وإذا حننت إلى الوطن وأردت الرجوع إلى قومك وأهلك، فصلاح الدين يتوسط أمرك عند مولاك فيعفو عنك ويرفع شأنك.»
فتنفس الأمير الصعداء وقال للحكيم: «لو لم تكن قد شفيت خادمي والملك ريكارد من مرضهما لأوردتك حتفك حيث أنت واقف، ولكني جزاء لمعروفك أنصحك أن تخبر من يتجاسر على عرض هذا الأمير على الملك ريكارد أن يلبس خوذة لا تفعل بها فأسه التي شقت بها باب عكاء بضربة واحدة.»
فقال الحكيم: «أراك مصرا على عنادك وعازما على تسليم نفسك للقدر المحتوم، ولكن اعلم أن شريعتنا وشريعتكم تبيحان للإنسان أن يفر من القضاء ويسعى إلى النجاة.»
فقال الفارس: «معاذ الله أن أفر من العقاب الذي أستحقه.» فقال الحكيم: «إذن أتركك إلى عنادك، وإذا أراد الله بقوم سوءا أعمى بصائرهم عن سبل النجاة.» قال ذلك وانصرف في طريقه وهو يهز رأسه. فوقف السر وليم وجعل يتأمل في كلام الحكيم وفيما سمعه من الأمير شيركوه والناسك الذي في عين جدي عن سعي الملوك في عقد الصلح، فانكشف له سر مكنون وقال: «الآن فهمت مراد هذا الناسك الخبيث بقوله: إن الرجل غير المؤمن يكتسب إلى الإيمان بامرأته المؤمنة. وإذا صدقني حزري فهو قد وصف الأميرة جوليا لصلاح الدين، ثم سعى في إتمام هذا الاقتران الذي يجب أن أمنعه ما دام في رمق من الحياة.» قال ذلك ورمى الخوذة عن رأسه وأسرع إلى خيمة الملك ريكارد.
الفصل الخامس عشر
ويوم حبست النفس عند عراكها
حفاظا على عوراته والتهدد
على موقف يخشى الفتى عنده الردى
متى تعترك فيه الفرائص ترعد
فإن مت فانعيني بما أنا أهله
Halaman tidak diketahui