Qahira
القاهرة: نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل
Genre-genre
ولعل قوة العلماء لا ترجع فقط إلى قدرهم العلمي في الأزهر الشريف، بل أيضا إلى حصولهم على ما كان يعرف باسم: «مسموح المشايخ»؛ أي إعفاء أراضيهم وممتلكاتهم من الضرائب، وهو ما كان يعطيهم قوة مالية استفاد بعضهم منها في الحصول على المزيد من العقارات أو الاشتراك في أعمال تجارية. وبرغم أن هذا «المسموح» للعلماء والمماليك وبعض فئات أخرى كان جزءا من نظام عام معمول به، فإنه زاد من حمل الضرائب على الفلاحين، وزاد من تفتيت الولاءات في المجتمع المصري بصفة عامة.
التجار
ربما كان كبار تجار القاهرة من أغنى أغنياء المدينة. وهناك بعض أرقام اجتهدت في تحصيلها الأستاذة عفاف لطفي السيد - مارسو
43
عن ثروات بعضهم. فعند وفاة قاسم الشرايبي عام 1735 ترك ثروة قدرت بنحو 12,6 مليون باره وأسطولا من السفن التجارية وعددا كبيرا من المحلات والدكاكين والبيوت، وترك محمود محرم بعد نصف قرن ثروة قدرت بنحو 15,7 مليون باره. هذه الثروات الضخمة ناتج احتكار تجارة البن أو التوابل بالإضافة إلى نصيبهم من عملهم كملتزمين لأراض زراعية واسعة، وقد ترك محمود الشرايبي التزاما يدر سنويا مليون باره.
44
والأمر الواقع أن بعض المماليك والعلماء كان لهم نشاط تجاري احتكاري لبعض السلع، وخاصة السلع المنتجة في مصر كالأرز أو منتجات الصعيد كالقمح وغيره.
وحسب ما جاء في كتاب «وصف مصر» كانت بالقاهرة في آخر القرن 18 مؤسسات تجارية تصنف إلى عشر خانات - جمع خان - وهي كما جاء سابقا: أبنية متسعة مليئة بمحلات تجارية غالبها متخصص في سلع معينة، وكلها مركزة في القاهرة الفاطمية، وكان هناك 217 وكالة تجارية، 60٪ منها في القاهرة الفاطمية و13٪ في بولاق، وبعض هذه الوكالات متخصصة في سلع محددة كالصابون والزيت والمنسوجات والجلود والسلاح، والغالب أنه كان لبعض هذه الوكالات معامل وورش خاصة بها. وكذلك كان هناك 71 سوقا موزعة بتعادلية على أنحاء معمور القاهرة آنذاك. وهذه الأرقام تعطينا صورة عن النشاط التجاري داخل المدينة، وكم كان عدد التجار صغيرهم وكبيرهم، ولكنه لا يعطينا صورة عن كبار التجار الذين يتعاملون في التجارة الخارجية أو تجارة الترانزيت، وبعض هؤلاء كانوا يمتلكون أساطيل تجارية بحرية ونهرية؛ أي إنه كان هناك نوع من التكاملية بين التجارة والنقل والتوزيع معا، مما ترتب عليه الثراء المدهش لهؤلاء الكبار.
لكن الصورة اختلفت منذ عصر محمد علي، وأصبحت الدولة هي المنظم الأساسي للتجارة الخارجية. لكن بقي للتجار وأصحاب الدكاكين أهميتهم في السوق الداخلي، وبخاصة في أسواق القاهرة الغذائية، واحتياجاتها من الصناعات الحرفية، وربما عدنا إلى تفصيل ذلك في الفصول التالية.
الاقتصاد والسياسة
Halaman tidak diketahui