كتب «ثيرو» المقالة والرواية كما كتب أدب الرحلات، وكل ذلك من منظور الشخص الخارجي الذي ينظر إلى مادته عن بعد؛ وذلك نتيجة لأنه عاش حياة المغترب البعيد عن وطنه. وقد بدأ حياته عاملا مع «فرق السلام» التي أنشأها «جون كيندي». وحين كان يدرس اللغة الإنجليزية في دولة «مالاوي» الأفريقية، جرى اتهامه بالتجسس نتيجة علاقته بقادة سياسيين في المعارضة، فطرد من «فرق السلام». ولكنه عاد رغم ذلك إلى «أوغندا» للتدريس في جامعة «مكريري» هناك هو وزوجته. وصادق هناك الكاتب «ف. س. نايبول» الذي كان هو ذاته يعتبر نفسه مغتربا عن بلاده «ترينيداد». وبعد أن انتقل «ثيرو» للعمل في سنغافورة أصدر ثلاث روايات ذات خلفية أفريقية، منها «محبو الغابة» (1971م). وبعد أن ترك منصبه كمدرس في جامعة سنغافورة ورحل مع أسرته إلى إنجلترا، أصدر روايته «سان جاك»، عن مغتربين في سنغافورة يتقلبون في حياتهم القلقة هناك. ومن رواياته التالية: «البيت الأسود» (1974م) عن عالم في الأنثروبولوجي يعود من أفريقيا إلى بلده الأصلي إنجلترا ويجد أنها أكثر غرابة من البلد الأفريقي الذي توفر على دراسته. «تاريخي السري» (1989م) عن المغامرات والإحباطات الغرامية لكاتب رحالة. وتوالت بعد ذلك رواياته بغزارة ملحوظة حتى اليوم.
ومن مجاميع قصصه القصيرة: «سفارة لندن» (1982م). وكتب الكثير من المؤلفات عن رحلاته العديدة، بالقطار في آسيا، وفي الأمريكتين، والساحل الإنجليزي، وبولونيزيا. كما أصدر كتابا عن صديقه الروائي «نايبول»، والكثير من قصص الأطفال.
هنري ديفيد ثورو
THOREAU, Henry David (1817-1862م)
ولد في مدينة «كونكورد» بولاية ماساشوستس، وهي المدينة التي مثلت مركز حياته وكتاباته. كانت صداقته بالكاتب الأمريكي «إمرسون» ⋆
نقطة تحول في حياته، وتأثر بكتابه «الطبيعة»، فشاركه فلسفته التي أطلقا عليها «العلوية»
Transcendentalism ، ⋆
وهي ما يمكن أن يطلق عليه «المثالية الأمريكية» أو «الأفلاطونية الحديثة» أو «مذهب كانط الأمريكي».
أصدر «ثورو» عدة كتب هامة، قبل أن يصدر أهم كتبه «والدن»، وهو اسم بحيرة حيث عاش «ثورو» في كوخ يملكه «إمرسون» هناك سنتين متقطعتين، مجربا الحياة البدائية البسيطة سعيا وراء اكتشاف جوهر الحياة الحقيقي. وقد حققت له هذه التجربة ارتباطا وثيقا بالطبيعة. وفي أثناء إقامته هناك، كتب كتابيه الأولين، ومقاله الهام «العصيان المدني» (نشر المقال بعنوان «مقاومة الحكومة المدنية» عام 1849م، ولكنه أصبح يعرف باسم «العصيان المدني»). وقد تأثر قادة كثيرون بهذا المقال، منهم «غاندي» و«مارتن لوثر كنج». وقد طبق «ثورو» نظرته تلك في العصيان المدني بامتناعه عن دفع ضرائبه، فاعتقل وسجن يوما واحدا؛ إذ إن شخصا مجهولا سدد عنه الضرائب المطلوبة.
وقد كتب «ثورو» مسودة كتابه «والدن» حين كان يعيش إلى جوار البحيرة، وأصدره عام 1954م، والكتاب يصف تجربة لعيش الحياة في أبسط صورها، وتحقيق كل ما يريده المرء من حياته حسب خطة يضعها، دون أن يدع الظروف هي التي تحدد له نظام حياته، مطبقا نظرية «العلوية» في تنمية الذات وتثقيفها. ويستبين من بعض فصول الكتاب كيف أن «ثورو» يرى توازيا بين زراعة الأرض وتثقيف العقل، وهو ما يبين باستخدام الكلمة الإنجليزية
Halaman tidak diketahui