Inggeris dan Terusan Suez: 1854-1951
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Genre-genre
وعلى ذلك مرت الحرب الطرابلسية دون أن تقوم إيطاليا باعتداء على مصر أو القناة.
وقبل قيام الحرب الطرابلسية أثارت شركة قاة السويس في سنة 1909 موضوع مد الامتياز الممنوح لشركة القناة، ورأت الحكومة البريطانية من جانبها ألا تتدخل في هذا الموضوع، ولذا حين أثيرت هذه المسألة في البرلمان الإنجليزي في نوفمبر سنة 1909 لم يرد جراي وزير الخارجية البريطانية أن يدلي برأي في الموضوع، واقتصر على أن قال: إن الأمر معروض على مصر لإبداء رأيها فيه. ولكن يظهر أن المعتمد البريطاني في مصر سير إلدن جورست كان أكثر حماسة من حكومته لمد الامتياز، فلقد اعتقد أن مد الامتياز يهم حاضر المصريين ومستقبلهم، ولكن حكومته لم تشجعه على تأييد ذلك المشروع تأييدا عمليا، وعرض المشروع على مصر في 9 فبراير سنة 1910 فرفضته.
فلم تتخذ الحكومة البريطانية موقفا معينا، بل بالعكس فإنها لم تحزن لرفض مصر له، إذ لما أثير ذلك الموضوع في مجلس العموم البريطاني، ذكر بعض النواب الإنجليز أن مستقبل القناة يهم إنجلترا كما يهم مصر، وسأل بعض النواب الآخرين عن التدابير التي اتخذتها الحكومة البريطانية لحماية مصالح البريطانيين المالية والتجارية في قناة السويس بعد أن رفضت مصر مشروع المد، أجاب لورد جراي بأن هذا أمر يتعلق بالحكومة المصرية وبشركة القناة، وأن بريطانيا لا يجب أن تؤيد المد قبل أن تستشير مصالحها الخاصة، فيجب أن تعرف أولا رأي الأعضاء الإنجليز في مجلس إدارة الشركة، وتعرف رأي الخزانة البريطانية ورأي وزارة التجارة.
ويظهر أن أصحاب السفن في بريطانيا لم يكونوا يهتمون كثيرا بمسألة مد الامتياز الممنوح لشركة القناة، وكذلك الحكومة البريطانية، وحين قامت الحرب الكبري الأولى، وانضمت الدولة العثمانية إلى جانب ألمانيا والدول الوسطى الأوربية، أعلنت الحكومة البريطانية في أواخر سنة 1914 زوال السيادة التركية وقيام الحماية البريطانية، وأصبح بذلك إشرافها تاما على القناة بالرغم من أن هذا الإعلان جاء من جانب واحد لم توافق عليه بطبيعة الحال تركيا ولا أصدقاؤها، ولا مصر.
وراعت إنجلترا مصالح البريطانيين، هم وحلفاؤهم قبل كل شيء، ولم يعد لمعاهدة سنة 1888 خلال أزمة الحرب الكبرى الأولى وجود حقيقي، فلم ينفذ من قراراتها إلا ما كان في صالح الحلفاء، فلم تراع إنجلترا فيها حرية المرور، وقبضت على السفن المعادية في مياهها بحجة أن هذه السفن تنوي القيام بأعمال عدوانية في القناة أو تعمل على عرقلة حرية الملاحة فيها.
وقررت الحكومة البريطانية كذلك اتخاذ القناة خط دفاع من الناحية الشرقية، فتحولت بذلك القناة إلى منطقة عسكرية وموضع عمليات حربية، ومنع مرور السفن المعادية فيها، ووضع نظام خاص للقناة يكفل مصالح الحلفاء، قسمت القناة إلى ثلاثة أجزاء لتنظيم الدفاع عنها، وجعل مركز القوات المدافعة في الإسماعيلية، ووضعت في القناة سفن حربية بريطانية وفرنسية لتساهم في الدفاع، ووضعت شركة القناة ما لديها من سفن ومعدات وأدوات ومهندسين وعمال في خدمة الدفاع، وعاونت الحكومة المصرية بكل ما تستطيع من قوة وموارد، وقامت باتخاذ الاحتياطات لمنع أي تلف يلحق بالقناة، وقامت قوات الهجانة بحراسة شواطئ القناة.
ولقد قام الأتراك والألمان بقيادة جمال باشا بمهاجمة القناة، ونشبت بالفعل معارك بينهم وبين الإنجليز والفرنسيين انتهت بانهزام الأتراك وانسحابهم من منطقة القناة، وكان يظن أن الأتراك سيعودون إلى الهجوم على القناة، إذا خف الضغط عليهم، بعد أن فشل الحلفاء فشلا تاما في الاستيلاء على الدردنيل، على أن الأتراك لم يقوموا بذلك الهجوم، ومع ذلك ظلت القناة مركز العمليات الحربية في شرقي مصر، وظلت كذلك إلى أن عين الجنرال أللنبي في يونيو سنة 1917 وتقدم الإنجليز إلى العريش وقاموا هم بالهجوم، وطهروا شبه جزيرة سينا، فحينئذ انتهى الخطر التركي على القناة.
وحين انتهت الحرب نصت مادة 152 في معاهدة فرساي على تحويل سلطة الأتراك في حماية القناة إلى إنجلترا، وأكدت نصوص معاهدة سنة 1888، وعادت إلى السريان من جديد .
خرجت بريطانيا من هذه الحرب قوية المركز مهيبة الجانب في الشرق الأدنى جميعه، فلقد سيطرت على كل المناطق المشرفة على القناة والمحيطة بها، واعترفت بحمايتها على مصر الدول المنتصرة والدول المنهزمة على السواء، وانتدبت لفلسطين، وشرق الأردن.
وفي تصريح 28 فبراير سنة 1922 أعلنت إنجلترا من جانبها انتهاء الحماية البريطانية على مصر، واعترفت باستقلال مصر مقيدا بالتحفظات الأربعة، ويهمنا في هذا المكان التحفظ الخاص بالمواصلات البريطانية، وكانت الحكومة الإنجليزية على اختلاف ألوانها ترى أن القناة هي الحلقة المهمة في هذه المواصلات الإمبراطورية، فكأن إنجلترا في هذا التحفظ قد احتفظت لنفسها بحق حماية قناة السويس وحرية المرور فيها، والدفاع عنها، إذا قام عليها اعتداء من أية ناحية، على أنه يجب ألا ننسى هنا أن إنجلترا كانت تربط مسألة القناة دائما بمسألة مصر، ففي ذلك الوقت كانت إنجلترا تعتقد أن مصر كلها بما فيها قناة السويس حلقة في خطوط المواصلات الإمبراطورية يجب على إنجلترا حمايتها والدفاع عنها ضد كل اعتداء، ولذلك احتفظت لنفسها بحق الدفاع عن مصر.
Halaman tidak diketahui