Inggeris dan Terusan Suez: 1854-1951
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Genre-genre
بشأن مراحل المفاوضات بين مصر وإنجلترا وقرار الحكومة بإلغاء معاهدة سنة 1936 والأسس التي قام عليها هذا الإلغاء.
وفي شهر يناير سنة 1950، أجريت في مصر الانتخابات العامة، فأسفرت عن تولية الحكومة الحاضرة «حكومة الوفد» ... لقد أجمعت الأمة إجماعا لا يشذ عنه أحد من أبنائها على تحرير وادينا مصر وسودانه من كل ما يقيد حريته واستقلاله، ليسترد مجده القديم ويتبوأ المكان الكريم اللائق به في ميدان الحياة العالمية ...
وشرعت الوزارة على الفور في إنجاز ما وعدت به، ورأت أن تكون أولى خطواتها في هذا السبيل محاولة الاتفاق مع الإنجليز، فدخلت معهم في سلسلة طويلة من الاتصالات والمحاولات، لعلهم يقتنعون بالحجة وينزلون على حكم الحق، وتعددت الاتصالات وطالت المحادثات، وتذرعت الوزارة بالحكمة والصبر فلم تتعجل، بل واجهت المشكلات مواجهة واقعية وعالجتها باقتراح الحلول العملية، للتوفيق بين حقوق مصر الوطنية والتي لا يمكن التحول عنها، وبين الملابسات الدولية التي يتعلل بها الإنجليز، ولكن شيئا من ذلك لم يفلح في صرفهم عن عنتهم وإقناعهم بضرورة احترام حقوق مصر، إذا شاءوا حقا أن يحتفظوا بصداقتها، فلم تجد الحكومة - والحالة هذه - بدا من أن تعلن خطاب العرش الذي ألقي في البرلمان المصري يوم 16 نوفمبر 1950 أنه لا مناص من إلغاء معاهدة سنة 1936، وأن الحكومة ماضية دون تردد أو إبطاء في تحقيق الأهداف الوطنية ... وفي طليعة هذه الوسائل إعلان إلغاء معاهدة سنة 1936، وما يتبع ذلك من إعلان إنهاء اتفاقيتي 16 يناير، 10 يوليو سنة 1899 الخاصتين بالحكم الثنائي في السودان.
ثم استمرت المحادثات، وقصد وزير الخارجية المصرية إلى لندن، حيث تباحث مع وزير الخارجية البريطانية طويلا، وانتهت هذه المباحثات في 15 ديسمبر سنة 1950، بأن قرر وزير الخارجية البريطانية أنه عرض على مجلس الوزراء بصفة شخصية محضة مقترحات تتضمن طريقة علاج جديد لمشكلة الدفاع، فكلف المجلس مستشاريه أن يقوموا على الفور ببحث هذه المقترحات، وهو يرجو أن يتمكن من الإفضاء إلى الحكومة المصرية بنتيجة دراسة حكومية بطريقة العلاج المذكورة في أواسط يناير سنة 1951 أو في أسرع وقت مستطاع بعد ذلك التاريخ.
ولكن المقترحات الموعودة لم تصل إلى الحكومة المصرية إلا في 11 أبريل سنة 1951؛ أي: بعد التاريخ المضروب بثلاثة أشهر، وقد جاءت مع ذلك أبعد ما تكون عن تحقيق المطالب الوطنية.
وفي 24 أبريل سنة 1951، ردت الحكومة المصرية برفض هذه المقترحات في جملتها وتفصيلاتها، مقدمة مقترحات مضادة بشأن الجلاء ووحدة مصر السودان.
ووعد الجانب البريطاني بدراسة هذه المقترحات المضادة والرد عليها، ولكن رده لم يصل إلا في 8 يونيو سنة 1951.
ثم استؤنفت المحادثات ودار البحث حول السودان، وبينما هي سائرة تتعثر، ألقى وزير الخارجية بيانه المعروف في مجلس العموم البريطاني يوم الإثنين 20 يوليه سنة 1951، يعلن فيه تمسك الحكومة البريطانية بالاحتلال والدفاع المشترك في وقت السلم، بحجة الضرورات الدولية، ومعارضتها وحدة مصر والسودان تحت التاج المصري بحجة استطلاع مشيئة السودانيين.
وقد جاء هذا البيان ناطقا بعمق الهوة التي تفصل بين الطرفين، لإصرار الحكومة البريطانية على سياستها الاستعمارية القديمة؛ سياسة ادعاء المسئوليات وانتحال التبعات ومقاومة الحقوق الوطنية بشتى الحجج والتعلات.
وفي 6 أغسطس سنة 1951 رد وزير الخارجية المصرية على هذا البيان، قال فيه: إن وزير الخارجية البريطانية قد أغلق بتصريحاته الأخيرة في مجلس العموم باب المحادثات، ولكن وزير الخارجية البريطانية بعث برسالة شخصية ينفي فيها أنه أغلق باب المحادثات، ويقول: إنه على العكس يبحث على وجه الاستعجال مشروعا جديدا لعلاج مسائل الدفاع، فرددت عليه مبينا الأسباب التي من أجلها اعتبرت الحكومة المصرية أن خطابه في مجلس العموم البريطاني أغلق باب المحادثات، وأضفت أن جلاء القوات البريطانية ليس إلا شطر القضية المصرية، وأن هناك الشطر الآخر وهو وحدة مصر والسودان تحت التاج المصري، وأن الشطرين كل لا يتجزأ ...
Halaman tidak diketahui