354

Qahira

القاهرة: نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل

Genre-genre

كثرة استخدام آلات التنبيه في سيارات القاهرة سمة معروفة لدى السائقين لا يردعها رادع حتى الآن، فما بالنا لو تعطلت سيارة داخل النفق؟ لا شك في أن النفق سوف يتحول إلى زئير صوتي يصم الآذان عند حدوث عرقلة ما نتيجة تعطل سيارة أو بطئها. فهل يؤثر الزئير الناجم عن مئات آلات التنبيه على بنية النفق؟ وماذا عن التلوث السمعي القاتل في مثل هذه الأحوال؟ وتجربتنا في الجسور العلوية الحالية شاهد على ارتباك المرور عندما تتعطل سيارة فوق الكوبري وتحت نور الشمس، فما بالنا عند حدوث ذلك تحت ضوء الأنوار الكهربائية داخل النفق؟ (4)

مسار النفق يمر تحت أجزاء كثيرة من كتلة سكنية متهالكة البناء، فهل هناك حسابات لإخلاء هذه المساكن، وإسكان شاغليها في أماكن جديدة مناسبة، علما بأن الكثير من شاغلي هذه الأبنية عبارة عن ورش ومشاغل حرفية أو مخازن بضاعة، وكلها ضرورية لاستكمال مئات الأعمال التجارية التقليدية لهذا القلب التجاري الحقيقي للقاهرة؟ وهل ستتضرر أسس أبنية تراثية أثناء عمل النفق؟ (5)

الخلاصة أن حفر النفق ليس عملا تيسره التكنولوجيا فقط، وليس قرارا مساره عمل هندسي فقط، بل يجب أن تكون هناك لجنة من المهندسين والأثريين والاقتصاديين والجغرافيين ومخططي المدن والجيولوجيين ومخططي المرور ومنظميه والاجتماعيين والسلوكيين وأصحاب المصالح التجارية؛ لكي يأتي المشروع متكاملا قدر الإمكان قليل العيوب قليل الاعتراضات. ثم يأتي بعد ذلك القرار التنفيذي، وهكذا يصبح المشروع حضاريا بكل معنى هذه الكلمة السائدة الآن دون معنى حقيقي.

هذا من ناحية الأمان وسيولة المرور، لكن هناك نقطة أخرى مهمة يجب أن يحسب لها حساب، هي: ما هي كمية السيارات التي تعبر الآن شارع الأزهر في اتجاه الأوبرا بالنسبة لعدد السيارات المتجه إلى شارع الأزهر والطرق المتفرعة عنه؟ بالمشاهدة والتجربة نلاحظ أن النسبة الكبرى هي التي تقصد شارع الأزهر، بينما القلة هي التي تخترق الكوبري إلى الأوبرا، فالشارع شديد الازدحام من الدراسة إلى مطلع الكوبري، ويستمر الازدحام المروري إلى جوار الكوبري والقليل هو الذي يصعد الكوبري، ومثل هذا من الناحية الأخرى، فعلى الكوبري من الأوبرا إلى الغوري أقل من نصف الحركة المرورية التي تخترق العتبة إلى شارع الأزهر.

ذلك أن الناس في حاجة إلى شارع الأزهر بتجارته الواسعة ومخازنه وورشه الحرفية بطول الشارع الذي يكون عصب الحركة إلى اتجاهات كثيرة في شارع المعز والصاغة وخان الخليلي والجمالية شمالا، والغورية والعطارين والسكرية جنوبا وعشرات الدروب التي تتفرع عنها. كذلك يحتاج الناس إلى شارع الأزهر للدخول إلى تقاطع شارع بورسعيد الذي يقود إلى أسواق الجملة عند بين الصورين وجامع البنات والسكة الجديدة والموسكي. والقليل يصعد تفريعة الكوبري إلى باب الخلق. وأخيرا هناك المصب النهائي لشارع الأزهر في العتبة التي تقود إلى مجموعة أسواق أخرى مثل سوق الكهرباء خلف المطافئ، ومنطقة البواكي المؤدية إلى ميدان صيدناوي وشارع كلوت بك وميدان الخازندار، وكلها أسواق متخصصة.

فإذا أغلقنا شارع الأزهر أمام حركة السيارات، وفتحنا نفقا إلى الأوبرا فإن ذلك الإجراء لا يحل سوى مشكلة العابرين من صلاح سالم إلى الأوبرا وبالعكس فقط، بينما يسلب العمود الفقري للحركة الجارية التي تقدر قيمتها بالملايين أو المليارات!

فكيف إذن نحل مشكلة شارع الأزهر؟

أولا:

لا توجد حلول جاهزة التنفيذ الفوري. فنحن هنا بصدد تراكمات قلب القاهرة العملاقة لأكثر من ألف عام، ومن الصعب تصور حل هذه التراكمات على مدى عام أو عامين، فالأمر في مثل هذه المواضع ذات القيمة التاريخية والاقتصادية يحتاج إلى مخطط رئيسي نلتزم شعبا وحكومة بتنفيذه مرحليا، وأن يكون من المرونة بحيث يمكن تعديله بناء على أرض الواقع فيما عدا خطوط يجب الالتزام بها على أي الحالات، ومنها على الأخص خطوط التنظيم وارتفاعات المباني.

ثانيا:

Halaman tidak diketahui