إذن، العرب متساهلون والأقليات مشاغبون. ولكن اللجنة تكتفي بما تقدم منها، فهي لا تستنتج شيئا، ولا تحكم بشيء. إنما تقول: «لا علاج عند اللجنة تقترحه.»
بيد أنها تثني على الحكومة القائمة على مبدأ التساهل والمساواة في المساعدات المالية لمدارس الأقليات، وفي إرسال طلاب منها ليكملوا دروسهم في أوروبا وأميركا، ثم تقول بعد ذلك: «لو أذنت الحكومة لتلك المدارس بأن تغير بعض التغيير في برنامج التعليم الرسمي، أو تضيف إليه ما تراه لازما لحفظ تقاليدها، ومتناسبا ومحيطها، لأحسنت عملا، ولكان تساهلها كل ما هو منتظر أو مطلوب.»
هذا الاقتراح تبديه في شيء من التحفظ والحذر، ثم تستجمع شتات الحزم والجرأة لتقول إن برنامج الحكومة مثقل بالمواضيع، وإنه من الخطأ - نظرا وعملا - أن يزاد بثقله. إذن، لا يجوز لمدارس الأقليات أن تضيف شيئا إليه. هي ذي النتيجة المنطقية. ولكن اللجنة ترى أن تخفض الحكومة البرنامج الرسمي - تسقط من مواضيعه - لتمكن الأقليات من إضافة ما تريده إليه! وبعد أن تطلب هذه الامتيازات لمدارس الأقليات تحذر من المحاباة في امتحانات الحكومة، وتنصح بالمساواة في الامتحان والتعيين بين خريجي هذه المدارس والمدارس الرسمية.
بهذه الخطوات البطيئة الخفيفة الوقع تتقدم اللجنة إلى غرضها الأكبر، فتفلت الهر من الكيس، كما يقول الإنكليز. فاسمعي، يا حكومة العراق: «إذا كانت الأقليات أو الإرساليات الأجنبية الدينية - المسيحية طبعا - تريد أن تنشئ مدارس مستقلة، فلا تطلب الامتيازات لا لها ولا لخريجيها، فلسنا نرى ما يوجب رفض طلبها.»
هذه الكلمات تعود بنا إلى الفصل السابق، وفيه رأي السر آرنلد ولسون أن العراق يحتاج إلى خميرة مسيحية، وإلا فهو ليس آهلا للحرية والاستقلال. فاللجنة تتفق والسر آرنلد. إن لم يكن صراحة فضمنا. أجل، إن الأميركيين مثل الإنكليز من هذا القبيل. أو أنهم يجاملون الإنكليز، فقد يكون أعضاء «لجنة الكشف التعليمي» دروينيين أو لا أدريين في بلادهم، ولكنهم - في هذا الشرق - مسيحيون.
أول ما يراه الأستاذ ساطع الحصري في التقرير هو أن معلومات اللجنة ناقصة مشوهة، وأن كشفها سطحي، فجاءت بكثير من الاستنتاجات المخطئة، والأحكام الجائرة، والاقتراحات الفاسدة؛ ولذلك أسباب هي على الإجمال:
الوقت الذي قضته اللجنة في الكشف كان قصيرا.
الجو الرسمي الذي أحاط بها كان مفعما بالتحيز.
الزيارات السريعة، الشبيهة برحلات السياح، لبعض المناطق.
إغفال اللجنة التقارير التي أصدرتها مديرية المعارف، أو حبس المديرية هذه الوثائق الرسمية عن اللجنة.
Halaman tidak diketahui