Kamus Mu'hit
القاموس المحيط
Editor
مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة
Penerbit
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
Edisi
الثامنة
Tahun Penerbitan
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
Lokasi Penerbit
بيروت - لبنان
وَسَاحَ النَّعَامُ الْقَادِي [المسرع]، وَصَاحَ بِالْأَنْغَامِ
الْحَادِي، وَرَشَفَتِ الطُّفَاوَةُ [الشمس] رُضَابَ الطَّلِّ مِنْ كِظَامِ [أفواه] الْجُلِّ وَالْجَادِي.
وَبَعْدُ، فَإِنَّ لِلْعِلْمِ رِيَاضًا وَحِيَاضًا، وَخَمَائِلَ وَغِيَاضًا، وَطَرَائِقَ وَشِعَابًا، وَشَوَاهِقَ وَهِضَابًا. يَتَفَرَّعُ عَنْ كُلِّ أَصْلٍ مِنْهُ أَفْنَانٌ وَفُنُونٌ، وَيَنْشَقُّ عَنْ كُلِّ دَوْحَةٍ مِنْهُ خِيطَانٌ وَغُصُونٌ، وَإِنَّ عِلْمَ اللُّغَةِ هُوَ الْكَافِلُ بِإِبْرَازِ أَسْرَارِ الْجَمِيعِ، الْحَافِلُ بِمَا يَتَضَلَّعُ مِنْهُ الْقَاحِلُ [الضعيف] وَالْكَاهِلُ [القويّ]، وَالْفَاقِعُ [الغلام الناهض] وَالرَّضِيعُ، وَإِنَّ بَيَانَ الشَّرِيعَةِ لَمَّا كَانَ مَصْدَرُهُ عَنْ لِسَانِ الْعَرَبِ، وَكَانَ الْعَمَلُ بِمُوجَبِهِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِإِحْكَامِ الْعِلْمِ بِمُقَدَّمَتِهِ، وَجَبَ عَلَى رُوَّامِ الْعِلْمِ وَطُلَّابِ الْأَثَرِ، أَنْ يَجْعَلُوا عُظْمَ اجْتِهَادِهِمْ وَاعْتِمَادِهِمْ، وَأَنْ يَصْرِفُوا جُلَّ عِنَايَتِهِمْ فِي ارْتِيَادِهِمْ إِلَى عِلْمِ اللُّغَةِ وَالْمَعْرِفَةِ بِوُجُوهِهَا، وَالْوُقُوفِ عَلَى مُثُلِهَا وَرُسُومِهَا. وَقَدْ عُنِيَ بِهِ مِنَ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ فِي كُلِّ عَصْرٍ عِصَابَةٌ، هُمْ أَهْلُ الْإِصَابَةِ، أَحْرَزُوا دَقَائِقَهُ، وَأَبْرَزُوا حَقَائِقَهُ، وَعَمَرُوا دِمَنَهُ، وَفَرَعُوا قُنَنَهُ، وَقَنَصُوا شَوَارِدَهُ، وَنَظَمُوا قَلَائِدَهُ، وَأَرْهَفُوا مَخَاذِمَ [سيوف] الْبَرَاعَةِ، وَأَرْعَفُوا [استنزفوا] مَخَاطِمَ [أنوف] الْيَرَاعَةِ [القلم]، فَأَلَّفُوا وَأَفَادُوا، وَصَنَّفُوا وَأَجَادُوا، وَبَلَغُوا مِنَ الْمَقَاصِدِ قَاصِيَتَهَا، وَمَلَكُوا مِنَ الْمَحَاسِنِ نَاصِيَتَهَا، جَزَاهُمُ اللَّهُ رِضْوَانَهُ، وَأَحَلَّهُمْ مِنْ رِيَاضِ الْقُدْسِ مِيطَانَهُ [جبل بالمدينة].
هَذَا، وَإِنِّي قَدْ نَبَغْتُ فِي هَذَا الْفَنِّ قَدِيمًا، وَصَبَغْتُ بِهِ أَدِيمًا، وَلَمْ أَزَلْ فِي خِدْمَتِهِ مُسْتَدِيمًا، وَكُنْتُ بُرْهَةً مِنَ الدَّهْرِ أَلْتَمِسُ كِتَابًا جَامِعًا بَسِيطًا، وَمُصَنَّفًا عَلَى الْفُصَحِ وَالشَّوَارِدِ مُحِيطًا، وَلَمَّا أَعْيَانِي الطَّلَابُ، شَرَعْتُ فِي كِتَابِي الْمَوْسُومِ بِ " اللَّامِعِ الْمُعْلَمِ الْعُجَابِ، الْجَامِعِ بَيْنَ الْمُحْكَمِ وَالْعُبَابِ "، فَهُمَا غُرَّتَا الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَنَيِّرَا بَرَاقِعِ الْفَضْلِ
1 / 26