذه المشكلات حق لنا أن نتفاءل بها ولا نتشاءم منها؛ لأنها من علامات التضامن الواقع الذي يوحد بين الأخطار ويضطر الأمم إلى توحيد العزائم لدفع تلك الأخطار، واتقاء وقوعها قبل التفاقم والاستفحال.
إن كفة الخير في هذه المشكلات أرجح من كفة الشر، وإنها لتحسب من البشائر بتذليل المصاعب، ولا تحسب من العقبات التي لا تنقاد للتذليل.
على أن العالم الإنساني فيه كثير من المشكلات المنذرة بالخطر غير تلك المشكلات.
Halaman tidak diketahui