Qahira
القاهرة: نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل
Genre-genre
وكذلك أقام المماليك دورا لرعاية المكفوفين وأخرى للأيتام. وكل هذه المؤسسات تحتاج إلى ميزانية كبيرة كانت تدبر بإنشاء وقفيات أميرية وأهلية للإنفاق عليها. ويذكر العالم «جومار»
47
من علماء الحملة الفرنسية أن إعانات المستشفيات ودور المكفوفين والأيتام وطلبة الأزهر قد بلغت 154 ألف أردب شعير - ربما يقصد حبوب طحين الخبز - وكمية أخرى من الأرز والعسل من الميري عام 1798، فضلا عن مرتبات للدراويش والمعوقين والأرامل يذكرها بالفرنك آنذاك، ولضخامة المبالغ فقد كان هناك عشرة «أفندية» يقومون بحساب المعاشات والنفقات المذكورة باعتبارها مصروفات عامة.
وفي عهد محمد علي دخل ميدان الصحة تدريس الطب؛ بإنشاء مدرسة للطب تنقلت في أماكن مختلفة قبل أن تستقر في قصر العيني، وتلاه بطبيعة الحال منشآت صحية أخرى ظلت تنمو وتتخصص في العهود التالية. ويكتب علي مبارك أن بالقاهرة في 1882 خمس مستشفيات على رأسها قصر العيني المجهز ب 1150 سريرا، ومستشفى الأمراض العقلية في العباسية، ومستشفى أوروبي في العباسية، وآخر في حي الإسماعيلية، والخامس مستشفى اليهود في حارة اليهود.
وكانت الأجزاخانات - الصيدليات - مرتبطة بالمارستان أو المستشفى، وما زال ببعض المستشفيات أجزاخانة خاصة يسميها علي مبارك: الأجزاخانة الميري، مثل: قصر العيني، ولكن منذ فترة محمد علي انتشر نمط الأجزاخانة الخاصة، وأصبح عددها في 1883 أربعة وأربعون أجزاخانة، 19 منها في وسط البلد - كلوت بك والعتبة والموسكي - والباقي موزعة على الأحياء الأخرى من المدينة.
الحمامات العامة
الحمامات جزء مهم من الصحة العامة، وضرورة في البلاد الحارة، ويذكر المقريزي أن بالقاهرة 45 حماما؛ منها 12 في العصر الفاطمي، وستة حمامات في العصر الأيوبي، و22 في عصر المماليك. وقد أحصى جومار مائة حمام عام بالقاهرة وإن كان قد عد 91 منهم فقط، موزعة على أحياء القاهرة المختلفة، نقصت إلى 55 حماما في أواخر ق19؛ وذلك نظرا لوصول مياه المواسير لبعض الأحياء، وبالتالي وجود الحمامات الخاصة داخل البيوت كنمط جديد سهل التداول. وهذا لا ينفي وجود الحمامات الخاصة داخل البيوت الكبيرة في كل العصور.
وهناك حمامات متخصصة للرجال أو النساء، لكن هناك أيضا حمامات يتبادل فيها الجنسين أيام أو ساعات العمل، وغالب الحمامات تستخدم البخار، وبها مغطس مياه ساخنة. وتضم بعض الحمامات الفاخرة متخصصين في التدليك وتليين المفاصل، وهو ما يستدعي فترة طويلة يرتاح فيها الزبائن بعد أنواع «المساج» المتعددة في غرف مؤثثة مع تقديم القهوة كشراب منشط، ومثل هذا قريب الشبه بالمؤسسات الصحية الدارجة حاليا باسم: «نوادي الصحة». وبطبيعة الحال فإن مثل هذه الحمامات يؤمها الأغنياء فقط، وتستغرق طقوسها بضع ساعات تماما كما هو الحال الآن، ولكن غالبية الحمامات الأخرى لا تقدم إلا المغطس، وتدليك سريع يقوم به «المكيساتي» بقفاز - كيس - خشن لإزالة العرق وتفتيح المسام.
الأسبلة والكتاتيب
في القاهرة ذات متوسط الحرارة العالي معظم السنة يحتاج الأمر إلى إقامة أسبلة - جمع سبيل - لتقديم الماء مجانا للسابلة العطشى، والغالب أنها «سبيل ماء لله»، ومن ثم انتشرت إقامتها بين القادرين من الناس والأمراء. وواجهة السبيل غالبا يتفنن فيها صانع المشغولات المعدنية، وتعلم البناء، ووراءها في داخل البناء حوض كبير يختزن فيه الماء، وفي آخر القرن 18 كان بالقاهرة نحو 245 سبيلا، 64 منها ذات بناء فاخر، ونقص العدد إلى 200 سبيل في كتابات علي مبارك؛ أيضا نتيجة تمديدات المياه الجديدة في الأنابيب.
Halaman tidak diketahui