الإله الذي أطلق عليه الرومان «الإله الأفضل» كان طيبا جدا، وعظيما جدا، ولم يعرف عنه أنه شجع كلوديوس على النوم مع زوجة قيصر، أو قيصر على اللواط مع الملك نيكوميديس.
لا يقول شيشرون إن ميركوري حرض فيريس على سرقة صقلية، على الرغم من أن ميركوري في الأسطورة سرق بقرات أبولو. كانت الديانة الحقيقية للقدماء أن جوبيتر «الطيب جدا والعادل جدا» والآلهة الثانويين عاقبوا شهود الزور في الجحيم. بالمثل، ظل الرومان لوقت طويل هم أكثر المتدينين برا بالأيمان؛ ومن ثم كان الدين مفيدا للغاية للرومان. لم يكن هناك أمر بالإيمان ببيضتي ليدا، وبتحول ابنة إيناخوس إلى بقرة، وبحب أبولو لهياسينثوس.
لذلك، يجب على المرء ألا يقول إن ديانة نوما قد دنست الربوبية. وهكذا نجد أن الناس كانوا يتنازعون على وهم، وكثيرا ما حدث هذا.
السؤال إذا هو: هل يمكن أن توجد أمة من الملحدين؟ يبدو لي أنه يجب على المرء أن يميز بين ما يطلق عليه أمة وبين مجتمع فلاسفة فوق الأمة. صحيح تماما أنه في كل بلد يحتاج العوام لأشد شكيمة، وأنه لو كان لدى بايل فقط خمسمائة فلاح أو ستمائة ليحكمهم، فإنه لم يكن ليعجز عن أن يعلن لهم وجود الله المثيب والمعاقب. لكن بايل لم يكن ليتكلم عنه لأتباع إبيقور الذين كانوا أغنياء جدا، مولعين بالراحة، ويرعون كل الفضائل الاجتماعية، وعلى رأسها الصداقة، هربا من حرج الشئون العامة وخطرها. قصارى القول أنهم كانوا يحيون حياة مريحة وبسيطة. يبدو لي أنه بهذه الطريقة قد حسم الجدال فيما يخص المجتمع والسياسة.
أما الأجناس الهمجية بأسرها، فقد قيل إنه لا يمكن للمرء أن يعدهم بين الملاحدة أو المؤمنين. يشبه سؤالهم عن عقيدتهم سؤالهم عما إن كانوا يؤيدون أرسطو أم ديموقريطس، بينما هم لا يعلمون شيئا عن هذا أو ذاك. هم ليسوا ملحدين بأكثر من كونهم «مشائين».
في هذه الحالة سأجيب بأن الذئاب تعيش هكذا، وأن جماعة من أكلة لحوم البشر المتوحشين - كما تظنهم - ليست مجتمعا. ويجب أن أسألك دائما: حينما تقرض نقودك شخصا في مجتمعك، ألا تريد أن يؤمن مدينك ومحاميك وقاضيك بالله؟ (1-2) عن الملاحدة الجدد؛ أدلة عباد الله
نحن كائنات ذكية؛ والكائنات الذكية لا يمكن أن يخلقها كائن خام، أعمى، غير عاقل. ثمة اختلافات، قطعا، بين أفكار نيوتن وبين روث بغل؛ لذلك فإن ذكاء نيوتن أتى من ذكاء آخر.
حينما نرى آلة جميلة، نقول إن هناك مهندسا جيدا، وإن ذلك المهندس يتمتع بحكم ممتاز. العالم بالتأكيد آلة مثيرة للإعجاب؛ ولذلك يوجد في العالم ذكاء مثير للإعجاب، أينما يكن. هذه الحجة قديمة، ولا بأس في ذلك.
كل الأجسام الحية تتكون من تروس وأذرع، تؤدي وظائفها طبقا لقوانين الميكانيكا؛ ومن سوائل تجعلها قوانين الهيدروستاتيكا تدور على الدوام؛ وحينما يفكر المرء أن كل هذه الكائنات لديها إدراك لا يرتبط بنظامها العضوي، تغمر المرء الدهشة.
تعمل حركة الأجرام السماوية وحركة أرضنا الصغيرة حول الشمس، جميعها، وفقا لأعقد قانون رياضي. كيف حظي أفلاطون الذي لم يكن على دراية بأي من تلك القوانين؛ أفلاطون الفصيح، وإن يكن واهما، الذي قال إن الأرض قائمة على مثلث متساوي الأضلاع، والماء عند مثلث قائم الزاوية؛ أفلاطون الغريب الذي قال إنه لا يمكن أن يكون هناك أكثر من خمسة عوالم؛ لأنه لا يوجد سوى خمسة أجسام منتظمة، أقول كيف حظي أفلاطون الذي لم يكن يعلم حتى حساب المثلثات الكروية مع ذلك بعبقرية راقية بما يكفي، وغريزة محظوظة بما يكفي لأن يدعو الله «المهندس الأبدي» وأن يشعر بوجود ذكاء مبدع؟ يعترف اسبينوزا نفسه بذلك؛ فمن المستحيل أن نتهرب من تلك الحقيقة التي تحيط بنا وتضغط علينا من كل الاتجاهات. (1-3) أدلة الملاحدة
Halaman tidak diketahui