تتعلق هذه المعلومات بعضها ببعض، وترجع إلى وصف الله العلي واسمه الحسن.
وأما الشجاعة (١) فهي ثبوت القلب عند تعارض المضادات من المخاوف والمرجوات، ولم يحز أحد في الإِسلام هذه الصفة حاشا أبي بكر الصديق ﵁، فإنه كان أشجع الأمة (٢) بعد رسول الله ﷺ، إذ ثبت قلبه في مواضع زاغت فيها القلوب، وذلك إذ نزلت المصيبة العظمى بموت (٣) رسول الله ﷺ، فاختلط عمر (٤)، وخرس عثمان (٥)، واستخفى علي بن أبي طالب ﵃ أجمعين، واستسلم سائر الخلق، فكان من أبي بكر في ذلك ما قصرت عنه جميع الأمة، قال (٦) للناس: "ما مات رسول الله ﷺ وإنما واعده الله كما واعد موسى (٧)، وَلَيَرْجِعَنَّ رسول الله ﷺ فليقطعن أيديَ الناس وأرجلَهُمْ، فجاء أبو بكر ﵁ وكان غائبًا في منزله بالسُّنْح (٨)، فدخل منزل ابنته عائشة ورسول الله ﷺ مسجى بثوبه،
(١) انظر: العواصم: ٢٥٥، العارضة: ٩/ ١٣٩، التعريفات: ٦٧، كشاف اصطلاحا الفنون: ٢/ ٢٢٩ (ط: تراثنا).
(٢) انظر هذه المواقف في العواصم: ٣٧٣، الأحكام: ٨٦٧ - ٨٦٩، العارضة: ٩/ ١٤٤، ففيها تفصيل لبعض ما أجمله هنا.
(٣) انظر سيرة ابن هشام: ٤/ ١٠٦٩، تاريخ الطبري: ٣/ ٢٠٧، السيرة النبوية لابن كثير: ٤/ ٤٧٠، الإمتاع للمقريزي: ١/ ٥٤٨.
(٤) العواصم: وأما عمر فأهجر.
(٥) العواصم: وأما عثمان فسكت، الأحكام: فبهت.
(٦) أي عمر ﵁ انظر العواصم: ٣٧٤.
(٧) إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ [البقرة: ٥١].
(٨) طرف من أطراف المدينة المنورة بينها وبين منزل رسول الله ﷺ ميل. ياقوت الحموي: معجم البلدان، ٣/ ٢٥٦.